تتحرك الأشياء حولنا بطريقة مثيرة وسريعة جداً لدرجة لا نكاد نلحظها، ويعد المحظوظون فقط من يتمكنون من التقاط هذه التحركات وإدراك أسرارها، وهم من سيتمكنون من العيش بحالة من السكينة والسعادة تملؤها الهدايا الربانية. هذا الفهم والإدراك سيجعلنا بشكل أو بآخر نحرر أفكارنا من النهايات السوداء لما نواجهه من ظروف صعبة لا تسير على هوانا، ويمكننا من العيش بطريقة أفضل من آخرين لا يتعاملون مع نفس التجارب بطريقتنا.
كثيراً ما أتحدث عن أؤلئك الذين علينا أن نبدي امتناناً لهم كونهم سبباً لما نحن عليه، والحقيقة أن المؤهلين لهذا الامتنان هم في لائحة تطول كثيراً حتى تكاد يسكنها كل من قابلناهم وسنقاتلهم باقي حياتنا. وخصوصاً أولئك الذين نصنفهم كأشرار ولئيمين أو حتى ناقصي عقل ممن لا يقصدون ما يفعلون. وبفضل التأمل والقراءات المختلفة، أدركت قيمة التجربة الإيجابية التي يمكن أن يقدمها على سبيل المثال - وذلك في أبسط أشكالها - ذلك السائق المتلكئ والمتباطئ في تحريك سيارته من طريق كان يجب أن يبقى انسيابياً، سواء كان ذلك بغير قصد أو حتى لؤماً منه، إلا أنه وبلا أدنى شك أضاف إلي فرصة لإدراك مدى صبري وطبيعة أخلاقي التي لا يمكنني اختبار حقيقتها إلا في ضروف واقعية.
في الحياة نواجه أشخاصاً قد يتسببون في إغلاق أبواب نكاد نعبرها، ولكنهم بذلك يدفعون بنا إلى سلك طرق مختلفة تماماً لم نكن لنفكر حتى في الالتفات لها. اليوم وبعد سنوات من أزمة سابقة مررت بها، أتأمل سبب ما أنا فيه اليوم، إنما يعود لذلك الظرف الذي كنت على قناعة تامة أنه من أسوأ ما واجهته في حياتي. بعضهم وبلا قصد على الإطلاق يتسببون في تغيير حياتنا بشكل جذري ويحولونها إلى محطات أوسع كثيراً بل وأجمل.