المواطنون الكرام والأخوة الأعزاء المقيمون الأفاضل، ترا رمضان على الأبواب، ويأتي بكل الخير والسماحة والود، يمكث شهراً كضيف خفيف الظل، بعد أسبوعه الأول نظل نركض خلفه نترجاه أن يطيل مكوثه ولا يفارقنا بسرعته المعتادة، لذا رجاء التكرم بالامتناع عن تلك الأسئلة الرمضانية التي تحيدونها، وتتكرر كل رمضان، وكأنها جزء من فوازيره، وتبقى تشغل وقت وتفكير المشايخ، والأجهزة الإعلامية، ويخصصون لها برامج إذاعية صباحية، وتلفزيونية ما قبل الإفطار، غير اشتغال خط الإفتاء الديني المباشر الذي لا يتوقف، كل المحطات ما عندها غير تلك المسلسلات التي تراكضوا عليها في العشر الأواخر من شعبان، وبرامج «أنت تسأل ونحن نجيب»، وكل الأسئلة تدور حول محور واحد، وهو مفطرات الصوم، وخير الأعمال في رمضان، شوف الحرص الشديد فيه من الجميع، والتقيد بتفاصيل الأمور، أما الأشهر الأخرى فالكثير من الناس تخطف على الأخضر واليابس، لكن في هذا الشهر الفضيل يكثرون من تلك الأسئلة الرمضانية البايتة، ما حكم الشرع فيمن أفطر رمضان وهو ساه؟ وما حكم من تسحر وأذن الفجر، واللقمة في فمه هل يصرطها شاكراً حامداً أم يفلحها مستغفراً تائباً؟ هل العطر يفسد الصيام؟ جواز تصفح الإنترنت في نهار رمضان، ما حكم من أخذ إبرة دواء في الوريد، وهو مريض، طيب دامه مريض فليس عليه حرج، ويحق له الإفطار، لا السائل يريد يجيب العيد مبكراً، ويسأل عن حكم الأنسولين، ثم ينتقل للمضمضة وحول جوازها، واستخدام معجون الأسنان هل هو مكروه في رمضان، وهل الأفضل منه السواك إذا خشي الصائم أن يبتلع شيئاً من ذلك المعجون الذي يقطع المصران، هذه الأسئلة اختصاص الأسبوع الأول، أما الأسبوع الثاني فكل الأسئلة حول ما يدور في البيت: زوجي ألقى عليّ الطلقة الأولى في ساعة غضب وقبل ما يقول الله أكبر، فهل تعد طلقة بائنة؟ زوجي هددني بالطلاق إذا اعتمدت على البشاكير ولم أطبخ له بإيدي الإفطار، فهل أطبخ له أم أعاند، وهل يجوز التهديد بالطلاق في رمضان، طيب شو تبين من المطوع يقول لك في هذه الحالة: قومي قابلي مطبخك أحسن لك وأبرك، «بدال ما اتمين في حجال أمك»! هل الأفضل للمرأة أن تصلي صلاة التراويح في بيتها أم المسجد؟
سؤال للشيخ التلهان، يا شيخ أنا وصديقاتي بعد الإفطار وصلاة التراويح نجلس نتسامر، حتى تخلص المسلسلات، وبعدها يطرأ لنا أن نذكر فلانة، ونحش في علانة، ونذكر أخريات بالخير، فهل يعد هذا خلط بين عمل صالح وعمل آخر طالح؟ أما أسئلة الأسبوع الثالث فأكثرها عن العشر الأواخر وحكم العمرة فيها، وعن زكاة الفطر وإخراج الصدقات وكفّارة اليمين، وهل تجوز زكاة الفطر على الكافر، وهل إخراجها بعدل قمح أو سدس شعير أو قلالة تمر؟ وإذا تم إخراجها بالمال فهل تجوز؟ وهل تجوز الصدقة بالبطانيات القديمة؟
أما الأسئلة التي تندي الجبين، لو أن لا حياء في الدين، فهي مشتعلة طوال شهر رمضان، مثل تلك الأسئلة بين الزوج وزوجته اللذين لا يحلا لهما لوك مثل تلك الأسئلة إلا الساعات المتأخرة من الصيام أو ما قبل الإمساك بدقائق حتى تخضل لحية المطوع وهو يجيب محرجاً، وهو يردد بعد كل إجابة: نسأل الله العفو والعافية، والتي يقف خلفها كما أعتقد جازماً الشباب الأعزب والبطّالية الذين تطربهم الرمسة الرطبة، وإحراج المشايخ في ما استعصى واستخفى من المسائل.