اللغة في زمانها، ومكانها، الوعاء الذهبي الذي يحمل على عاتقه، هوية الإنسان، ويحمل مشاعره وعشقه، وشغفه، وحلمه، وتطلعاته، وطموحاته.
أمة بلغة أشبه بالقميص المرقع، هي أمة تائهة تمضها شمس الفراغات المسهبة بنفث كربونات السموم الثقافية.
أمة بلا لغة، هي أمة بلا سقف يحميها من اللظى، وبلا أرض تحتضن أقدامها، ولهذا السبب تسير الأمم الراقية مسرى النجوم في السماء، تضيء محيطها وزواياها بنور تألقها وتدفقها ورونقها، ومهارة أغنيتها الحالمة، بعالم مترف بالمفردة الندية، وجملة الشعر الزاهية، كأنها الخيل وارفة الوثبات، سخية الالتفاتة، شغوفة، لهوفة، رؤوفة بوجدان إنسان، صيده في الكون، لغة تحمل ثقافته، وتحتضن أنفاس حضارته.
اليوم الإمارات، وبفضل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تقود قافلة الانتماء إلى فضيلة لغة أسمعت من به صمم، وحركت مواجع عشاق، وهزت لواعج وأشواق، لغة القرآن، والإنسان الذي وثب على صهوة الخيل وهو يرفع النشيد عالياً، هيا نذهب إلى الحياة، مجتمعين، هيا نمسك بكفوف بعض لنصنع مجد العالم.
لغتنا أبرزت المتنبي، والمعري، وجرير، والفرزدق، لغتنا أوصلت نجيب محفوظ للعالمية، وحققت لغيره من مبدعي الأمة، مجداً وسداً، وسعداً.
إذن هذه هي لغتنا، وهذا هو الفارس يمتطي صهوة الحلم العربي، ويكتب قصيدته الملحمية على ظهر الخيل، وهي الوثابة، الهيابة، تكسب السبق، وتمضي في إمرة الخيال، وطوع يديه.
اليوم اللغة، تجد موئلها الرحيب، بعد عقود من الركود، وبعد زمان من الإحباط، حتى قال بعضهم إن الإنسان العربي لا يقرأ، ولكن.. ولكن الأرقام لا تكذب، حيث الأحلام أوسع من مدركات المحبطين، والطموحات أكبر من رؤاهم الضيقة، وتطلعاتهم، كما هو المحيط، لا تقف عند حد.
24.8 مليون طالب من 46 دولة يشعلون قناديل التنافس، في رحابة كأنها السحابة، ماضين في البريق، الأنيق، توشحهم أحلامهم العفوية، بلون السماء الزرقاء، وتطوقهم الإرادة بنطاق البقاء بقوة في العالم، رغم الأشواك التي زرعها واقع اليائسين والبائسين والمتنافسين على زرع البؤس والرجس في النفوس.
هذه هي الإمارات، وهذه القيادة الرشيدة، تشد العزم، وتمضي في الطريق، مؤزرة بقوة العزيمة، وصلابة الإرادة، ومساحة الوعي الواسعة، تمضي وصغار القوم ينهلون من الصفحات، مكللين بمجد دبي، وحلم دبي، وسؤدد دبي، متوجين برخاء العطاء، وثراء الفضيلة، في وجدان قائد ما عرف في تاريخه، سوى الرقم الأول.
اليوم ونحن نكتب عن ملحمة القراءة، نكتب عن فضيلة النبلاء، أبناء الأرض الطيبة، نكتب ونحن في أوج الفرحة والسرور، لأن الأبناء، لم تعد عيونهم تطل على الفراغ، بل هي مغسولة بحبر القراءة، مكحلة بأثمد الصفحات الغارقة من معين الحضارة العربية، من شهد ثقافتها، وعمق لججها.
بفضل من يعيشون فضيلة الوعي، أطفالنا يعيشون عرس القراءة، لتصفق لهم الأيادي ممتنة لسعيهم، ووعيهم، وإدراكهم أن القراءة، هي الشجرة الطيبة، جذرها في الأرض، وفرعها في السماء.
فشكراً لباني مجد لغتنا، وحامل لواء شغفنا.