الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«مهارات الطلاب» ضمانة نجاح منظومة «الهجين»

«مهارات الطلاب» ضمانة نجاح منظومة «الهجين»
13 سبتمبر 2020 00:50

دينا جوني (دبي) 

في تطبيقها لنموذج «التعليم الهجين»، تضع وزارة التربية والتعليم دولة الإمارات في قائمة الدول الساعية إلى تجويد عملية التعلّم في ظروف صحية استثنائية وبأفضل السبل المتاحة. 
فقد صدرت قبل أيام ورقة عمل عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تعتبر أن «تفريد التعليم» باستخدام التكنولوجيا يعدّ أحد أبرز الحلول لدفع عجلة التعليم خلال وبعد جائحة «كورونا»، وتعويض ما فقده الطلبة من معارف ومهارات على مرّ مختلف المراحل التعليمية، بالإضافة إلى تعلّم المهارات الجديدة.
وفي «تفريد التعليم» الذي تنفّذه وزارة التربية من خلال برنامج محمد بن راشد للتعلّم الذكي، والذي يعدّ الضامن لنجاح نموذج «التعليم الهجين»، تختلف الأهداف التعليمية التي يفترض بالطالب تحقيقها بغض النظر عن أهداف زملائه في الصف نفسه، وتتنوع من اكتساب الكفايات الأساسية إلى إتقان التحديات الأكاديمية العميقة في كل مادة. ويؤكد الخبراء أن تحقيق ذلك، لا يكون باتباع الأساليب النمطية للتعليم الإلكتروني، وإنما بتحويل المعلمين من مستخدمين للتكنولوجيا إلى مصممين لعملية التعليم نفسها بما يلائم القدرات الفردية والهوة الآخذة في الاتساع بين الطلبة داخل الصف الواحد. ويضع ذلك مزيداً من التحديات أمام المعلم الذي يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى التدرّب على «الـتفكير التصميمي» لوضع الحلول الابتكارية. 
وأعلن الدكتور حمد اليحيائي الوكيل المساعد في وزارة التربية والتعليم لقطاع المناهج والتقييم، أن الوزارة بدأت العمل على تغيير أدوات قياس ومنظومة تقييم الطلبة ومدخلاتها، والمناهج الدراسية والإطار الوطني للمعايير لضمان تطبيق نموذج التعليم الهجين الذي تطبّقه المدرسة الإماراتية في العام الدراسي 2020-2021.
وشرح في تصريحات لـ«الاتحاد» أن تطبيق نموذج التعليم الهجين واستخدام التكنولوجيا في التعليم عن بُعد بنسبة 30% من الخطة الدراسية، يعدّ الضمانة لعملية «تفريد التعليم» في المدرسة الإماراتية. 
وتفريد التعليم هو تصميم وتطويع التعلّم لاستخدام التكنولوجيا، وفق احتياجات الطالب ومستواه المعرفي وقدراته العقلية بهدف تحقيق الكفايات بنمط تعليمي وبسرعة تعلّم تختلف من طالب إلى آخر.
ولفت د. اليحيائي إلى أن المنصات التعليمية التفاعلية التي يستخدمها برنامج محمد بن راشد للتعلّم الذكي، معززة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وتسمح من خلال البيانات الضخمة بالرصد الدقيق لأداء الطالب، وتصميم أساليب تعليمية تطبق نظام المستويات الذي يراعي الفروق الفردية بين الطلبة في كل مادة دراسية، واكتسابهم المعارف والكفايات. فبعد أن كان تفريد التعليم محصوراً في السابق بمادة الرياضيات، أصبح اليوم مع التعليم الهجين يشمل مختلف المواد الدراسية منها مواد اللغات.
وقال: وفّرت منصة التعلّم الذكي بيانات ضخمة ومتنوعة عن سلوكيات الطالب تجاه عملية التعلّم بمختلف جوانبها، الأمر الذي مهّد لتكون المدرسة الإماراتية سبّاقة في تطبيق «تفريد التعليم». وقد شكّلت تلك البيانات إضافة جديدة مكّنت وزارة التربية من استخدام برامج أكثر طموحاً للطلبة المتميزين الذين ينجزون مستهدفات التعليم في فترة زمنية أقل من تلك المرصودة للمادة الدراسية. وتسمح المؤشرات التي يبيّنها تحليل البيانات الضخمة، أن يدرس الطلبة الذين يمتلكون مقدرات أو مهارات فردية أكثر تقدّماً من غيرهم، وخلال وجودهم في مرحلة التعليم العام، مساقات جامعية في مؤسسات التعليم العالي الوطنية، أو في الجامعات الأجنبية الرائدة مثل جامعة كولومبيا. ولفت إلى أن كل تلك القرارات على مستوى الطالب تحددها البيانات الصادرة عن برنامج التعلّم الذكي. 
وأضاف: توفر بوابة التعلّم الذكي منصات تكيفية تضم مصادر تعليمية تفاعلية تستهدف المراحل التعليمية في الحلقتين الأولى والثانية، قادرة على تقديم المحتوى الذي يناسب المهارات الفردية لكل طالب. ولا يستثنى من ذلك أيضاً طلبة رياض الأطفال ومرحلة ما قبل الروضة، الذين خصصت لهم الوزارة برنامج براعم المستقبل، الذي يضم بالإضافة إلى المناهج التعليمية الإلكترونية، منصات داعمة للأطفال لتكوين البناء المعرفي للطفل والذي سيلعب دوراً مؤثراً في مسيرته التعليمية لاحقاً وفق ما تتفق عليه الأبحاث والدراسات التربوية. وتساهم تلك المنصات في إثراء الحصيلة اللغوية والمعرفية لدى الطفل، وتحريك فضوله وتعزيز دافعيته للبحث والتفكير والتساؤل والتعلّم.
وشرح أن تطبيق التعليم الهجين قد أفرد مساحة كافية من الخطة الدراسية بنسبة 30 في المئة لتفريد التعليم، لكي يكتشف فيها الطالب إمكانياته. كما مكّن الوزارة من تتبّع أداء الطالب أفقياً على مستوى المواد الدراسية ومهاراتها وتمكّنه من العمق المعرفي فيها، وعمودياً على مستوى المراحل التعليمية، عبر استخدام البيانات الضخمة. ويساعد ذلك الإدارات المدرسية والمعلمين على توجيه الطالب إما نحو التركيز على محاور معينة في المنهاج الدراسي والكفايات، لكي يتمكّن منها قبل الانتقال إلى المرحلة التعليمية الأعلى، أو على تقديم مستوى أعلى وأكثر عمقاً من الدروس والمفاهيم، إذا كان قد أصبح مستعداً لتعلّمها. 
وعما إذا كان نموذج التعليم الهجين يتطلّب تقليص المناهج أو إلغاء الوحدات الدراسية أو حتى مواد دراسية بعينها، شرح الدكتور اليحيائي أن منظومات التعليم الحديثة لا تكون فيها المناهج مقننة بالزمن المخطط لها، أي محصورة بجدولة جامدة لبدء شرح الوحدات والانتهاء منها لجميع الطلبة في صف دراسي معيّن، وإنما تمنح مساحات زمنية للطالب لاكتساب المهارات وفق مستوياته المعرفية والعقلية. وأشار د. اليحيائي، أن وزارة التربية والتعليم تعمل على تكييف المناهج والإطار الوطني للمعايير، بالإضافة إلى أدوات القياس ومنظومة التقييم ومدخلاتها لضمان تطبيق نموذج التعليم الهجين.

