التسامح أساس ونبراس، ومتراس، وخير ما يضيء الحواس.
التسامح لغة العقل، وبريق المقل، وحلم وعلم، وفهم لما ينبغي أن يدير الحياة بين الناس.
الإمارات خطت خطوات واسعة الظلال نحو عالم يسوده الحب والمودة، واحترام الآخر، والتعايش السلمي بين شعوب العالم، من أجل حضارة نيرة، تذهب للمستقبل بأجنحة الشفافية، وتسير في عمق الحياة الإنسانية بإرادة لا تنثني، ولا تنحني للنفس الإمارة.
الإمارات حققت في مضمار التواصل مع الآخر إنجازات مفرحة، واستطاعت أن تربط حبات المسبحة بين الدول، بخيط من حرير النفس المتعافية من كل ما يغبن، وكل ما يحزن، وكل ما يثير الغبار في العيون، وينثر حثالة القهوة في قاع الفنجان البشري.
اليوم وقد قررت وزارة التربية ضم التسامح في المنهج الدراسي، فهو المنطق، وهو شوق الطيور للأغصان العالية، وتوق العشاق للصفح، وفتح الصفحات على عالم مفعم بالتسامح، والمحبة، وخير الناس جميعاً.
الجيل الجديد، من أبنائنا وقد دخل الغرف المغلقة، ومن دون حسيب ولا رقيب، يحتاج إلى رعاية تربوية فائقة، يحتاج إلى مصابيح تضيء الغرف، وتمنع الظلام من أن يغزو العقول، وينتهك حرمة النفوس، ويطغى على القلوب.
نشعر بالفرح، وقد حزمت التربية أمرها، وقررت، واستعدت لفتح جديد في مناهجها، وهذا هو المطلب الحيوي، والحي والذي يفوق كل مواد الدراسة، وكل المعارف، والمعلومات التي يمكن أن يتلقاها الطالب.
من السهل أن يتعلم الطالب كل ما يود تعلمه من مواد، من البساطة أن يستقي العلم، من الفيزياء، والكيمياء، والرياضات، إن فاته ذلك في فترة من فترات حياته، ولكن ليس من السهل أن يعوض ما فاته من قيم الأخلاق، وشيم احترام الآخر.
فهذه لا بد وأن تستلهم منذ الصغر، وهذه يجب أن تكون في صلب الاهتمام، وفي مقدمة متطلبات المنهج الدراسي.
ما قررته وزارة التربية، لهو قرار الفطرة، وهو قانون الطبيعة، الذي يفرض علينا أن نعلم أبناءنا كيف يتسامحون، وكيف يتجاوزون كبوات الأخطاء بقوة العزيمة، وصلابة الشكيمة.
فالتسامح عنصر حياة، وضلع الروح الذي يحميها من الزلل، ويمنع عنها الخلل، ويكفيها شر البلاء.
شكراً لوزارة التربية، شكراً لأنها دخلت المنطقة الخضراء في حياة جيل يحتاج إلى أيد تنزع عنه فتيل الانقباض، وترفع عن كاهله ركاماً من العزلة، وزحام الأفكار السوداوية.
شكراً لكل من يفكر بهذا الجيل والذي ربما أوقعته حضارة التقنية الحديثة في أفخاخ التهور، في اتخاذ القرارات، وهذا ما قد يسبب الوقوع في مهاوي الردى، والغوص في قيعان لا قرار لها.
وأتمنى لو تقدم وزارة التربية خطوة أخرى تدعم الأولى، وهي تقديم موضوعات في المنهج تخص أولياء الأمور، لتكتمل حلقة المشاركة، فالهدف هو إصلاح ذات البين بين الطالب، وعلاقته بالآخرين، وهذا الطالب يعيش في كنف أسرة، تتكون من الوالدين، والأشقاء، الأمر الذي يستدعي ضرورة نشر الوعي بين ربوع الأسرة. كما يستدعي الأمر، تحريك الآلة الإعلامية، لدعم، وتعزيز الموقف التربوي، وإنجاح المبادرة.