أمام ريال بيتيس يوم السبت الماضي، في «الكامب نو» الصرح الكروي لفرسان «البلوجرانا»، وبحضور 90 ألف متفرج، كتب جمال لامين التاريخ على طريقته، وقد أصبح أول لاعب يخوض مباراة مع الفريق الأول لبرشلونة في «الليجا»، وعمره بـ «التمام والكمال» 15 سنة و290 يوماً، وهو الشيء الذي لم يفعله بالتأكيد قدوته «البرغوث» ليونيل ميسي، وغدا جمال الشاب المغربي خامس أصغر لاعب يلعب مباراة في «الليجا».
من قال عنه تشافي مدرب «البارسا» إن فيه أشياء كثيرة من الأسطورة ليونيل ميسي، ينحدر من أب مغربي، ومن أم غينية استوائية، وجنسيته الرياضية إسبانية، بحكم أنه تعاقب في زمن قياسي على أربعة منتخبات سنية إسبانية، فما كان للفتى الصغير، ولا لوالده ولا لوالدته أن يديروا ظهورهم للإدارة الفنية للاتحاد الإسباني لكرة القدم، وقد تفطنت لهذا الفتى الأعجوبة، ولما يتمتع به من ملكات فنية وإبداعية قل نظيرها عند لاعبين من نفس سنه، فربطته بأكثر من منتخب إسباني سني، حتى أنه لعب قبل أسابيع مباراة مع المنتخب الإسباني لأقل من 19 سنة، ولم يتأثر عطاؤه، برغم أن من كان يواجههم، لاعبون يكبرونه بأربع سنوات.
وجمال لامين الذي شغل الناس برقمه الإعجازي، الذي سجله في مباراة برشلونة وبيتيس، إلى الحد الذي جعل رقم متابعيه على حساب إنستجرام يقفز في زمن قياسي إلى مليون و100 ألف متابع، لا يستعجل قراره النهائي بخصوص المنتخب الذي سيمثله، مع ما بات منتخب المغرب يمثله لأبنائه في المهجر من جاذبية بعد موندياله الأسطوري بقطر، وبالتالي لا نستبعد أن يكون السباق الذي سيخوضه الاتحادان المغربي والإسباني من أجل امتلاك اللاعب العبقري بشكل نهائي ضارياً ومثيراً.
لكن ما يثيرني في الموضوع، هو الطفرات النوعية التي حدثت على مستوى منظومات التكوين بأوروبا، حتى أصبحت تؤهل لاعبين بأعمار صغيرة جداً، لكي يظهروا على مباريات قوية في دوريات عالية المستوى، حيث يصل الانضباط ذروته، وحيث يكون اللاعب برغم حداثة سنه مكتمل التكوين في جسمه وذهنه وعلى الخصوص في ثقافته التكتيكية.
صحيح أن حالة المغربي جمال لامين تمثل استثناءً جميلاً في تاريخ كرة القدم الكونية، لأننا لا نرى الكثير منها كل يوم، لكن الأرقام والإحصائيات التي تكشف عنها المراصد والدراسات الأكاديمية، تؤكد أن وتيرة تصعيد لاعبين بأعمار صغيرة للفرق الأولى تتسارع، دليلاً على أن هناك نجاحاً كبيراً تسجله منظومات التكوين في أكاديميات الأندية الأوروبية، بخاصة تلك التي توصف بأن لها تقاليد راسخة في مجالات تأهيل اللاعبين. 
هو مشهد نراه نحن العرب سوريالياً، إلا أن ما يحدث بأوروبا يستحق أن يقرأ عندنا بتمعن، خاصة أن الفتى جمال هو من صلبنا.