عام يجيء وأعوام تفلُّ. وإماراتي أعراس وأفراح وظلُّ. فألف تهنئة بعام نرتقي فيه إلى ما ليس يدركه من يستكين إلى يأسه ولا يخطو أبعد من ظله. مرت فصول وشهور ونحن في حمم الحرارة نتلظى ومن ضجة هدير المكيفات أصبنا بالصمم. لكن نبوءة العام الجديد أيقظت غيوم السماء لتهطل على أرواحنا وأشجارنا وتغسل بفيض هطولها كلما جمعته حرارة الطقس من أتربة وأوساخ. فيا أيها العام الجديد، يا أيها الضوء على هذي البلاد المتفردة في خصبها ورقيها وتطورها كأنها شمس تضيء لنا طرقات الحياة. فليس شعاع البدر ما يضيئنا، وليس ضياء الفجر ما ينيرنا، بل الوطن الذي كأنه جوهرة الوجود التي حين تنسل إلى أعماقنا نبصر حتى في اشتداد العتمة ووحشة النفس. وحين ننأى عنها نفقد الأبصار والبصيرة، رغم سطوع الشمس. لأننا كنا وما زلنا غرسها السخي. وبنورها نرتفع إلى أعمدة السماء، وفي خطانا على دروب الحياة نخصب الحقول وننثر البهاء كأننا الربيع الذي تنتظره الأزهار والثمار.
لعل كل من يجيء إليها، يرى الطريق مشرقاً يقوده إلى رحابة الإمارات، حين تضيء كالشعاع، كالقنديل في متاهة الغريب.
 فيا أيها العام المخبأ في الغموض، هل ستأتي مجللاً بالمحبة والسلام، حتى نشرع نوافذ القلب لك، ونصلي كي تمر علينا مليئاً بالآمال والأمنيات.
كنأمة الوردة حين تعانق الندى. كنقرة الطيور مطمئنة تدرج في رحاب وطني الكبير. كبياض الفل حين ينثّ عطره سخياً في رحاب البيوت. لقد رأيت السنين تمر عليّ سراعاً وتنقش وشم خطاها على صفحات الجسد. ورأيت السواد ينشر أجنحة الحزن قبل وصول المنايا اكتمال الوعد. إذن ما الذي ستأتي به، وتحيل الظلام الذي تكتسي به دولٌ لا ترى غير عتمة السنين التي طوّحتها، ولم يرتجِ الجائعون فيها مدداً. فاتئدْ أيها العام الجديد، اتئدْ قبل أن تطرق أعتاب داري لأنثر فوق التراب نشيد البذار، وأهمس للسحب هيا اهطلي يا نشيج البحار، وأنسج ظل الضحى من ضياء النهار. أو لتأتِ بعد يومين فأنا منتظرة قدومك لأنقشه على صفحات الوجود، وما يشتهيه انتظاري. فلي نعمة الحدس حين يشفُّ. ولي من وضوح البصيرة ما ينبئ به القلب الذي ينتظر ضياء الوعود. فلي ملء حقل بيتي نضار الغصون، ولي كل ما تشتهي النفس وما تحتويه الأماني. وحين تلج عليّ المحن، ساقرأ سورة الحب لوطني الغالي وأبتهج كالورد في عطره إذا مس سحر الضحى خلايا الغصون. ولي الأبجدية وكنز المعاني إذا ندهتْ، قلت لبيك.