الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

قرقاش: معاهدة السلام تجسد الشفافية الإماراتية

قرقاش: معاهدة السلام تجسد الشفافية الإماراتية
16 أغسطس 2020 01:37

ناصر الجابري (أبوظبي)

أكد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، أن معاهدة السلام بين دولة الإمارات وإسرائيل، تشكل قراراً استراتيجياً وشجاعاً لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتعكس قراءة سموه الجيدة والدقيقة للأوضاع العامة التي تشهدها المنطقة، وتجسد موقع دولة الإمارات ورصيدها الدولي، وإمكانية استخدامه في الساحة الدولية. 
وأشار معاليه، في حوار خاص بث على قناتي أبوظبي والإمارات من شركة «أبوظبي للإعلام» حول معاهدة السلام، إلى وجود مجموعة من العوامل التي اجتمعت لإبرام هذه الاتفاقية، تتمثل في أنها فرصة لمعالجة مسألة أصبحت مقلقة للكثير من الدول، وهي مسألة القرار الإسرائيلي بشأن ضم الأراضي الفلسطينية، وواقع القضية الفلسطينية الذي يبرهن عبر السنوات، أن الوقائع على الأرض تسهم في تغير طبيعة الحلول خلال المراحل اللاحقة.
قال معالي الدكتور أنور قرقاش: «إن القلق من مسألة ضم أجزاء من الضفة الغربية كان موجوداً في العواصم العربية كافة، إضافة إلى العواصم الدولية الرئيسة، كما أعربت الإمارات عبر جهودها الدبلوماسية عن التخوف من هذه المسألة ضمن الإجماع العربي، ولذلك تشكل موافقة إسرائيل على إيقاف وتجميد قرار الضم، مكسباً رئيساً لدولة الإمارات ضمن جهودها الداعمة للحلول في المرحلة الراهنة». 
وتابع معاليه: «توجد عوامل أخرى ساهمت في معاهدة السلام، فدولة الإمارات تحتل موقعاً اقتصادياً مهماً، ويعتبر اقتصادها من أهم وأحدث الأنظمة الاقتصادية الموجودة في المنطقة، وهو ما جعل الدولة مركزاً لكثير من الأنشطة والفعاليات واستضافة المنظمات والهيئات، ومنها استضافة الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، حيث يُعد جزءاً من الالتزامات بالاستضافة هو وجود بعثات لدول العالم كافة، ومنها وجود بعثة إسرائيلية في أبوظبي، إضافة إلى استضافة (إكسبو)، حيث وجهت الدولة الدعوة لكل دول العالم، بما فيها إسرائيل، للمشاركة في المعرض، وبالتالي كانت مسألة قرار العلاقات الطبيعية الاعتيادية مع إسرائيل قرار قادم لا محالة، خاصة مع وجود العلاقات الرسمية وغير الرسمية لإسرائيل مع الدول الإقليمية». 
ولفت معاليه إلى أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، يتسم بقراءته المتميزة، فإنْ كان قرار العلاقات الطبيعية قادماً لا محالة خلال عام أو عامين، فإنه ينبغي النظر إلى تحقيق أكبر قدر من المكاسب في المنطقة، من خلال إلغاء ما يهدد حل الدولتين وهو ضم الأراضي الفلسطينية إلى إسرائيل، إضافة إلى النظر في البُعد الإماراتي، فالقرار بلا شك يعتبر تغييراً «جيو استراتيجياً» مهماً في المنطقة، وسيعزز علاقاتنا مع الولايات المتحدة من خلال الاتفاقية، وسيطور من علاقاتنا الدفاعية والاقتصادية، وموقعنا من خلال التغير الجوهري في طبيعة العلاقة مع إسرائيل. 
وبيّن معاليه أن الإمارات قررت، خلال العام الماضي، التفريق بين الشق السياسي في علاقتها مع إسرائيل، فهناك مشكلة وخلاف يجب أن يحل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبين الشق غير السياسي، ففي الإمارات قررنا الفصل بين الجانبين، ومع وجود العوامل السابقة، جاء القرار بأنها الفرصة المناسبة لاتخاذ القرارات الجريئة التي تغير المنطقة للأفضل.
وأوضح معاليه أن معاهدة السلام تعتبر التزاماً من 3 دول، وعلى رأسها الولايات المتحدة كدولة تعرف جيداً الطرفين وترتبط بعلاقة مميزة معهما، والالتزام متشعب ومتعدد الأطراف، ويشمل تجميد ضم الأراضي الفلسطينية، وبالتالي يزيل همّاً رئيساً في السياسة الدولية، خاصة مع العديد من الاجتماعات التي شاركنا فيها وجلسنا خلالها للنقاش، والقلق المتزايد من فرض الأمر الواقع على الأرض. 
ولفت معاليه إلى أن الحل يبقى لدى أطراف الصراع، الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث ندعو للتحاور والمفاوضات والاستمرار فيها، ومن المهم استغلال الفرص، خاصة أن واقع الصراع العربي - الإسرائيلي هو واقع العديد من الفرص الضائعة.
وحول الجهود التي تمت لإعلان المعاهدة خلال الفترة الماضية، أشار معاليه إلى أن استضافة «آيرينا» و«إكسبو» والاتفاق الثنائي بين الشركات الإماراتية والإسرائيلية للتعاون في إيجاد الحلول الطبية لمواجهة فيروس «كوفيد - 19»، جميعها تشكل تطورات تدريجية، أما العمل التنفيذي فبدأ من خلال فرق العمل خلال الأسابيع الماضية، حيث تم النظر في الموضوع وإمكانية تحقيقه، ورأينا أننا أمام فرصة ذهبية للاتفاق العربي الإسرائيلي، وهذا الاتفاق ليس الأول أو الأخير بين العرب وإسرائيل، إلا أن ما يميز هذه المعاهدة هو وجود النتيجة الفورية المتمثلة في وقف ضم الأراضي وحماية حل الدولتين، وهو المبدأ الأساسي الذي يجب أن يبنى عليه لحل الصراع عبر الجلوس والحوار واستثماره للتوصل لحل دائم. ولفت معاليه إلى أن إسرائيل كانت حاضرة خلال السبعين عاماً الماضية وجميع القرارات العربية الماضية تقر بوجودها، فيما يتمثل الخلاف الأساسي حول حق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ونحن نقف مع هذا الحق، ولكن لو سمحنا بضم الأراضي، وانطلاقاً من واقع الممارسة الذي رأيناه تاريخياً، فإننا كنا سنرى وقائع تختلف في الأرض، وبالتالي هذه الفرصة المتاحة اليوم ستصبح صعبة جداً لاحقاً، ولذلك نحن أمام واقع يجب التعامل معه، ومنطق المعاهدات الجيدة يستند إلى الأخذ والعطاء، وهو ما تم الإعلان عنه. 

