لماذا يبدو نهائي النسخة الحالية لدوري أبطال أفريقيا، وهو يعيد اصطدام الأهلي المصري بالوداد المغربي للمرة الثالثة، مثالياً ومنطقياً؟
لماذا هو يعلو في القيمة الفنية على أي نهائي آخر كان متخيلاً، بخاصة مع الشهب المثيرة التي أرسلها نادي ماميلودي صن داونز الجنوب أفريقي، وهو يثير من حوله الكثير من الصواعق الرقمية، فحجز له الكثيرون مكاناً في ذاك النهائي المتخيل؟
إن كان على المرجعية التاريخية، فإن الأهلي سيد المسابقة وأميرها بالألقاب العشرة التي تزين خزانته، يرتبط مع نهائي الأميرة الأفريقية الصغيرة بعلاقة عشق، حتى إننا لا نكاد نجد نهائياً من النهائيات الأخيرة تخلو من نزقه وعنفوانه، فهو من يتجرأ عليها، وهو من يتنفس هواءها، وهو من يحكم في الغالب رسمها وحتى طريقها، فهذا النهائي سيكون هو السادس عشر للأهلي خلال 58 نسخة أجريت حتى الآن.
وذات المرجعية التاريخية تقدم الوداد المغربي سيداً جديداً لهذه المسابقة، وقد غدا من الوجوه المألوفة في خواتمها، فهذا النهائي هو الرابع له في آخر سبع سنوات، والثاني له توالياً، وما تحصل عليه من سنة 2017 حتى الآن لقبين اثنين، وكلاهما تحقق على حساب كبير القوم الأهلي.
وإن كان على الاستحقاق، فإن الأكيد لن ينال أعلى الدرجات غير الأهلي والوداد، لجرأتهما وجسارتهما وأيضاً لحضور الروح البطولية في اللحظات الصعبة والعسيرة، فالأهلي كثيرون باعوا جلده، وهو يخسر في دور المجموعات بخماسية من العنيد ماميلودي صن داونز ولا يحقق تأهله العسير، إلا لأن طاهر الهلال السوداني أهدر ضربة جزاء في مباراة حاسمة أمام صن داونز، إلا أن الأهلي في أدوار خروج المغلوب، يكشف عن الوجه الأسطوري في أدائه، ليقص أجنحة الرجاء المغربي في ربع النهائي، وليروض الترجي التونسي في نصف النهائي. والوداد، بعد الذي أبداه من ترنح فني في ربع النهائي أمام سيمبا التنزاني، ليحرز تأهلاً قيصرياً بالضربات الترجيحية، وفي جولة ذهاب نصف النهائي أمام ماميلودي صن داونز، يسترجع بشكل هلامي نسخته الجميلة، ليجهز هناك في جنوب أفريقيا على من وضعوا بين يديه لقب دوري الأبطال.
وهو ثالثاً نهائي مثالي لأن طرفيه يجتمعان في أشياء كثيرة، تجعل من حوارهما التكتيكي تحفة كروية تستحق المشاهدة.
لهذا وغيره كثير، يمنحنا نهائي دوري الأبطال، وقد أعاده الاتحاد الإفريقي لكرة القدم لصيغته القديمة، ليلعب من جولتين ذهاباً وإياباً، السيناريو الذي يتمناه أي عربي، أن يكون النهائي عربياً خالصاً بين ناديين عربيين للمرة السابعة عشرة، وللمرة السادسة في آخر سبع سنوات، وأن يكون من جولتين حارقتين بين كبير القارة وسيدها الجديد في ثالث حوار بينهما.