- للمجمع الثقافي وجهه ووهجه، ألقه وتألقه، عز الأمس وفرحه، ما زال هو رئة المدينة، نَفَسها وتنفسها، وما برح العاشقون له ينتظرون.. وينتظرون، المجمع ليس مجرد مكان، إنه ذاكرة وذكريات، وقامات كبيرة مرّت عليه وأمسيات.
- لماذا بريطانيا عظمى؟ هي في الحزن كبيرة، وفي انتصاراتها كبرى، وفي مقاومتها أعتى وأكبر، تلك هي الدول، وتلك هي الهوية الوطنية، الإرث والتقاليد، يتساوى عندها صندوق الهاتف الأحمر اللندني الذي وقف النواب تضامناً معه لكي لا يتغير لونه التقليدي، مثلما يتساوى ذلك الباب الخشبي لـ«10 داوننغ ستريت»، تتساوى الأمور، ولا يساوم عليها، الأمم تصنع أقدارها، والأبناء يصونونها، لذا وقف العالم يتابع ذلك النعش الملكي المسجي وفق التقاليد الإنجليزية الصارمة والدقيقة باحترام وتقدير، ودهشة لا تنقطع من كل ذلك الترتيب والتراتبية والسير وفق البروتوكولات الإنجليزية.
- من الأشياء التي لا تفهم، ولا يمكن لأي اقتصادي غربي لا عربي أن يشرحها وفق منطق وأرقام واضحة وجليّة، وتفسير الإجراءات المتبعة، المرابحة في «البنوك الإسلامية»، أي عملية معهم، ولو كانت بسيطة، يضعون لها رقماً ويقولون لك: سنشتري بالمبلغ الذي سيدون عليك «ألمونيوم»، ثم سنبيعه لطرف آخر، ثم سنشتري منه لك شحنة الألمونيوم بسعر أعلى، وبالتالي تصبح ضمن الـ «سيستم الإسلامي»، وحينما لا تفهم، وتحاول أن تقرّب المسألة لشيء في البيئة، قريباً لفهمك البسيط والريفي، ومحاولاً إفهام «الشايب» زائر البنك: الوالد.. يقولون الجماعة في «البنك الإسلامي»: إنهم سيشترون لك يلبة مزروعة بصل اليويف بـ18 ألف درهم، فيرد الشايب: بس يلبة بصل اليويف ما تساوي 18 ألف تومان، فتحاول أن تقول له: الوالد.. افترض.. افترض يعني أنها تساوي ذلك المبلغ بالدرهم، فلا تستقيم مع الشايب الأمور، فيلجمك: «لكنها يا ولدي ما تسوى ذيك الحجّيه، والخير أن نرد الغوازي المندوس القديم أو نحطها تحت الدَجّه»، فترتاح راحة ما بعدها راحة، وكأنك أزحت ثقلاً من حجر على الصدر.. بلا مرابحة بلا ألمونيوم، بلا بصل اليويف!
- ترا.. يا إخوان نص مشاكلنا في الحياة من التصوير بالـ«فلتر»، تشوفها من بعيد ما شاء الله، ما أغواها، كأنها قمر، ونجوم متساقطة على شعرها وكتفها، والعيون زيتونية اللون، وتقول هنا.. الدنيا، وحين تصبح جاداً، وناوياً على الخير، ويروح ذلك الـ«فلتر» وإذا الشيفة، شيفة ذيبة، ولا نجوم تتطاير على الرأس، غير نجوم الظهر اللي تشوفها، والوجه أغبر يميل إلى الأملح مع عدم وضوح في الرؤية، وإذا تلك المليحة المتلألئة بالنجوم وفصوص «شوارزوفيسكي» تشبه صديقك رشود الذي نسيته يلعب في الحارة الطينية قبل ظهور النفط!