يعتقد أغلب الناس أن الكتابة والإبداع الأدبي موهبة حظي بها بعض الناس، وحرم منها أغلبهم مهما نالوا من مراتب التعليم. بينما أرى أن الكتابة والإبداع مقدرة يمكن اكتسابها بالثقافة والتدريب والجرأة. أما الموهبة، فأغلب الناس يولدون بمواهب عديدة، ولكنها قد تموت إذا لم يرعها الشخص والظروف المحيطة. وصفة «الجرأة» هي مكمن الابتكار والفضاء الطلق للخيال والإحساس بحرية الروح والذات. فالكتابة مقدرة صرفة ومزاج تنفيذ. أي إننا نكتب متى اتقدت تلك الشعلة الخفية التي تلهب الخيال، وتجعل من الكتابة أمراً بالغ الأهمية. 
ولكن بما أن في الواقع ألف سبب يدعو لانطفاء الشعلة وجمرة والروح، فإن الكتابة فعل يخضع للحالة النفسية والوجدانية والواقعية، وتفاصيل الحياة اليومية وضجة وسائل الإعلام.. إلخ من الانشغالات التي تفتت الوقت والهمّة عند بعض الكتاب ولا تبدو كذلك للمجتهدين من الكتاب. فالمقدرة هي الاجتهاد الذي يكمن فيه سر الكتابة والإبداع. ولكنْ للاجتهاد شروط صعبة وقاسية في أغلب الأحوال، منها: الصبر، التنظيم، والإحساس بمشرط الزمن. 
وهذا ما سننتبه إليه في جملة النصائح والآراء التي عبر بها بعض مشاهير الكتاب في مسيرة الإبداع الإنساني الذين قرأت إبداعاتهم وأعجبت بها. فالشاعر النمساوي «رينر ماريا ريلكه» يرد على رسالة شاعر مبتدئ يطلب نصيحته حول ماذا يكتب وكيف يكتب: «تسألني ما إذا كانت أشعارك جيدة وأرسلتها لمجلات وقارنتها بقصائد لشعراء وينتابك القلق حين رفضت بعض هيئات التحرير محاولاتك الأولى. لذا أنصحك بأن تتحاشى توجيه نظرك للخارج. فليس هناك أحد يستطيع أن يساعدك. ولا يوجد سوى سبيل واحد: تعمق في نفسك. ابحث عن جذورها في أغوار شخصك وخيالك والسبب الذي يفرض عليك الكتابة». 
وفيما يخص مواضيع الكتابة وعن أي شيء يجب أن نكتب، يرد ريلكه هذا الرد الذي ينطوي على جوهر الحرية واحترام الذات والحياة في خصوصيتها الفردية: «ابتعد عن المواضيع الكبرى لصالح ما توفره لك حياتك اليومية. تكلم عن أحزانك، عن أمانيك، عن أفكارك العابرة، عن إيمانك بالجمال. قل ذلك بصدق وصفاء. صوّر أحلامك، ذكرياتك. وإذا بدت لك حياتك اليومية بائسة، لا توجه لها الاتهامات، اتهم نفسك، لأنه لا يوجد فقر أو مكان فقير أو غير مهم بالنسبة للمبدع.. وحتى لو كنت في عزلة بعيداً عن ضوضاء العالم ومواضيعه، فإن لديك كنزاً من الذكريات، وهو المجال الذي يجب أن تتجه إليه بشكل مثابر»!