تفتح السماء أبوابها للغيث، تأتي السحب مثل العيد في شتاء هديته المطر وأجواء رائعة بديعة، الشتاء فصل الحب والجمال، فصل الاخضرار والورد. فصل الانطلاق والتحليق مع الفرح والطيور السابحة في فضاء مبهج يزيده المطر وزخاته المتقطعة جمالاً وروعة، الإمارات في الشتاء أكثر إشراقاً وجمالاً من الفصول الأخرى، إنه الشتاء والمطر، صورة مختلفة عن فصل القيظ والصيف الذي مر بنا سريعاً، ولم يكن كما كان في الأزمنة القديمة، تغيرت الحياة وكثرت وسائل تطويع الطبيعة، لتكون أقل حدة وحرارة، حيث تنتشر الأسواق الحديثة والحدائق الكبيرة والمزارع الواسعة والطرق التي تحف بها الأشجار حتى تقلصت المساحات الخالية، والجرداء أو الصحراوية، كل هذا العمل الجميل في تطويع الطبيعة وزرع الجمال في أرجاء المدن والقرى والمناطق المفتوحة جميل ومهم. إلا أن الشتاء وحده حالة مختلفة وزاهية وبديعة، المطر بهجة هذا الفصل ومعزوفته الرائعة، المطر فرحة الوقت وسعادة اللحظات التي تتساقط فيها قطرات المطر، إنه مثير للشجون وباعث الحب والفرح في صدورنا، نحن أبناء الصحراء، ولا يوازيه لدينا أي شيء.
الشتاء تاج فرحنا وحبنا للحياة، وحده يعيد لنا ذاكرة الطفولة والخروج في عارضة الدروب والطرقات والسكيك، نسابق الريح والوقت في جمع حبات المطر، قد نكون عراة إلا من ثوب خفيف أو ملتحفين بأكياس ورقية أو (خيشة) أرز فارغة/ خالية، نحن الآن وبعد أن مضى الوقت، وجاءت وسائل جديدة للحماية من المطر، مظلات زاهية وملونة، إلا أن ذاكرة الزمن البعيد لا تنسينا كيف كان يفرح الأطفال قديماً بالمطر، نفس الفرحة والشعور الجميل والحب الكبير لزخات المطر، اختلفت صورة التعبير وملاحقة المطر، والتي يقوم بها العاشقون، الذين يسيرون تحت زخات المطر دون اكتراث بأي شيء، البرد أو الريح. 
عاشق المطر لا يفكر بحالات الحذر والخوف التي تحدث للبعض من غير الصحراويين. الصحراوي شجرة غاف. أو شجرة رمث أو زهرة خزامي، يعشق المطر ويقيم له أفراحاً في قفصه الصدري، وينطلق كالنسيم أو الطير ليعانق المطر، يرحل مع السحب والمطر إلى الصحاري والجبال والسهول، كثر عشاق المطر والغيم والراحلون خلفها أينما اتجهت، فقط ليسعدوا بالمطر وجريان المياه في الشعاب والوديان. لقد عرفنا البعض من مطاردي المطر، أحدهم كان يلاحق السحب من أرض الإمارات إلى عمان، فقط ليشاهد زخات المطر وجريان الأودية في الجبال وما جاورها. في الجزيرة العربية والخليج العربي، يسكن قلوب وذاكرة الناس إرث قديم جداً في عشق وحب المطر والغيث، تشهد على ذلك قصائدهم الكثيرة وحكاياتهم عن المطر و(الحيا) وما يصنعه في حياتهم وأنفسهم، المطر حاضر في تعبيرات الحب والجمال والسعادة والفرح. لا شيء يوازي المطر في الحياة ولا تعبير أقوى وأجمل من وصف أي شيء، أي جمال أو عطاء أو محبة وفرح من الكلمة الرائعة، أنت المطر! المطر اختصار لكل كلمات الحب وما تخرجه الصدور من وفاء وطيبة وانشراح وبهجة، أقول للذين يحبهم قلبي: أنتم المطر..