الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«مسبار الأمل» ينطلق بالعرب لرسم ملامح مستقبل مشرق

«مسبار الأمل» ينطلق بالعرب لرسم ملامح مستقبل مشرق
2 أغسطس 2020 01:58

ناصر الجابري (أبوظبي)

أكد عدد من القيادات العربية والعالمية في قطاع الفضاء، أن مشروع مسبار الأمل يمثل رسالة عربية للعالم بقدرة المنطقة على إيجاد نهضة علمية ترسم ملامح المستقبل الواعد، مشيرين إلى أن تواجد دولة الإمارات الفاعل في قطاع الفضاء سيسهم في تعزيز الجهود العالمية العلمية الحالية لاستكشاف كوكب المريخ، كما سيعزز من القدرات الدولية البحثية عبر الاستفادة من البيانات الهامة التي سيزود بها المسبار المجتمع العالمي لاحقاً. 
جاء ذلك خلال اللقاء الذي عقدته وكالة الإمارات للفضاء «عن بُعد» مع نخبة من قيادات الفضاء في عدد من الدول، حول الدور المتوقع لمسبار الأمل وأهمية المشاريع الفضائية العلمية الدولية الخاصة بالاستكشاف الفضائي، وذلك بمشاركة واسعة من القيادات العربية لوكالات وهيئات الفضاء، إضافة إلى العلماء والخبراء من وكالة «ناسا» للفضاء. 
وأكد الدكتور محمد ناصر الأحبابي، مدير عام وكالة الإمارات للفضاء، أن مسبار الأمل يدلل على أن العنصر البشري العربي يمتلك الأمل والعزم والإصرار في مواجهة المستحيل، بما يبشر بنهضة علمية عربية، خاصة مع وجود وكالات الفضاء العربية التي يصل عددها إلى 5 وكالات فضاء حالياً، ووجود مشاريع فضائية عربية تعليمية وأقمار اصطناعية، كما تم تأسيس المجموعة العربية للتعاون الفضائي، التي تمثل خطوة جريئة نحو المستقبل، بوجود المشاريع الفعلية ومن أهمها القمر الاصطناعي العربي 813، الذي يمثل نواة لمشاريع طموحة أكبر للمنطقة العربية. 
وأشار إلى أنه توجد برامج أخرى تبنتها دولة الإمارات للتحول من رسالة الأمل إلى رسالة العمل، ومنها مبادرة نوابغ الفضاء العرب، حيث ستستضيف دولة الإمارات كوكبة من المفكرين والعلماء والموهوبين العرب في برامج مدروسة، سواء فنية أو علمية، حيث سيكونون سفراء للفضاء في بلدانهم، وسوف يساعدون في تأسيس وبناء برامج فضائية طموحة، قادرة على تحقيق الفائدة والمردود الإيجابي لأوطانهم، بعد عودتهم واستفادتهم من البرنامج. 
 
 نقل البيانات
وبدوره، أكد عمران شرف، مدير مشروع مسبار الأمل، أن المسبار له العديد من الإسهامات الإنسانية، حيث سيقدم أول نظرة شاملة عن دراسة مناخ المريخ على مدار الأيام والسنة المريخية، كما سيقوم بدراسة الفرق بين طبقات الغلاف الجوي الدنيا والعليا، إضافة إلى الإجابة حول العديد من الأسئلة التي ستسهم في مضاعفة المعرفة العلمية، وستعزز دور المهام العلمية المستقبلية عند نقل البيانات. 
وأشار إلى أن جميع المهام الحالية التي ذهبت إلى المريخ، سواء لدولة الإمارات، أو الصين، أو الولايات المتحدة، تهدف إلى فهم الكوكب الأحمر والتغيرات التي حصلت فيه، وستعزز المعرفة البشرية حول ذلك، إلا أن الأهداف العلمية لكل مسبار تختلف، فمسبار الأمل مخصص لدراسة الغلاف الجوي، والمسبار الأميركي مخصص لدراسة الخصائص الجيولوجية، وسيأخذ عينات من سطح المريخ، وكل الأدوار مكملة لبعضها بعضاً عبر تغطية المهام لجوانب محددة، فالدول لا تقوم بإعادة دراسة قامت بها دولة أخرى، بل تكمل الجهود، لتكون مشاركتها في المجتمع الدولي عبر جلب معرفة جديدة للعالم.
 
