الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

قرقاش: معاهدة السلام قرار سيادي ولم نتشاور مع أي دولة

قرقاش: معاهدة السلام قرار سيادي ولم نتشاور مع أي دولة
21 أغسطس 2020 00:28

وائل بدران (أبوظبي)

أكد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، أن أساس الجهود التي أفضت إلى معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل هو الرؤية الاستراتيجية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدرك المشهد الاستراتيجي وضرورة هذا القرار الجريء لإتاحة الفرص وفتح المجال الجيوسياسي، ليس فقط أمام الإمارات، ولكن أمام المنطقة بأسرها. 
وأوضح معاليه، في مقابلة عبر الإنترنت مع مؤسسة «المجلس الأطلسي» البحثية، تابعتها «الاتحاد»، أن رسالة الإمارات الأساسية للفلسطينيين هي دائماً «شاركوا وفاوضوا»، لأن تاريخ الصراع يؤكد أن التغييرات على الأرض تؤثر على أي اتفاق سياسي، فما كان متاحاً للعرب في 1948 لم يعد متاحاً في 1967 والمتاح اليوم قد لا يكون متاحاً في المستقبل، مؤكداً أن ضم الأراضي الفلسطينية كان يشكل تهديداً حقيقياً على حل الدولتين، وكانت الإمارات من أول الدول التي أعربت عن رفضها للضم. ولفت إلى أن من أهم فوائد المعاهدة بالنسبة للإمارات «وقفُ الضم الذي أفسح المجال للإبقاء على حل الدولتين»، مضيفاً: «إذا نظرنا إلى مبادرة السلام العربية فإنها تركز على حل الدولتين، ومنذ الإعلان عن مبادرة السلام العربية قبل 18 عاماً كان أكبر تهديد يواجه هذه المبادرة هو ضم الأراضي الفلسطينية». وقال معاليه: «لم نتفاوض نيابة عن الفلسطينيين، فطرفا الصراع هما من سيقرران الشكل النهائي لأي حل، ونأمل أن يكون دولة فلسطينية مستقلة»، موضحاً أن الإمارات رأت فرصة، في وقت طالب فيه كثير من الأطراف، لاسيما العواصم الأوروبية، بالمساعدة في وقف عملية الضم، لافتاً إلى أن الشعوب لطالما طالبت القادة العرب بأكثر من مجرد تصريحات.

لا إطار زمنياً 
وذكر معاليه أن وقف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية لا يحدد إطاراً زمنياً، لكن من المفهوم أنه سيوفر فرصة وعلى الجميع أن يحض الفلسطينيين على خوض المفاوضات. وتابع: «لا أرى أن وقف الضم سيستمر إلى الأبد، كما أنه ليس تكتيكاً إسرائيلياً، ولا أتوقع أن يتخلى الإسرائيليون عن التزامهم بوقف الضم في غضون أشهر، لذا أرى أن هناك فرصة وفترة جيدة من الوقت، لذا لا بد من الاستفادة منها». 
وجدد معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية التأكيد على أن قرار «معاهدة السلام» هو قرار سيادي إماراتي، ولم تتشاور فيه الإمارات مع أي من الدول قبل الإعلان عنه. وقال: «إنها مخاطرة محسوبة، وما فعلناه هو الصواب، وأيدته جميع العواصم الرئيسة في العالم»، لكنه لفت إلى أن المنطقة تشهد حالة من الاستقطاب بسبب تركيا وإيران وبعض الفصائل العربية، غير أن هذا الاستقطاب موجود قبل الإعلان وبعده، ولم يتغير أي شيء فخطوط التماس على حالها. 
وأشار معاليه إلى أن الإمارات تأثرت بذلك التأييد العالمي الواسع للمعاهدة، وستمضي قدماً لأن المنطقة تستحق الخروج من ذلك الجمود السياسي الحالي الذي يعيق تقدمها، موضحاً أنه كان لا بد من كسر كثير من الحواجز، لإتاحة كثير من الفرص أمام المنطقة العربية وجعلها أكثر انفتاحاً وعالمية. وأوضح أنه لم يكن أحد يتخيل أن يزور بابا الكنيسة الكاثوليكية شبه الجزيرة العربية، وفي ذلك الوقت، تعرضنا للانتقادات ذاتها من الفئة ذاتها من المنتقدين الذين يعترضون على معاهدة السلام، مؤكداً أن الإمارات تقدم نموذجاً متطوراً وناجحاً في المنطقة، ولا يمكن أن تبقى المنطقة أسيرة للأصوات العالية والجعجعة من قبل بعض الدول الإقليمية التي تحاول التلاعب بالجانب العاطفي من القضية الفلسطينية، وتبقى في حالة من الجمود واللامبالاة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية. وقال معاليه: «سنمضي قدماً في إقامة العلاقات الطبيعية مع إسرائيل، فالإمارات لديها سياسة خارجية ثابتة وتسعى لتحقيق ما في مصلحتها»، لافتاً إلى أن العلاقات مع إسرائيل قبل الإعلان عن المعاهدة بدأت بأمور غير سياسية، مثل المؤتمرات. وأوضح معاليه أنه عندما سعت الإمارات لاستضافة الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» ومعرض «إكسبو» الدولي، كان لا بد من قبول أن يكون لإسرائيل وفد وتواجد، مشيراً إلى أنه مع تطور الأمور كان من الطبيعي النظر في إقامة علاقات طبيعية، وكان من المتوقع حدوث ذلك عاجلاً أم آجلاً. 
وتابع: «ليست الإمارات وحدها، وإنما هناك أكثر من دولة عربية في مراحل مختلفة من إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل».

