ما أحوج العالم اليوم إلى الكلمة، إنها إحدى الضرورات الكبرى، التي ينبغي للبشرية أن تركن لها وتثبتها في العقل مقابل هذا الجنون الهستيري الذي يؤجج الصراعات في كل مكان بسبب غياب (الكلمة)، وتفشي العناد والرغبة في إقصاء الآخر بالقوة. وبينما ترفع الإمارات شعار «كلمة للعالم» في معرض الشارقة الدولي للكتاب، وبينما يتم الاحتفاء بالمنتج الفكري والإبداعي، وبينما تُطلق في هذا المعرض المبادرات الثقافية الكبيرة، وتبنى الجسور بين مفكري ومبدعي العالم من أجل السلام، لا تزال أماكن كثيرة في العالم رهينة التباغض، وتغص في الصراعات الأيديولوجية والسياسية والعسكرية.  
على مدى التاريخ، كانت كلمة العقل هي التي تنتصر على جنون التناحر، والكلمة هي حضن السلام الوارف، ومن دونها لا يمكن للناس أن يشعروا بالسلام والأمان، وهي مفتاح كل الأبواب المغلقة. يكفي أن يجلس المتخاصمان ويتبادلا الكلمة كي يسود الصلح بينهما. ويكفي أن ينطق العاشق بكلمة القلب كي تتفتح له الوردة. ونحن ُ كبشر، علينا أن نبجّل هذا الكنز العظيم الذي اسمه (الكلمة) وأن نحتفي في كل لحظة بأننا أهلها وصنّاعها ومبدعوها. ولنا أن نفخر بأن الإمارات أصبحت اليوم مركز إشعاع عالمي للكلمة، ولدينا طوال العام مناشط تعزّز من حضور الفكر الإنساني في حياتنا أولها وأكبرها هو معرض الشارقة للكتاب الذي نعيش أجواء دورته الـ41 هذه الأيام، والذي استطاع أن يغذي العقول والقلوب بأعلى وأسمى القيم الأخلاقية والفكرية، واستمرار هذا الحدث الذي أصبح أكبر معرض عالمي للكتاب، هو نتيجة دأب وحرص وغرس صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي زرع في نفوسنا حب الكلمة.
تحل إيطاليا ضيف شرف على دورة هذا العام من المعرض، وهو جسر آخر يضاف إلى الجسور الكبيرة التي تأسست مع ثقافات ودول العالم خلال السنوات الماضية. والكلمة التي تقال في المعرض اليوم، أصبحت بكل اللغات، والفكر الذي يُطرح خلال الجلسات والنقاشات والمنتديات العميقة، هو فكر كوني متجاوز، ويقبله كل عقل وتستوعبه كل لغة، لأنه ينبع من الروح الإنسانية المشتركة والمتعطشة للفهم والوعي بأسباب ومستقبل وجودنا في هذا العالم.