تنسيق متبادل
وحول ما نصت عليه المعاهدة من تنسيق في العديد من المجالات، أوضح معاليه أن مسألة التنسيق، ومن بينها التنسيق الأمني، تعتبر أمراً طبيعياً بين الدول كافة، حتى الدول التي تنقطع فيما بينها العلاقات السياسية، فإننا نجد قنوات التنسيق الأمني مستمرة، لاسيما في ملفات عديدة تشمل المنحى السياسي والإرهاب، أو المنحى الجنائي مثل المخدرات وتبييض الأموال. 
وأوضح معاليه أن طبيعة العلاقات الثنائية بين أي دولتين تشمل جوانب عديدة، ومنها الجوانب التي تستفيد منها الإمارات، فالدولة ليست أكبر دول الشرق الأوسط حجماً أو سكاناً، ولكنها ثاني أكبر اقتصاد عربي، وثالث أكبر اقتصاد شرق أوسطي، ونجد أنفسنا لاعباً اقتصادياً دولياً.  وأضاف معاليه: «تسهم المعاهدة في تعزيز موقعنا كمنصة اقتصادية رئيسة في المنطقة، حيث لا تتوقف طموحات دولة الإمارات على أن تكون اقتصاداً إقليمياً فقط بل تشمل أن تكون منصة دولية فاعلة، إضافة إلى جوانب أخرى منها تعزيز التعاون الطبي وهو ما تم من خلال التعاون في الظروف الراهنة، وقضايا أخرى منها الزراعة والأمن الغذائي والتكنولوجيا، حيث نطمح لأن نتحول إلى منصة دولية اقتصادية في هذه المجالات عبر العلاقات الطبيعية مع المؤسسات الدولية ومختلف دول العالم». 
وتابع معاليه: «ستبدأ فرق العمل خلال الفترة المقبلة في تنسيق هذه الجوانب وبناء أطر التفاهم المشترك، نظراً لعدم وجود تفاهمات أو اتفاقيات سابقة، وننظر إلى العلاقة باعتبارها علاقة طبيعية بين أي دولتين، وبالتالي ستشمل رحلات وسياحاً وتبادل سفارات واستثمارات، ودولة الإمارات اتخذت القرار بأن تكون العلاقات مباشرة ومُعلنة، انطلاقاً من شفافيتها ورصيدها الأساسي الدولي، حيث اكتسبت دولة الإمارات مزيداً من احترام العالم من خلال شفافيتها ووضوحها». 
ورداً حول تصريحات الرئيس التركي حول معاهدة السلام، أكد معاليه، أن دولة الإمارات أعقل من أن ترد بتصريح مشابه، لافتاً إلى أن القضية الفلسطينية تم استغلالها لأطماع إقليمية وهذا ليس جديداً، حيث نعيش وضعاً صعباً جداً في العالم العربي، والاستقطاب موجود ونراه في كل مكان، مضيفاً: «نرى الاستغلال السياسي في كثير من الأمور، فتركيا لديها رحلات يومية مع إسرائيل، وهناك 560 ألف سائح إسرائيلي يزورون تركيا، كما يصل حجم التجارة بين الدولتين إلى 2 مليار دولار، إضافة إلى وجود سفارات متبادلة بينهما، وبالتالي هذا الاستغلال للقضية الفلسطينية لم يبدأ اليوم، خاصة من الدول التي تريد أن تنال من الخطوة الإماراتية». 

