وصلت إلى قناعة أن أغلب الأمور التي قد تؤذينا أو تزعجنا على أقل تقدير، تأتي إلينا بسبب أشياء سمحنا لها بإرادتنا بشكل أو بآخر بالتواجد في مساحات يومنا أو حياتنا. وعادة ما يكون هذا السماح بإعلان الموافقة الصريحة، أو بالغفلة غير المقصودة -وهي الأسوأ- وذلك عبر تركنا لفراغات قد يعتقد البعض منا أنها صغيرة جداً لا تكفي ولا تسمح بمرور أي شيء. غير أن الحقيقة أن هذه الفراغات التي تبدو غير مرئية هي باب البلاء الضخم الذي قد يجد فيه الآخرون فرصة للتسلل إلى الجهة الأخرى.
في فيلم كوري، يبدو هادئاً جداً تدور أحداثه ببرود شديد يتسبب في صخب بلا صوت في حياة أسرة صغيرة مكونة من أربعة أفراد. يدور كل شيء حول هذه العائلة وفي منزلها وفي غرف أفرادها في غفلة منهم، لتذهب أحداث الفيلم في نهاية مأساوية دموية. وذلك عندما تقرر الأسرة استقدام مُعلم لابنتها، يستغل غفلة الوالدين وفراغ الفتاة العاطفي لينصب شراكاً مُحكمة تمتد حول الجميع، بالتعاون مع شقيقته ووالديه الذين يحتلون منزل الأسرة الصغيرة باستدعاء منهم دون أن يعلموا بالعلاقة التي تربط بينهم!
بعيداً عن الفيلم، تبدو كل القصص متشابهة إلى حد كبير، قصص الأفراد والأسر، قصص العوائل والشركات وحتى قصص الحكومات والدول. في غفلة عن شيء صغير جداً يحدث تسلل تتداعى نتائجه لما لا تحمد عقباه، فمعظم النار من مستصغر الشرر.
في عالم الميكروبات تعد البيئة أو الوسط الدعامة الأولى والرئيسية لتواجدها، ولا يهم أن يكون هذا الوسط كبيراً، فكما نعرف أن هناك الملايين من هذه الكائنات تكفيها مساحة أصغر عشرات المرات من رأس الدبوس لتنمو وتتكاثر. كذلك حياة البشر، فكم من مساحات صغيرة جداً وضيقة نفذت منها شرور لا حد لها، تسببت في كوارث ضخمة وأُزهقت نتيجة لها أرواح.