في هذا الصباح، في هذا البوح المشرق بقناديل ومواويل، نكحل عيوننا بأثمد الأحلام الزاهية، وتمضي بنا أجنحة الفكر باتجاه عوالم إبداعية مسهبة في التغريد، ملهمة في العطاء، مبهرة في الغناء، مزدهرة في النشيد، وسرد القصص، والذهاب بعالمنا إلى محطات، ونقاط تفتيش عن ابتسامة حية، وأريحية، وعن مشاعر مثل رموش الجميلات، مثل أهداب الشمس.
في هذا الصباح تبزغ الشمس محملة بأسئلة الوجود، ودلالات النهوض بالعقل، إلى حيث تكمن الحقيقة.
حقيقة أننا والكلمة صنوان، وأننا والكتاب ترنيمة في ضمير الحياة، وأننا والعشاق في الشوق نفسه إلى حبيب يزورنا في العام مرة واحدة، وبين الثانيا يخبئ عطر الزمان، ونث المكان، وبث اللواعج وهي تمطر الدروب بماء القلوب.
في هذا الصباح، الإمارات تحتفل بأعز ما للإنسان من ذخائر وجواهر، تباهي بها العالم أننا أصبحنا اليوم في قلب العالم، في مركزه وليس طرفه، داحضين نظريات عفى عليها الزمن وشرب، اليوم في العاصمة أبوظبي يتمشى الكتاب على رمل الوعي، متميزاً برونق الإمارات الفريدة، متفرداً بمهارة الإمارات المتميزة، اليوم هو الكتاب الذي يفصح عن سيرته الذاتية، ويحمل في الطيات، تاريخ أمة، وحضارة إنسانية، أرخ لها هوميروس في ملاحمه الشعرية، وكتب جيبون، كما حكى يوجين الكلبي عن فلسفة تجاوزت العالم فيما قبل، وما بعد.
اليوم تسجل دائرة الثقافة والسياحة، ممثلة بمركز أبوظبي للغة العربية، حضور الوعي الإماراتي النابه، وانكسار الضوء عند مرآة العقل، لينثر الشعشعة بين التلافيف والتلابيب، وهي السيرة الذاتية لوطن استدل على الضارة قبل غيره، ومتجهاً نحو غايات ورايات وساريات، يفيض بالطاقة الإيجابية حتى أصبح في العالمين الشمس، ومن حوله تدور الكواكب.
اليوم الكتاب يجلس في الصباح الباكر، ويقرأ الوجوه، ويستقصي المعنى من الملامح، ولا يكف عن ملامسة وجدان المدنفين عشقاً بما تجود به قريحة الأفذاذ من أبناء الأرض، وما تفيض به الأنهار الإبداعية.
اليوم فعلاً العالم في هذا الوطن في عرس، طبوله حروف، وقيثارته عيون، أوتارها رموش تسدل ستائرها على كلمة وعبارة.
القافلة تمر من هنا، القافلة تعبر خليج الكتابة لتصل، والحياة عبور، ولا شيء غير ذلك، الحياة فرحة في لحظة يتورط فيها العقل، في ملء الطاسة الثمينة بماء الذهب.
معرض أبوظبي للكتاب، يحتفل هذا الصباح بميلاد كلمة جديدة بكتاب لم يزل يفتح الدفات على شريعة حمورابي، أو ملحمة نبوخذ نصر، فكلاهما منح التاريخ بصمة العمر، وأسدى للحضارة العالمية نصيحة ألا تطفئ مصابيحها.