تصادفت وإياه بقلب ينبض جمالية، ربما يلهم حكاية ثقافية في ذهنه، ربما يكشف عنها بالحال. أمام مكتبة كينوكونيا اليابانية بدبي مول أصادفه هناك دائماً في هذه المكتبة الرائعة الجميلة، التي أعتبرها من أجمل مكتبات المراكز التجارية، ومن أكثرها استقطاباً للبشر من دول عدة، وثمة المطاعم والمقاهي ذات اللذة والذائقة المشبعة بشتى الأطعمة. إنها جوانب من الحياة في بعدها الأبعد والأجمل. 
في هذه المكتبة كثيراً ما أجد الأديب محمد المر، وقبل ما نستهل السلام بيننا والحديث عن الأحوال الثقافية، إذا بصيرته تتفتح جلية بما يصبو إليه المثقف الحالم بتنبؤات شتى لمجتمعه، وللثقافة الزاهرة، وهو بابها القيم المعتق بعشقها، ولحنها وصورها، وعلى فسيفساء ذاكرتها يقف، وقد التقينا مراراً، ضمن الذاكرة الثقافية، بمعارض الكتب الدولية، وفي أمسيات قبل سنوات حين كان المر يسرد قصصه المشوقة والمتجسدة بإبداعاته الجميلة، والتي لا زالت عالقة في الأذهان لما فيها من الإبداع والإلهام والفكر الحر المتجدد في سياق القص العربي، ومنها ما ترجم إلى لغات مختلفة.
الأديب محمد المر تتعانق الكلمات في حديثه، في سياق المشاريع الثقافية التي تبهر بشمسها المضيئة، سارداً في إيجاز حكاياتها المترسخة ما بين جمالية السعديات في حوارها الحضاري، وتكويناتها التي وفدت تنقش عصارة الإرث الثقافي العالمي، ما بين جامعات ومتاحف، وما بين نتوءات الشمعات المشتعل فتيلها ليضيء الردهات المتلامسة بالبحر، وهدوء يصغي إلى قيثارة الأمواج وظلال الأشجار الوارفة على الأعشاب والأزهار المشذبة أعوادها كالقلوب تتفتح.
في سياق الأحاديث الممتعة مع الأديب محمد المر، هناك ما يؤثر الجمالية وهو يوجز الحديث بما تحظى به المشاريع من اهتمامات عالية ونظرة مستقبلية عامرة لثقافتنا كمكتبة الشيخ محمد بن راشد، هذه المكتبة الرائدة في مسارها المبهر لانتمائها لمدينة دبي الجميلة في عالميتها المشوقة، فلابد كمدينة فريدة من نوعها في المنطقة أن تحتضن الأوبرا بهذه الأيقونة المؤثرة والمتناغمة بالبهاء الأسطوري لمدينة عالمية، وموسوعة في ثروتها العلمية وإمكانياتها الكبيرة.
حين تحضر الإمارات وتحضر ثقافاتها ومعالمها تتناغم جغرافياً وتسترسل بحبرها وحبورها في إشراقاتها الملحمية حاضنة أمدها الملهم، فقبل أيام قليلة مررت بمدينة الشارقة هذه اللوحة الفنية الرائعة، ترى جمالية الفن وروح الفنون تزف القراءة والكتاب إلى نبض القلب فلا تسهو الصورة عن معالمها وأنت تبتهج أمام حكاية اسمها خورفكان، لذتها المكان والمسرح والبقاء للشعر والشعراء، إنها حكاية من دون نهاية في تجددها الخالد.
ومن خلال هذه المعالم ترى حديث الأديب محمد المر، ترى فيه النسيج الثقافي الإماراتي الحاضر والمتوهج في وجدان الوقت والقلم والكتابة لا يحيد عنها بعيداً، يختزلها في شخصية أدبية ناضجة ومبهرة في مساهماته الجلية.