من معقل اللغة، من مقلة العين المجللة برموش البريق اللغوي، من مركز الحلم، وأبجدية التنوير، في مركز اللغة العربية في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، بدأت العجلة تدور، وبدأت السحابة تمتلئ بمطر الوعي، وبدأنا نلمس كيف أن لغتنا وجدت ضالتها عند منصة ذلك المركز وهو يحرك رحى القمحة بين سنابل الحقول الثقافية، بكل وعي، وسعي، والرحى تدور، والعالمون بأسرار المهنة، يتابعون جولات، وصولات القائمين على حلم اللغة، وسبرها، وسرها، وخبرها وكل ما ترتله من حثيث الجهود المخلصة.
حراس اللغة في مركز اللغة العربية، لا يألون جهداً في تثبيت الثوابت، وترسيخ الخطوات باتجاه البوح السديد، والفوح العتيد، ومجد لغتنا، وسعد ثقافتنا، وبعد تاريخنا، وطموحاتنا التي تسرج خيول وعدها، وعهدها، وفي بيت القصيد تكمن أسرار ما يصبو إليه فرسان المركز، وكل من له ناقة في مراعي العشب القشيب، وكل من يعشق السرد اللبيب.
اليوم ونحن نتأمل المشهد في الإمارات، نلاحظ أن اللغة العربية قد أخذت مقعدها في الفصل الثقافي، واستعدت لمعطيات تثري المشاعر، وتسهب في إضاءة وجدان العشاق، لتغني طيور معرفتنا، وترفع النشيد عالياً من أجل ضاد لا تتلعثم، لا يرتبك لسانها، ولا تتعثر عربتها وهي في الطريق إلى الآخر.
اليوم ونحن نقف أمام اللوحة التشكيلية التي يضع لمساتها رجال من هذا الوطن، نرى ما تراه العفوية تحت الجفون من أحلام أزهى من أجنحة الفراشات، وهي تقبل أكمام الزهور.
اليوم ونحن ننزل بواد ذي زرع، نرى الحقول تتزين بورود لغتنا الشفافة والأحلام تكبر، ويتسع قميص الأمنيات، لتبدو كأنها الفيض في متن وهامش دفاتر التاريخ، وكأنها الورطة اللذيذة في غضون المهج المكتنزة حباً، للحياة.
لغتنا من مركز اللغة العربية، بدأت من الألف إلى الياء، تنقش حروفها من ماء الذهب، لأجل أجيال عاشقة، ولأجل مستقبل يعد العدة، لكتابة قصيدة المجد المجيد لوطن العشاق، والأشواق الدافئة، لإنسان أطلق الموال منذ أن مد الخليج شراعه، باتجاه الآخر، لنخلة في الوجود، نادت نخلة في الوجدان، هيا نهز الجذوع كي يتساقط الرطب عذوبة في السرد، وذائقة في الطرح.
اليوم في الإمارات القافلة محملة بمشاعر الإنسان الكلي، إنسان لا تحده حدود في علاقته بالآخر، ولغتنا هي جواز سفرنا إلى محطات العالم، لغتنا هي أجنحة الطائرات التي تحلق في سماوات العالم، لغتنا هي ابتسامتنا التي تشرق على شفاهنا ونحن ندير حوار المحبة مع شعوب العالم.
لغتنا هي وجدنا، ووجودنا، وجدنا، وإجادتنا، وجودنا.
اليوم العالم لا يعترف إلا بالأقوياء، وقوتنا بلغة لا تكتم حبها لحروفها الهجائية.