- هناك دول تعرف تصنع، ولها في مثل تلك الأمور باع طويل، وتهتم بكل التفاصيل، ولا تترك أي شيء للصدفة أو لحظة الارتباك والضيق أو شكوى من المستهلك، يعني إذا سوت صابونة بتلقاها من زينها مثل حبة «الشكليت والبرميت» أو الشيكولا السويسرية، سهل تفتحها، وأساريرك منبسطة، خاصة حين تبعث برسائلها العطرية لأنفك رويداً.. رويداً- وول هذه الكلمة من زمان ما استعملتها، رويداً.. رويداً، بصراحة مب وقتها في عصر الـ «سوشيال ميديا»، آخر مرة سمعتها في مسلسل رمضان قبل سنوات- المهم علبة الصابون تلك، تقدر توزنها في يدك، تقدر تلفها، ومرات تنزلق من بين أصابعك من طراوة صنعها، المشكلة والله مع الذين توهم بادين يصنعون، ومب عارفين أن القصة فيها تفاصيل ناعمة، وخيوط حريرية، وحرص على كل ما يفرح المستهلك، صابونتهم تلقاها مضلعة ومعضلة ومحببة، وتجلس تتضارب مع علبتها الكرتونية، وخلاف مع بلاستيك الصابونة، من وين يفتح؟ وتلقى نصه لاصق في الصابونة، يصعب حتى على الأظافر النسائية، وقيسوا على تلك الأمور، خاصة في بعض البضائع المغلفة بالبلاستيك المقوى الذي يجرح اليد، ولا يقصه إلا المقص، ويخلق بينه وبينك عداوة غير ضرورية!
- ما في حيلة مع المصريين، دائماً ما يسرقون منك ضحكتك الأولى، ويخرجونها من صدرك، ولو كنت عجلاً أو ضمن وفد رسمي أو كنت متزمتاً متصنعاً الجدّية والانضباط الصارم غير المتوائم مع شخصيتك العفوية، ضحكة اللقاء الأولى بعد وصولك القاهرة يمكن أن يسربها لك موظف في المطار، سائق سيارة، سايس كراج أو البوّاب، لكن بالتأكيد ليس موظف العلاقات العامة المرتبك بنفسه خوف الوقوع في الخطأ والتقصير تجاه ضيف جديد، في صالة الضيوف الراقية في مطار القاهرة انتحيت جانباً قصياً في تلك القاعة الباردة، وجلست بانتظار إجراءات ختم الوصول وتخليص حقائبي، تناثر فيها القوم بحقائبهم الغالية المميزة، ونظاراتهم الشمسية في غير وقتها الصباحي، والمبالغ في أحجامها خاصة من قبل الجانب النسائي، وهواتف عابرة للقارات ركضاً وراء صفقات مجهولة على الأقل من طرفي، جاءني الموظف وأنا أناظر  لذلك الفرو الراقد على شنطة فاخرة لسيدة تشبه الممثلة ماجدة منذ سنوات، ويكاد أن يكون على حدّ علمي لحيوان جبلي خان به الخوف في تلك الطرق الجبلية، وسألني إن كان لدي أي شيء للتصريح به؛ ربط دولارات خضراء جديدة متسلسلة الأرقام، بضائع غالية ذات ماركات عالمية، فقلت له ليس لدي غير ملابس رحّال متأنق في حقيبتين عاديتين من «كارفور»، وأدوات عملي كمبيوتر وكاميرا ونسخة من «دسك» عالي التخزين لكل أعمالي، وكتابين، لم يعجبه الكلام، وأراد التأكد أكثر، فقال دون تردد: يعني ليس لديك عملات أجنبية أو ذهب، ولا حتى ساعة «رولكس»، فضحكت، وقلت له: بالله عليك هذا الوجه، وجه ذهب، وجه عملات، ووجه ساعة «رولكس»، ثم إن هناك ساعات أخرى باهظة الثمن بأضعاف مضاعفة، لِمَ ساعة بعينها التي سألتني عنها؟ فمرر نكتته بضحكة متتابعة: يا بيه.. وش إيه اللي أنت جاي بتئول عليه، عليّ النعمة وشك زي الرولكس، مع مراعاة التوقيت لمدينة القاهرة وضواحيها، وتلقى عندك شنطة ساعات في البيت، اللهم لا حسد، بس أنت مدَكّن.. وناصح! فضحكت وضربت على كفّه، وقلت له: ناصح الظاهري!