للدهشة إثارتها، أن ترسم حالة ثقافية، حالة هلامية مبعثرة، من دون الإحساس بجمالية التنوع، في فسيفساء التفاعل مع المشهد الثقافي، فمن خلال إدراك فطِن قد تراه، بمثابة تنبهات تظهر، حول مجهر الأيام، قد ترسم بهجة خاطفة من نشاطات ثقافية، هي مجرد إطلالات عابرة وقد يكون فيها احتكار، دون نظرة فاحصة، أو اقتراب لثقافة تنوع فكري مفعم بالجمالية والأناقة المفيدة في إثراء المشهد.
قد يكون المشهد مبعثر الرؤى، فما أهمية الجهد في ثقافة الظهور بالمناسبات الثقافية إلى حد الانبهار بالصور من دون المعنى؟ ربما تحقق المراد وتجسد التفوق في الطرح، حتى قد تبدو بعض الفعاليات من دون ممكنات المشهد الثقافي، المهم في تكوينه الجميل وفي بهجته الإبداعية. وقد تظهر في قضايا شتى، لا حصر لها، إذن، الحكاية ليست في غياب حاصل للمثقف أو حضور آخر لافت، قد يبرز في كيانات ودوريات ثقافية، ومحطات متلفزة، ومعارض للكتب، ونجاحات مبهرة الحكاية، ليست إبداعات مترجمة، للتماهي في ذاكرة الحياة، وكأن المحلية خاصية سلبية، للمغيبين.. وآخرون لهم خاصية زاهية، جامحة في اقترابها لشيء ما، أو اقتران لمجد في أوجه، فكلما تبهرجت الثقافة بعيداً عن مضمونها، كلما خسرت بعض أعز مظاهر وجودها وقضاياها الإنسانية.
لا تكمن قضايا المثقف في الفعاليات الثقافية المختلفة وحدها، ودورها الحقيقي، ولكنها قضية من القضايا ذات الأبعاد المتعددة، فأحياناً هذه الفعاليات قد يجتاحها صمت الإبداع، بعيداً عن أزمة الإلهامات الفكرية والثقافة المضيئة والاختلافات الفكرية، وأنها هي المنجز الثقافي والتاريخي المهم.
والمؤسسات الثقافية لها خاصية من الرقي والاستدراك والتنبه الزمني لسبق للحياة، في ارتياد المشهد الثقافي، لتجسير ثقافة حقيقية مداراتها مفعمة بالنضج الثقافي وإبداء العمل التفاعلي المتناغم مع الحاضر والآتي وخلق فكر حضاري رائد.
فمن طبيعة الثقافة أن تعكس صورة جميلة في التواصل مع المثقف، أياً كانت رؤاه الأدبية وفكره وإبداعاته ليسهم في الحوارات والمشاركات في أقصى مؤثراتها وانطلاقاتها ليزهر ويكتب قلمه بإبداعية تامة، فلا نقد أدنى من التجارب الفكرية، ولا شيء يستغني عن المثقف المبدع.
هي مشاهد كثيرة من مشاهد الحياة المبعثرة للثقافة ما بين فعاليات ونخب رسالتها المنجز الإبداعي والفكري وإلهام إشراقات الحياة الثقافية الأكثر نضجاً، ومن غير المتوقع أن يظل المثقف الحقيقي في طور تجاربه الإبداعية، فلا يحتمل صوته وتغيب الإبداعات أو تهمش لأنها قد ترى من خلال شخصه لا من خلال إبداع أعماله وتجاربه المختلفة والزاهية في جماليتها وعوالمها الإبداعية.