جاهدت نفسي كثيراً لكي لا أكتب قبل صدور المجموعة القصصية، وبصراحة لم تفلح محاولات كبح رغبتي تلك. فأنا مجبولة على العجلة، لا أطيق الانتظار لأعلن عن فرحي. حسناً.. يكفي هذا التشويق، أخبركم اليوم عن صدور المجموعة القصصية (معادلة من الدرجة الأولى.. بمجهولين) عن اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، وهي أول أعمال الكاتبة الإماراتية (صديقتي) مها علي بوحليقة.
*
تكثر الأسباب التي تدفع الكاتب للكتابة، وأقصد هنا بالذات كتابة النص القصصي أو الروائي. يعبر الكثيرون حول دوافعهم، البعض يقول إنه يفعل ذلك ليتحرر من ما يعانيه، والبعض يرى لزوم ذلك كرسالة عليه أن يفعلها لتحقيق هدف يريد أن يوصله لمحيطه أو العالم. غير أن الأهم والأكثر حضوراً في مجمل ما يقولونه، رغبتهم في خلق عوالمهم الخاصة، عبر الذهاب بعيداً عن الواقع المعاش إلى عالم متخيل، قد يكون على وشك الحدوث أو حدث، أو عالم يجب استدعاؤه لفك شفراته، أو عالم نتمنى أن لا يحدث ولكنه قابل للحدوث الآن.. أو في أي مستقبل آخر، و«مها» في مجموعتها هذه تكتب لكل هذه الأسباب وإن لم تخُبر بذلك.
*
صحيح أن كثيراً من القصص جاءت بضمير المتكلم، غير أن الكاتبة عاشت بكتابتها تلك حيوات أخرى غير الحقيقية التي تعيشها، كقصة «أنا وسلمى» وقصة «معادلة بمجهولين» وقصة «أزمة قلبية» على سبيل المثال، وقد جذبتني قدرتها على رسم تلك الشخوص والعبث بتصرفاتهم ومصائرهم، والزج بالذات في منحنيات اختبار مشاعر لم تمر بها شخصياً، والنظر للحياة والأشياء بعيون تلك الشخوص المختلفة.
*
تحتوي المجموعة على خمس وعشرين قصة تتراوح ما بين القصيرة والمتوسطة، تكاد تعبق أغلبها بثقافتنا العربية، بمناقبها ومثالبها، كانت حاضرة حتى في تلك القصص التي كانت تشير إلى ثقافة الآخر وأحواله. وجاء عنوان المجموعة جامعاً لكمٍ لا نهائي من الفرضيات، كذلك الكم من المشاعر التي تثيرها القصص، فالمعادلات الرياضية بمجهولين تحتوى على عدد لا نهائى من الحلول، ما يجعلك أمام أفق شاسع من التأويلات والأحداث المتخيلة التي لم تذكرها الكاتبة في القصص ولكنها مكتوبة بين السطور. ليس هذا فحسب، فحتى في نهاياتها كان أغلبها مفتوحاً على احتمالات لا نهائية كحلول تلك المعادلة.