شهدت الحركة الأدبية في الإمارات تحولات كثيرة جعلتها تمتلك خصوصيتها الحالية بما تحمله من أسماء رسّخت لحضورها على المستوى المحلي والعربي وأيضاً العالمي. والوقوف على دراسة واستقصاء المشهد الأدبي في الإمارات ينبغي أن يقف على قراءة كافة التحولات في الشعر والرواية والسرد والمسرح والقصة، ودور المؤسسات التعليمية والثقافية الرسمية والأهلية، وقبل ذلك دور المبدعين أنفسهم، ووضع تصورات منهجية تدفع بهذه المكتسبات للبناء عليها في المستقبل.
على صعيد الشعر، تمتلك الإمارات مجموعة من الرواد الذين أسسوا للقصيدة الكلاسيكية الفصحى بداية من سالم بن علي العويس في بداية القرن العشرين مروراً بجماعة شعراء الحيرة في الشارقة وبقية شعراء العمود في دبي وبقية الإمارات والمدن وصولاً إلى مراحل الستينيات حين بدأت موجات الحداثة العربية بالوصول، وامتد تأثيرها إلى القصيدة الإماراتية التي جرّبت في التفعيلة أولاً على يد الشاعرين الراحلين د. أحمد المدني، ومن بعده حبيب الصايغ، إلى أن دخلت موجة الحداثة بكامل مياهها في مطلع الثمانينيات لتشمل بروز تيار قصيدة النثر وصعود فن القصة القصيرة وازدهار الحياة الثقافية وتنوعها بوجود الأدباء العرب بيننا وإسهاماتهم في الصحافة الثقافية المحلية.
حالياً، تتصدر الرواية وفنيات السرد المشهد العام للحركة الأدبية في الإمارات تماشياً مع ازدهارها عربياً. وبالأخص في وجود جوائز كثيرة جداً مخصصة لفن الرواية، وأيضاً لوجود سوق شرائية لهذه الروايات. وهو أمر جيّد، لكن علينا أن نلتفت جميعاً إلى بقية أساليب الإبداع الأدبي، وأن تكون هناك مناشط لتعزيز حضور الشعر والمسرح وبقية الأساليب الأدبية في حياتنا. وأن تواكبها بالطبع سوق مزدهرة للكتاب والنشر وجوائز تحفيزية وأمسيات طوال العام.
لعبت المؤسسات الثقافية دوراً استراتيجياً في رفد الأدب الإماراتي بكل ما هو جديد. ونتطلع معها خلال المرحلة المقبلة للعب أدوار أكبر لخدمة الأدب المحلي ودفعه إلى المكانة العربية والعالمية التي يستحقها، ومن بينها وأهمها توفير خطة لترجمة هذا الأدب إلى لغات العالم. وهو أمر نادى به جميع الكتّاب تقريباً، ولكن يمكننا البدء بأنطولوجيات شعـرية، وبمختارات في القصة وبعض الروايات الناجحة.
أخيراً، تداخلت الحركة الأدبية مع المشهد الثقافي كله، وهناك نقاط اتصال بين الحركة الفنية والأدب، وبين الإعلام والنشر وبين الآداب بأشكالها كافة، وغير ذلك، وهي كلها نقاط إيجابية يمكن تعزيزها بالمزيد من التخطيط المدروس لحركة أدبية مستقبلية عامرة بالإبداع والجمال.