الكوكب الأحمر
ومن جهته، أكد الدكتور فاروق الباز، عالم الفضاء والجيولوجيا بوكالة «ناسا» الأميركية وعضو اللجنة الاستشارية لوكالة الإمارات للفضاء، أنه توجد العديد من الأمور التي تحدث في الغلاف الجوي للمريخ، والتي قد يكون لها تأثير لفهم طبيعة الأرض، حيث إن العواصف الترابية التي تحدث في المريخ تشمل الكوكب بأكمله، كما رأينا وجود الكثبان الرملية التي يحتويها الكوكب الأحمر، والتي تتم مقارنتها بالصحراء في الأرض. 
وأشار إلى أن كثبان المنطقة الشمالية في كوكب المريخ، أكبر من أي صحراء في الأرض، لافتاً إلى وجود علاقة وطيدة بين الصحراء والمريخ، وهو ما يعني وجود علاقة ارتباط بين العرب وبيئتهم الصحراوية عموماً بالكوكب، وأوضح أن الدور العلمي الهام لمسبار الأمل سيتضمن فهم الأمور القريبة من سطح المريخ، باعتبارها المحرك الأساسي للأتربة والكثبان الرملية، بما يتيح فهم العلاقة بين الأرض والمريخ. 

المشاريع الفضائية
ومن ناحتيه، قال الدكتور المهندس محمد إبراهيم العسيري، الرئيس التنفيذي للهيئة الوطنية لعلوم الفضاء في مملكة البحرين: إن المشاريع الفضائية الكبرى تبث روح الأمل في الأجيال الناشئة، كما تسهم في تعزيز ثقة الشعوب بأنفسها والقدرة على مواجهة التحديات، لافتاً إلى أن مسبار الأمل سيكون محفزاً للأجيال العربية الحالية وانطلاقة جديدة للعرب لرفع مستويات الاهتمام بالعلوم الأساسية والهندسية، خاصة مع وجود الإحصاءات التي تشير إلى تراجع الملتحقين بهذه التخصصات في الدول العربية، في حين توجد تخصصات تشبعت في سوق العمل، وهو ما يتيح للعرب فرصة استعادة الاهتمام ورفع أعداد الملتحقين بالتخصصات العلمية.
ولفت إلى أن دولة الإمارات بدأت في توظيف قطاع الفضاء في الناحية التعليمية، عبر وجود عدد من الجامعات الوطنية والخاصة التي تقدم تخصصات علوم الفضاء، وهو أمر سابق للجهود التي تقدمها المؤسسات التعليمية في المنطقة، لافتاً إلى أن الفضاء سيخلق قطاعات عمل جديدة في المستقبل، كما سينعكس على قدرة الدول لمواكبة المستقبل وتطوراته عبر بناء كوادر وطنية وتحفيز الشباب وتأهيلهم، بما يسهم في إعادة وضع العرب على الخريطة العلمية في المجال العلمي والمعرفي، والمساهمة في الحضارة الإنسانية.
 وقال اللواء الدكتور عوني الخصاونة، مدير المركز الإقليمي لتدريس علوم وتكنولوجيا الفضاء، إن المركز يعد جزءاً لا يتجزأ من منظومة التعاون العربي، حيث يعمل على مواكبة التطور والتكنولوجيا، بالاستفادة مما سيحدث من أهمية بعد إطلاق مسبار الأمل، الذي يحتوي على 3 مجسات لدراسة الغلاف الجوي للمريخ، تتضمن المقياس الطيفي للأشعة تحت الحمراء وما فوق البنفسجية، وكاميرا للتصوير والاستكشاف، حيث ستكون البيانات متاحة للبحث العلمي والتحليل والاستنتاج. 
وأضاف: بادرنا من خلال المركز في إنشاء مختبر متخصص في تحليل البيانات الطيفية، كما سنطلق دورة متخصصة لتدريب الطلبة والباحثين، ليكونوا مؤهلين لمعرفة المبادئ الأساسية لتحليل البيانات الطيفية عبر الأشعة تحت الحمراء لدراسة المهام الفضائية، وهو ما يمنح إضافة معرفية للباحثين العرب وقدرتهم على الاستفادة من البيانات الصادرة عن مسبار الأمل خلال المرحلة المقبلة.

