عندما يرتقي الإبداع إلى هذا المستوى الذي قدمه لاعبو مانشسر سيتي أمام جارهم اليونايتد، تعجز الكلمات عن التعبير، ولو فرضنا وطلبنا لوحة مرسومة لما جرى في ملعب الاتحاد لعجز ليوناردو دافنشي عن رسمها.. ماذا صنع جوارديولا؟ ماذا صنعت إدارة مانشستر سيتي؟
الإجابة: «صنع الجميع فريقاً نجماً»، دخل دائرة برشلونة حين كان لعبه عزفاً مع جوارديولا، صنع الجميع فريقاً عبرت نجوميته حدود ملعب الاتحاد، وحدود إنجلترا، إلى قارات وبلاد.. نعم يمكن أن نرى موهبة فطرية ولاعباً نجماً، لكن الفريق النجم مسألة أخرى.
أثناء المباراة، كنت أتابع ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي، وأرى هذا الانبهار بالأداء الجماعي، وفي اليوم التالي اطلعت على درجات لاعبي السيتي، وعلى تقارير الصحف الإنجليزية المختلفة عن المباراة، وقد حصل هالاند على الدرجة النهائية (10/10) وكذلك فودين (10/10) ودي بروين (9/ 10).
 لقد بدأ الحديث بالفعل عن الآلة النرويجية هالاند وأنه بعد أن سجل 14 هدفاً في 8 مباريات قد يحقق رقماً قياسياً مرعباً إذا استمر على هذا المعدل حتى نهاية الموسم (78 هدفاً).. ربما في الأمر مبالغة، لكن هالاند بما فعله في المباراة، وبتسجيله «هاتريك» للمرة الثالثة على التوالي، يفتح باب المبالغات أمام المهارات.
وصف تين هاج ما جرى بأن لاعبيه سقطوا كأوراق الشجر أو البطاقات أمام ضغط السيتي، وأنهم فقدوا الثقة. والصحيح أن هذا المزيج بين المهارات الفردية والمهارات الجماعية هو ما أسقط أوراق اليونايتد. 
وانظر كيف يمرر دي بروين، إن تمريراته لزملائه تذهب إلى المستقبل، إلى المتر الذي سيكون زميله موجوداً به، قبل أن يذهب، انظر كيف يتحرك هالاند وفودين وجيريليش، وكيف يصنعون المساحات في الدفاعات بهذه التحركات، وانظر كيف قفز هالاند العملاق (194 سم) وضرب كرة برأسه مسجلاً، وضارباً حدود القدرة البدنية للاعب بهذا الحجم؟
أكثر من ساعة ونصف ساعة من اللعب الجماعي الممتع والمهارات الفردية الرائعة، فريق يدافع كله ويهاجم كله. هالاند عند صندوق فريقه حين يفقد الكرة، وعند صندوق اليونايتد عند امتلاك الكرة، تحدثت من قبل عن عودة رأس الحربة إلى الفرق الكبرى، وعن أسباب اختيار هالاند، فهو رأس حربة يملك الحلول داخل المنطقة، لكنه لا يقيم ولا يسكن في الصندوق كما كان الحال عند الرؤوس القديمة!
** الصحفي الإنجليزي بارني روني وصف ما حدث بما يلي: «يونايتد قابل خصوماً يلعبون كرة قدم رقمية عالية السرعة، بينما بدا هو بأنه يستعمل نسخة من الاتصال الهاتفي اليدوي، بقطعة من الخيوط بين علبتين».. (كنا نفعلها أيام الطفولة وهذه من عندي) !