هي نار تحترق بها «الليجا» الإسبانية، والكل يقف عندها متفرجاً، ولا أحد يهب بخراطيم المياه ليطفئ لظاها.
أما النار، فهي نار العنصرية التي تشتعل في الملاعب الإسبانية، ولاعبون ينعتون، على غرار ما يرمى به البرازيلي فينيسيوس جونيور لاعب ريال مدريد من أوصاف قدحية، تخرجه في كل مرة عن طوعه، ولو أنه خرج عن طوره في مباراة الأحد الماضي بميستايا، خلال لقاء فالنسيا، ويتوجه نحو المدرجات ليشير تصريحاً لا تلميحاً لمن استهدفوه باللفظ وبالصورة.
الحكاية لا تبدو جديدة في ملاعب كرة القدم، وشاهدنا في سنوات خلت حملات عنصرية مبرمجة، الغرض منها ظاهرياً هو استفزاز اللاعبين من ذوي البشرة السوداء، واستنفرت عائلة كرة القدم كل قواها من أجل مناهضة العنصرية وتجفيف منابعها. وكرست ظاهرة العنصرية حقيقة أن ملاعب كرة القدم تحديداً، غدت مرتعاً لكثير من التمظهرات الغريبة.
وبين الجماهير مندسون يعرفون أن للمدرجات صوتاً يسمع ولا رقيب عليها، ينفثون السموم وينشرون الشعارات التي تعتدي على القيم، وتصبح كرة القدم الحاملة للقيم الجميلة أول من تذبح في ملاعبها هذه القيم.
ما حدث مع فينيسيوس في ميستايا وفي أماكن أخرى، عدا الإدانات التي اجترها من «الفيفا» ومن ناديه ريال مدريد ومن الاتحاد البرازيلي لكرة القدم ومن نجوم وازنين، وعدا الأصوات المناهضة التي حركها والمتابعات القضائية التي أطلقها، أكد أمرين اثنين، أولهما أن العنصرية وخطابات الكراهية والتنمر ما زالت للأسف تعشش في ملاعب كرة القدم، وثانيهما أن إسبانيا باتحادها الكروي وبرابطتها الاحترافية، لم تتحرك فعلياً لمكافحة هذه السلوكات المقيتة وتجفيفها من منابعها، وكيف لها أن تفعل ذلك وترسانتها القانونية لا تغلظ العقوبات، ولا تتحين وتتغير بحسب تنامي وتصاعد خطورة الظاهرة، وفي ذلك تعبير عن هشاشة البنية القانونية وعن الاستخفاف الذي تواجه به الهيئتان الإسبانيتان هذا السلوك القبيح الذي يسيء لـ «الليجا» عندما يجعلها وكراً للعنصريين، ويسيء إليها أكثر لأن يجعلها دورياً مكروهاً، الكثير من نجوم كرة القدم يترددون من اليوم لأكثر من مرة قبل أن يفدوا عليه.
هناك حاجة إذاً لأن تتحرك إسبانيا من أجل مباشرة فعل عاجل لا يقبل التأجيل، عقاب يقابل خطورة الفعل، فلا رجاء من أي مناهضة للعنصرية، ما لم تمس مباشرة مصير الأندية، فكل فريق تبث أن ملعبه جاوز المدى في التعبيرات العنصرية، يجب أن تسلط عليه عقوبات مالية ورياضية، لعله يتعظ.