لا أعلم جزماً، هل الحياة ازدادت تعقيداً أم أننا عندما نكبر تظهر لنا تعقيدات كانت موجودة من الأزل غير أننا بحكم العمر والتجربة الصغيرة لم نكن لندركها؟ أم أن التطور العلمي والتقني الذي لف كل شيء حولنا زاد تعقيدات النفس البشرية؟ 
من البدهي أن تكون الإجابة نعم، فكلما زادت الأدوات التي يتعامل معها الإنسان وزاد حضورها في يومه، عظم تأثيرها فيه وقدرتها على تغير طبيعته. وعلى الرغم من حقيقة ذلك يبقى استيعابنا نحن ممن دخلت تلك التقنيات حياتنا بالتدرج مختلفة عن ذاك الجيل الذي نشأ وهو يتعامل معها منذ الصغر، مما يجعل ما نراه تعقيداً قد يكون في غاية البساطة والوضوح لدى ذاك الجيل. ومن المهم توضيح أن ما أعنيه بالتعقيد هنا ليس في استخدام هذه الأدوات إنما في وقع استخدامها على النفس.
«علم النفس السيبراني» Cyberpsychology تخصص علمي يُعنى بدراسة التفاعل بين الإنسان وبيئات الإنترنت في الفضاء الإلكتروني، فيحاول سبر العقل البشري في تفاعله مع التكنولوجيا ومعرفة كل الظواهر الناتجة عن ذلك وتأثيرها على سلوك الفرد والجماعة. مع اتساع هذا المجال وتشعبه، وزيادة تعقيداته كل يوم مع تعدد الأدوات التكنولوجية وفسحة المنصات الافتراضية، كانت النفس الإنسانية المتضرر الأكبر. فغالباً وبسبب تلك التعقيدات ما تصبح النفس عاجزة عن تحديد ما يجب القيام به فقط، بل ما عليها الشعور به، وهذا أشد صعوبة وخطورة.
أواجه بنفسي هذه المشاعر باستمرار أثناء تعاملي مع العالم الافتراضي، حتى إنها انسحبت على العالم الحقيقي بسبب تداخل كليهما في واقعنا، فأجدني عاجزة تماماً عن تحديد موقف تجاه أمر ما فتتنازعني مشاعر متناقضة تجاهها، مشاعر متضادة في أحيان كثيرة، مزعجة كثيراً بل ومؤلمة أحياناً. وعادةً ما أسمع صوتاً في رأسي يستخف بكل ذلك المخزون الذي جمعته في رحلتي، والذي اعتقدت أني أمتلكته من الإدراك والقراءة والتجربة!