مكانة عالمية
وذكر معاليه أن الإمارات لديها مكانة عالمية، على الأصعدة التجارية والمالية واللوجستية، ولتعزيز هذه المكانة لا يمكن الإبقاء على نظرة إقصائية للعالم، موضحاً أن هناك فرصاً كبيرة تفتحها المعاهدة، وبالنظر إلى أن الاقتصاد الإماراتي أكبر من نظيره الإسرائيلي، فسيستفيد الجانب الإسرائيلي من ديناميكية الاقتصاد الإماراتي، كما أن لدى إسرائيل أيضاً ميزة حيوية في مجالات محددة يمكن للإمارات الاستفادة منها. وقال معاليه: «لدينا اهتمام بالقطاع الزراعي والأمن الغذائي والطبي، وخصوصاً المجالات الطبية التي قطعت فيها إسرائيل شوطاً مهماً مثل (التطبيب عن بُعد)، وكذلك المجالات التكنولوجية»، لكنه أوضح أنه لا بد بداية من توفير بعض الأطر المهمة مثل الترتيبات المصرفية واللوجستية وكذلك إتاحة السفر أمام الأشخاص. 
ونوّه معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية إلى أن السلام بين الإمارات وإسرائيل، سيكون دافئاً، لأنه -على النقيض من مصر والأردن- لم تكن هناك حرب بين البلدين، موضحاً أنه بعد إكمال الترتيبات، سواء في غضون أسابيع أو شهور، فإن أي سفارة إماراتية في إسرائيل ستكون في تل أبيب. وحول التقارير المتعلقة بسعي الإمارات للحصول على الطائرات الأميركية من طراز إف 35، قال: «إن طلب الإمارات لهذه الطائرات لا علاقة له على الإطلاق بمعاهدة السلام مع إسرائيل، وإنما هو طلب مشروع تم تقديمه منذ ستة أعوام، ولا أرى سبباً لعدم الحصول على هذه الطائرات».  وتابع معاليه: «إن الإمارات تمتلك بالفعل طائرات إف 16، وآن الأوان لتحديثها ولطالما كانت إف 35 هدفاً، للمتطلبات الدفاعية الإماراتية، لكن لا علاقة للأمر بالمعاهدة مع إسرائيل».
وقال معاليه: «إن دعم المعاهدة من قبل كلا الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة أمر مشجع، وإيجابي». 

رؤية معتدلة
وفي رد على سؤال لمديرة النقاش كريستين فونتان روز، أكد معاليه على أن المعاهدة مع إسرائيل لا علاقة لها على الإطلاق بإيران، وإنما هي بشأن الآفاق التي تفتحها وإنقاذ حل الدولتين من خلال تعزيز الرؤية المعتدلة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. 
وأكد أن الإمارات تؤيد دوماً الحوار ونزع فتيل التصعيد في المنطقة، مؤكداً أن تصريحات الرئيس دونالد ترامب والمرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية ونائب الرئيس السابق جو بايدن، حول ضرورة عقد حوار مع إيران في فترة ما بعد الانتخابات الأميركية هو أمر مشجع. لكنه لفت إلى أن التصريحات المتنمرة والسياسات العدوانية من قبل إيران لا تسمح لكثير من الدول حولها أن تثق في رؤية طهران للمنطقة.

تطور استراتيجي
وصف ستيفن هادلي، نائب الرئيس التنفيذي لـ«المجلس الأطلسي» الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، معاهدةَ السلام بين الإمارات وإسرائيل بأنها «تاريخية» بسبب الفرص التي تقدمها، لاسيما على صعد التعاون والتبادل الاقتصادي والعلمي والإنساني.
واعتبر هادلي، الذي قدم الجلسة النقاشية التي شارك فيها معالي الدكتور أنور قرقاش، أن المعاهدة أهم تطور استراتيجي في الشرق الأوسط في الذاكرة الحديثة، وتنطوي على إمكانات هائلة أمام السلام والازدهار للمنطقة. 
وأضاف: «تضطلع الإمارات تضطلع بدور كبير على الساحة العالمية»، مؤكداً أن هذه اللحظة تشكل فصلاً جديداً، وتنطوي على أهمية كبيرة لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©