يقول مثلنا الشعبي، إن الطبع أي العادة التي ينتهجها الإنسان تصبح من المسلَّمات الحسية، فهي بمثابة أحد أضلاعه، وقد يسبب فقدان ذلك الضلع التوازن الجسدي الذي خلق الله الإنسان متكاملاً به، فتداعيها يعني انهيار التوازن الذي خلقه الله للمساهمة فيه. بالنسبة لي الطبيعة لا تعرف بدائل بل تعرف أنها الحقيقة المطلقة واليقين الأكيد والتجسيد الأمثل لإرادة الخالق وتصريفه في شؤون هذه البسيطة. ومنذ حلول هذا العام وبحثي مستمر عن الطبيعة، فكان لابد من البحث في «لسان العرب» عن أصل الكلمة، فاللغة العربية كما يقول إدوارد سعيد صاحب «الاستشراق» تعتبر «من أروع ما ابتدعه العقل البشري. إنها لغة الشعر والتصوف والتعبد ولغة القانون». نعم لقد حاول المفكر الاستثنائي تجسير الهوة بين الشرق والغرب ومحو الصورة النمطية التي يستخدمها البعض لحافاً للشعوب العربية التي يجهلها ولا يعرف عن ثقافتها وحضارتها العميقة شيئاً. 
وفي لسان العرب تجردت كلمة طبع عن زاوية وأصبحت لها معانٍ ربطتها باﻟﺴﻠﻮك اﻟﺒﺸﺮي مترجمة اﻟﺪواﻓﻊ واﻟﻐﺮاﺋﺰ واﻟﻀﺮورات اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ التي ربطت الإنسان بها. يقول ابن منظور: الطَّبْعُ وَالطَّبِيعَةُ: الْخَلِيقَةُ وَالسَّجِيَّةُ الَّتِي جُبِلَ عَلَيْهَا الْإِنْسَانُ. وَالطِّبَاعُ: كالطَّبِيعَةِ، مُؤَنَّثَةٌ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَيُجْمَعُ طَبْعُ الْإِنْسَانِ طِبَاعاً وَهُوَ مَا طُبِعَ عَلَيْهِ مِنْ طِبَاعِ الْإِنْسَانِ فِي مَأْكَلِهِ وَمَشْرَبِهِ وَسُهُولَةِ أَخْلَاقِهِ وَحُزُونَتِهَا وَعُسْرِهَا وَيُسْرِهَا وَشِدَّتِهِ وَرَخَاوَتِهِ وَبُخْلِهِ وَسَخَائِهِ. وَطَبَعَهُ اللَّهُ عَلَى الْأَمْرِ يَطْبَعُهُ طَبْعاً: فَطَرَهُ. وَطَبَعَ اللَّهُ الْخَلْقَ عَلَى الطَّبَائِعِ الَّتِي خَلَقَهَا فَأَنْشَأَهُمْ عَلَيْهَا وَهِيَ خَلَائِقُهُمْ يَطْبَعُهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ: (كُلُّ الْخِلَالِ يُطْبَعُ عَلَيْهَا الْمُؤْمِنُ إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ)؛ أَيْ يُخْلَقُ عَلَيْهَا. وَالطِّبَاعُ: مَا رُكِّبَ فِي الْإِنْسَانِ مِنْ جَمِيعِ الْأَخْلَاقِ الَّتِي لَا يَكَادُ يُزَاوِلُهَا مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. وَالطَّبْعُ: ابْتِدَاءُ صَنْعَةِ الشَّيْءِ، تَقُولُ: طَبَعْتُ اللَّبِنَ طَبْعاً، وَطَبَعَ الدِّرْهَمَ وَالسَّيْفَ وَغَيْرَهُمَا يَطْبَعُهُ طَبْعاً: صَاغَهُ. وَالطَّابِعُ وَالطَّابَعُ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: الْخَاتَمُ الَّذِي يُخْتَمُ بِهِ؛ الْأَخِيرَةُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ. وَالطَّابِعُ وَالطَّابَعُ: مِيسَمُ الْفَرَائِضِ. يُقَالُ: طَبَعَ الشَّاةَ. وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ: خَتَمَ، عَلَى الْمِثْلِ. وَيُقَالُ: طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ -نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهُ- أَيْ خَتَمَ فَلَا يَعِي وَغَطَّى وَلَا يُوَفَّقُ لِخَيْرٍ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ النَّحْوِيُّ: مَعْنَى طَبَعَ فِي اللُّغَةِ وَخَتَمَ وَاحِدٌ، وَهُوَ التَّغْطِيَةُ عَلَى الشَّيْءِ وَالِاسْتِيثَاقُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَهُ شَيْءٌ كمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: كلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ؛ مَعْنَاهُ غَطَّى عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَكَذَلِكَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ؛ وكذلك في لهجتنا عندما يطبع المحمل أو البوم فإنه يغرق. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَتَكُونُ الْمُطَبَّعَةُ النَّاقَةَ الَّتِي مُلِئَتْ لَحْماً وَشَحْماً فَتَوَثَّقَ خَلْقُهَا. وفي الإمارات الناقة الطبع هي تلك التي تم تأنيسها وتسخيرها لخدمة الإنسان في الحل والترحال. وَطَبِعَ الثَّوْبُ أي اتَّسَخَ. كذلك نقول في اللهجة العامية طبع أي سال وساح لونه وتداخل في القماش عند غسله.
للعارفين أقول، علينا بالتعامل بطبيعة أخلاقيات أهل الإمارات وعلينا صون الطبيعة مع أهلنا وأولي أمرنا لأن جمال ما ورثناه من لغة ولهجة وفطرة لا يعرف نهاية وتقع استدامته للمستقبل أمانة في أعناقنا جميعاً. اجعلوا اللغة العربية أحد أضلاعكم.