الوسطاء و«الدلالون» باتوا غير مرحب بهم في العديد من المجالات بعد ما أثبتت التجارب والتعاملات ذلك، إذ ما أنْ يدسوا أنوفهم في أمر حتى يفسدوه بما يحقق مصالحهم أولاً، إلا من رحم ربي لفئة تعيش على هامش أقصى ما تستطيع تحقيقه عند التوفيق بين طرفين. 
 ازدهرت عبارة «يمتنع الوسطاء» في السوق العقاري بعد أن أثخنوها نزفاً وجراحاً عندما تجد إعلاناً للعين العقارية ذاتها من أكثر من وسيط، وأصبحت حالياً عبارة «من المالك مباشرة» ذات بريق خاص في عيون المستأجرين المحتملين.
 استعدت مشاهد من أيام الطفرة العقارية في إحدى إمارات الدولة، عندما كانت تعلن جهات مطورة عن فتح باب البيع لمشاريع على الورق، لتجد وسطاء في طوابير منذ ساعات الفجر الأولى عند مكاتبها ومنافذ بيع الوحدات، وقد وضعوا تسعيرة لبيع «مكانهم» في الطابور، وأخرى للتنازل عن عقارات تعاقدوا على شرائها على الورق في «الهواء». 
قبل أيام تابعت «وسيطاً» من طراز جديد يعمل في مجال قد لا يخطر لك على بال، فقد تخصص الرجل في البحث لزبائنه ممن لديهم مواعيد بعيدة لمقابلات التأشيرات لسفارات أجنبية، إذ يتابع خلو موعد متقدم جراء اعتذار صاحبه لأي ظرف طارئ ليظفر به ويقدمه للزبون المستعجل، وطبعاً بمقابل مجز، ويعتمد إيراده الشهري على عدد الزبائن «المستعجلين». 
هناك أيضاً وسطاء و«دلالون» من نوعية أخرى، وهي فئة متخصصة في المزادات، ونسفت الغاية والهدف منها، فقد وجدت المزادات وبالذات الحكومية لضمان استفادة محدودي الدخل، والجميع إجمالاً منها، وكذلك من أجل ضمان شفافية البيع وتحقيق أفضل العائدات للخزينة العامة. ولكن للأسف في أي مزاد عام، سواء لسيارات أو أرقام لوحات أو معدات وأثاث وحتى بنايات وأراض وعقارات، تجد وسطاء تابعين للتجار العاملين نفسهم في كل من هذه القطاعات يوجدون للمزايدة، والظفر بما هو معروض، ومن ثم طرحه وإعادة بيعه في اللحظة نفسها تقريباً بعد رسو المزاد عليهم، فرحين بالغنيمة، تاركين صغار المشاركين في حسرة من السرعة التي حسم بها «هوامير اللعبة» الأمر لصالحهم، والاضطرار للتعامل معهم.
 وإذا كان البعض يرى في تنامي هذه الفئات من الوسطاء والسماسرة دليلاً على حيوية السوق التجارية، هناك من يعتبرهم سبباً في ارتفاع قيمة كل ما يتدخلون فيه، لذلك لم تأتِ دعوة منع الوسطاء من فراغ.