مواسم الكتاب تزهر من جديد، تحفها بنسيم من الاستيقاظ، من صفاء الأذهان وجميل الهدايا، أي مواسم مرت من هنا، أي كان استرسالها أي كان بدؤها ومراحلها هي عنفوان الزمن وخياله بين الحقول الإبداعية، ورمز الكلمة وحبورها وجهد صعب من التريث والتفكر، ونثر أوراق الكتابات من الإصدارات في كوكبة جميلة كما لو يزفها النهر، يثري بها الظلال الوارفة.
أي صور خيالية من مواسم مرت، لا توصف، بل على عتبات الزمن، قد لا يرى نجاحها، وقد يصبح في ثنايا الذاكرة، هي جميلة في تناغمها الزمني بمراحله في احتفاء الزمن بالكتاب.
مواسم من الذكريات، إذ مرت من هنا، مر زهو الإبداع، من خلالها، عبر صحو الزمن، وفجر المدن وألق السعادة، معارض تولد، تناغم جديد من الإصدارات الأدبية، أي نور يتجلى، ويزف حين تقبل في بهاء البدء والرجاء المستفيض، وصور كواكب الفرح، وتزهو بالمعنى كقيمة وكفاية من الاعتبار للكتاب والكاتب.
كأن مواسم تمحو أرق السنوات والانتظار، صور زمنية، متناثرة الحكاية والهموم، في فحواها بريق جميل، لكل كاتب حكاياته مع زمن البداية، يستطرد منها الوقت الجميل، ولكل حكايته مع مواسم معارض الكتب، قبيل نهاية السبعينيات، وبمدرسة أم عمار الثانوية للبنات، بحارة الروضة، أقامت المدرسة معرضاً للكتاب في زاوية من زوايا المدرسة، كانت لافتة تشير إليه ولهفة امتثلت إليها سريعاً حتى تسللت في الروح البهجة والسرور، كان عرساً للكتاب ومصادر قليلة ومتنوعة إلا أنها ثرية وقيمة.
حتى تراءت المرايا في المدن، صور معارض الكتب تتناغم وتتآلف مع الأمكنة وحديث المدن فما أجمل لو توثق تاريخياً، بما يليق بها، بما كان عرساً يتوارثه الزمن على إثر البدايات والتجارب وتدرج معارفها الثقافية، كقصص تبلورت وتكونت في نسيج الثقافة واحتفائها بالكتاب. بدايات خلفها كواليس من القصص تمهدت بها على استشراف الزمن أي الماضي أو الحاضر، حتى تبدو حية في ذاكرة الأجيال، مثلما التقليد الذي بات الاحتفاء بثقافات الشعوب، حتى تقترب الثقافات من المعنى الكبير، وأصبح ذلك نهجاً جميلاً متعارفاً عليه، ولنا أن ننثر حب الثقافة بين مدننا بطواف يستمد من معارض الكتب نهجاً في ثقافتنا بمدننا الجميلة وأماكنها لتحضر في بهاء.
معارض الكتب، معارض المعرفة، ولقاء زمني جميل، يحدث تفوقاً وتناغماً في نسيج الحياة، هي عقود من الزمن يجسدها الإبداع وحرفُه، لتجسر الصلة الثقافية ما بين الأجيال ولتزهر معارض الكتب بشكلها الشغوف المتلامس مع رواد الحضور فلكل معارض الكتاب سماتها الثقافية وموروثها وجوهرها في حراكها ولتكتمل صورها المتجسدة فكرياً أي كانت ملامح الزمن وصوره.