المسبار الأميركي
ومن ناحيته، أشار مايكل غولد، رئيس العلاقات الدولية في وكالة «ناسا»، إلى أن المسبار الأميركي سيشكل إضافة جديدة للمجتمع الدولي العالمي لاستكشاف المزيد حول كوكب المريخ، حيث سيتضمن المسبار عدد كاميرات أكبر من المهام السابقة، كما سيكون هناك «ميكروفون» للتمكن من الاستماع للمريخ لأول مرة، إضافة لأول هيلكوبتر، وهي أمور تجعلنا جميعاً نشعر بالإلهام والفخر والسعادة، خاصة عند الوصول للمريخ وتجاوز مختلف التحديات. ولفت إلى أن الوقت الحالي هو وقت التحديات في العالم، وهو ما يعزز الاحتياج إلى قيمة الأمل، وهي الرسالة التي يبثها مسبار الأمل في العالم، وتعكس نهج دولة الإمارات ودورها العالمي ورسالتها، فالإمارات جلبت قيمة الأمل في العالم، وهي شريك استراتيجي عالمي في قطاع الفضاء، وستقدم مساهمة قوية ضمن الجهود لاستيطان البشر في المريخ، حيث سيقدم المسبار دراسة كاملة عن مناخ المريخ. 
وبين أن دولة الإمارات استطاعت خلال 6 سنوات فقط من تأسيس وكالة الإمارات للفضاء، أن تتحول من دولة لها مشاريع فضائية، إلى دولة من الدول القلائل في الاستكشاف الفضائي، وهو أمر مذهل ولم تحققه دولة مسبقاً في التحول والإنجاز السريع خلال فترة زمنية وجيزة، معتبراً أن الإمارات موحدة للمنطقة  لاستكشاف الفضاء، حيث نرى مساهمتها العربية من خلال المجموعة العربية لتحقيق أكبر قدر من الفوائد، بما يعكس رؤية الدولة تجاه المجموعة، لتكون مجموعة فعالة على المستوى العالمي خلال الفترة المقبلة. 

كبير المهندسين
  قال الدكتور محمد عبيد، كبير المهندسين في مسبار «برسفيرانس» الأميركي: دوري خلال الفترة الماضية ارتكز على التأكد من سير الاختبارات للمسبار الأميركي وفقاً للخطط المحددة، وإن الأنظمة والعناصر تعمل مثل المتوقع، بالاستفادة من الخبرات المتراكمة الناتجة عن المشاركة في العديد من التجهيزات للمهام الفضائية الماضية، حيث شاركت في التحضيرات لـ6 مهام فضائية سابقة.
وأضاف: كشخص من أصل عربي، كانت الرحلة التي أمضيتها للوصول إلى هذه المكانة المرموقة في وكالة «ناسا» ممتعة، وبها محطات من النجاح والفشل الذي تعلمته منه، حيث عملت على الالتزام بتنفيذ المشاريع وإمضاء الوقت بالتعلم واستخدام الوقت بحكمة، موجهاً نصيحة للراغبين بدخول قطاع الفضاء في الحصول على الدرجات الجيدة خلال المرحلة الدراسية، وتنفيذ أنشطة إضافية مثل أنشطة الروبوتات والتدرب خلال فترة الصيف للمساعدة في التعلم وبناء المعرفة. 

أصغر المهندسات
 تحدثت المهندسة فاطمة الهاملي، عن تجربتها في مشروع مسبار الأمل، حيث أشارت إلى فخرها بأنها إحدى أصغر المهندسات العاملات على المشروع، فيما تواصل العمل حالياً عبر المشاركة في غرفة العمليات الهندسية لمركز محمد بن راشد للفضاء، من خلال مراقبة أنظمة عمل المسبار، كما شهدت الندوة مشاركة للمهندس حامد الهاشمي، أحد أعضاء فريق مسبار الأمل والذي أكد أن المسبار يمثل نقلة نوعية للوطن العربي، ويعكس آمال الشباب العربي وقدرتهم على تحقيق المستحيل.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©