ليس هناك من جارين يكادان يتطابقان ويتلازمان في كثير من تفاصيل حياتهما وثقافتهما وعاداتهما وتقاليدهما، مثل الإمارات وعُمان، ثمة طيبة وأصالة وكرم ووشائج رحم، وتفاصيل لا تُعد ولا تُحصى، في لغة الأمثال وفي الترحاب والمفردات المحكية الدارجة، هناك علاقات إنسانية عبر التاريخ الممتد، حكومات وأفراد وشعوب، نرى العُماني في أي مكان، فنستبشر بالفرح، وكأنه من أهل الدار، ويبتدئ هو بالسلام والسؤال، لا يمكنك أن تمر في أي منطقة، حتى لو في قرية صغيرة، وتستطيع أن تفلت من عزائمهم الكثيرة، وأتذكر صغيراً حين كنا في بعض الصيوف نقيظ في الباطنة وما جاورها، كان هذا الجار يعزمنا على الفطور، وجاره القريب على الغداء، وجاره ذو الجنب على العشاء، وهكذا ندور على بيوت تلك المناطق الذين يقدمون اليمين والحلفان، ولا نستطيع أن نتفكك من عزائمهم وأغلظ أيمانهم، ومن نعتذر منه، تجده يقدم ذبيحتك حيّة عند باب سكنك، هكذا هم على الدوام، وحين بدأ الشيخ زايد تأسيس المدارس وجلب المعلمين في الستينيات، ساوى بين طلبة أبوظبي وطلبة عُمان والإمارات الأخرى، فأمّن لهم السكن والدراسة المجانية في العين القريبة، في ذلك السكن المشهور في «حي قصيدة»، وحتى المدارس العسكرية النخبوية فتحها لهم، فكان لي زملاء كثر من مختلف مدن عُمان من الصفوف الابتدائية وحتى الدراسة الجامعية، وحين تخرجوا عملوا طيارين، وضباطاً في الجيش السلطاني، والشرطة السلطانية، وقضاة، ومهندسين، وفي الاتصالات، وبعضهم أصبحوا مشهورين في الرياضة والإعلام.

بالمقابل كان هناك مدرسون ومديرون ومدربون عسكريون من العُمانيين مروا على حياتي، ومثقفون ولاعبو كرة أصدقاء، ولعل عبدالله الطائي، الله يرحمه، ذلك المثقف والإعلامي العُماني الذي تولى مسؤوليات إعلامية عندنا حتى وصل لمرتبة وكيل وزارة، واحد من الذين لا ينساهم الناس ولا المكان عندنا.
هنا.. أنا أسجل انطباعات شخصية حول ما شهدت وعايشت من تلك العلاقة الأخوية المميزة، وصدقاً بعيداً عن كل شيء، لا يفرح للإمارات مثل العُماني، ولا يسعد لعُمان مثل الإماراتي، الله لا يغير علينا، ولا يبدل علينا حالنا إلى حال، فالمحبة والاحترام والتقدير والإيثار إن عمت بين الجيران، يصبحون أكثر من إخوة، وأقرب إلى الأهل، فرحهم يسعد قلوبنا، وحزنهم نتقاسمه سوية، والأهل الأولون في الإمارات وعُمان يعرفون هذا بعمق، ويدركونه بما يرى البصر، وتشهد به الناس، والأجيال الجديدة يلمسون ذاك الأمر، ويترجمونه بلغتهم العصرية المختلفة، لكنه لا يخرج من حيز الحب الكبير والود العميق، وأن ما يجمع الإمارات غير مجاورة الجغرافيا، وصلات التاريخ، حب الجار للجار، ومودة الأخ الذي لم تلده أمك، وتلك الطيبة التي يتميز بها الأهل في الإمارات وعُمان دوماً وأبداً.

يـا عقـيـد الهـجـــــن  وطـروشـه      لـي نشـدك الزيـن عـن حـالـي
قـل لـه الشاعــــر ركـــــب بـوشـــــه     ويــحــدي  بـالـركــب جـمـالــي
صاح طير عمان في عشوشه     راعـبــي الـعـيـن غـنــى لــــي
امرحت بي في وسـط  حوشـه     فــي نـعـيـم وبـــارد  الـظـلالـي
عنـد بـن حـامـــــد ويــا  عـوشــــــه     واستـووا لـي نــاس وأهـالـي
ريـت قيـظ الـعـرش مفـروشـــــه      بـالـكــرم والــزيــن  واقـبـالــي
شـربــــة مــا تنـضـح  الشـــوشــــه     شــربـــة كــالـــزل  بـالــزلالــي
بين فرض وغرســة جـشوشـه     بالـزْبـَد يـَبـْري مـــع  هـلالــي

لعُمان في عيدها.. أمنية الأخ للأخ، والصديق للصديق، والمحب للحبيب، والجار للجار، جعل الله أيامك كلها أعياداً، ولا حرمنا من محبتكم، وطيب جواركم.