موقف واضح
وحول رأي السلطة الفلسطينية وبيانها المُعلن حول المعاهدة، أوضح معاليه أن موقف دولة الإمارات شديد الوضوح، وهو الطلب من الجانب الفلسطيني الاستمرار في المفاوضات أياً كانت الصعوبات، والدول العربية ستكون سنداً لهذا الموقف، وهو ليس موقف دولة الإمارات فقط بل موقف كل الدول العربية في معسكر الاعتدال. 
وأضاف معاليه: «قمنا بشيء إيجابي جداً من خلال تجميد المستوطنات، حيث سمعنا دوماً من دول أوروبية أن السلطة الفلسطينية جاهزة للمفاوضات بشرط تجميد الاستيطان، وهو الأمر الذي تم، ونأمل من الجانب الفلسطيني أن ينظر بإيجابية تجاه هذه الخطوة التي جاءت في أحلك الظروف، وحيدت موضوع ضم موضوع الأراضي، وخلقت واقعاً جديداً في الأرض». وأشار معاليه إلى أن معاهدة السلام لا تغيّب السلطة الفلسطينية، بل تمنحها فرصة، حيث ندعو لاستغلال الاختراق الذي تم، فالفلسطينيون هم من سيقررون طبيعة السلام، ودورنا كسائر العرب هو دعمهم، لكن يجب أن يكون لدينا جميعاً استقلالية في التفكير واستغلال الفرص المتاحة، حيث دائماً كنا نواجه بماذا بعد الاجتماعات في الجامعة العربية وبيانات التنديد، واليوم الإمارات تجيب عن هذا السؤال، واستطاعت أن تقوم باختراق تاريخي ضمن المسألة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©