تعمل الإمارات دوماً على وضع حد للمآزق السياسية التي تعاني منها الكثير من بلدان العالم، والبحث عن الحلول التي ترفع الضيم عن الشعوب، وتحفظ إنسانيتهم، وتحمي بريق عيونهم من الضياع في بحيرات دموع الحسرة والفقدان.
لا تجد الإمارات غضاضة في الاقتراب من اللهيب، ليس لإدارة الحرائق، وإنما لإطفاء ما أشعله الآخرون.
في سوريا يواجه هذا البلد العربي صراع الكبار، والصغار، وكذلك متوسطي القدرات، أي أن كل العالم يحضر على أرض هذا البلد، ولكن هذا الحضور لا يمعن النظر، ولا يركز الاهتمام إلا على مصالح ضيقة، أودت بحياة الآلاف من البشر، وشردت الملايين، وبهذه المعطيات أصبحت سوريا اليوم محطة واسعة الأذرع والمخالب لتكوينات إرهابية، لن تنحصر أضرارها على سوريا وحدها، بل إنها سوف تمتد عاجلاً أم آجلاً إلى سائر بلاد العالم القريبة والبعيدة، كما حدث مع أفغانستان، والتي فرّخ إرهابها إرهاباً موازياً، يمد قرون استشعاره السامة إلى كل بقاع العالم، لماذا؟ لأن الكراهية لا تتجزأ، ولا يعتقد أحد أن بلاده ستنجو من شروره، إذا اشتد أواره، واستفحل داؤه، وتوسعت أطماعه.
الإرهاب، مثل أي جائحة كونية، هو هكذا يتفشى متى ما سنحت له الظروف، وما المهادنة والتبعية التي يبديها نحو هنا أو هناك إلا خدع بصرية، وشباك عنكبوتية، ضالعة في التعقيد، كما أنها ضاربة في الكراهية لكل ما هو بشري، وعلى الجميع الأخذ بالأسباب، فالإرهابي كائن بشري انتزع من صدره عروق الضمير، وسار في العراء العالمي يبحث عن ذاته من خلال القتل، والحرق، والتفجير، ليؤكد من خلال الصدى أنه موجود، حتى وإن خالف الشرع، وتضاربت توجهاته مع كل الأديان السماوية، التي جاءت من أجل سلام البشرية، والتحرر من الحقد، والتخلص من عقد النقص.
الإرهابي لا يفهم هذه المعاني، لأنه دخل في حومة اليقين الأعمى، ولأنه يخوض معركة لا تختلف عن معركة العصاب القهري عندما يتشبث بالضمير البشري ويحوله إلى كائن لا تنمو عضلاته، كما لا تكبر الأفكار في رأسه وتثبت إلا عندما يمتص المزيد من دماء الأبرياء، ويفتك بمصير ومستقبل البلدان.
الإمارات سبقت غيرها من الدول، بفطنة النجباء، ونباهة قيادة آمنت بأن الحياة محبة ووئام وانسجام، وبهذه المبادئ السامية تبوأت الإمارات مركزاً متقدماً في قيادة العالم نحو سلام يخدم مستقبل الجميع، وحلم زاه يكمن تحت جفون أطفال العالم من دون استثناء.
هذه هي الإمارات، وهذه هي قيمها التي غرسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته، وعلى نهجه، تمضي القيادة الرشيدة، وبكل صدق وإخلاص، بقناعة راسخة لا تزعزعها ريح، ولا تغير مجراها تباريح.