 القياس غير المباشر
أكد الدكتور حمد اليحيائي، أن تفريد التعليم يعتمد على القياس غير المباشر لأداء الطالب، من خلال الحلول والمنصات التي تضمها بوابة التعلّم الذكي المعززة بأدوات قياس ذكية ودقيقة تضمن رسم ملامح خريطة التعلّم للطالب. وأشار إلى أن انطلاقة الطالب في «تفريد التعليم» تبدأ بالوقوف على مستواه وموقعه من نواتج التعلّم والفجوات فيها. وقال إنه على ولي الأمر أن يعلم أن تفعيل تلك المنصات التعليمية المتوفرة على بوابة التعلّم الذكي ويمكن الولوج إليها من المنزل، تدعم الطالب في مسيرته التعليمية وتعطيه فكرة واضحة عن مستواه.

«التعليم الهجين» لا يعترف بالخبـرات السابقة للمعلمين
يبدي عدد من معلمي المدارس الحكومية حماسة كبيرة تجاه نموذج التعليم الهجين الذي بدأت وزارة التربية والتعليم بتطبيقه على الطلبة في الصفوف من الثالث إلى السادس، في المرحلة الأولى من العودة الآمنة إلى المدارس في الدولة.
ويتفق المعلمون على أهمية مرحلة التعلّم عن بُعد التي طبقتها المدرسة الإماراتية في مارس الماضي بعد انتشار فيروس كورونا، وساهمت على الرغم من التحديات التي واجهتهم، في إعدادهم على مستوى ممارسات وطرق التعليم والمستوى التقني، لبدء مرحلة التعليم الهجين.
ويعتبر المعلمون أن النموذج الجديد «ليس سهلاً»، وإن كان منهم من يعلِّم في المرحلة التعليمية نفسها لسنوات عدة، إلا أن «التعليم الهجين» يتطلّب منهم يومياً مجهوداً كبيراً في الإعداد والتحضير، لأن شرح وتقديم الدروس أصبح يختلف تماماً عمّا كان عليه في السابق. 
وخلال جولة لـ«الاتحاد» في الصفين الخامس والسادس لحضور حصتين في العلوم والرياضيات على نمط التعليم الهجين، في مدرسة ند الحمر للتعليم الأساسي في دبي، أظهر المعلمون مستوى جيداً من الإدارة الصفية وتوزيع المهام بين الطلبة.
وقالت هناء شريدي، مسؤولة مسار النخبة في المدرسة، إن العدد الأكبر من الطالبات في المرحلة الأولى من التعليم الهجين يدرسن عن بُعد، مشيرة إلى أن جميعهن يمتلكن حواسيب، وقادرات على متابعة الحصص يومياً. ولفتت إلى أنه على الرغم من بعض التحديات التقنية «الروتينية» في بداية العام الدراسي، فإن المعلمين لديهم المهارة الكافية لتخطي تلك التحديات وإيجاد بيئة صفية تفاعلية. وأكدت أن مسؤولي المسارات في المدرسة يرفعون تقريراً بالتحديات إلى الإدارة التي ترفعه بدورها إلى الدعم الفني في الوزارة لحلّها. 
وقالت مجد سويدان، معلمة الرياضيات في الصف الخامس، إن التعليم بالتجربة هو المصدر الأساسي لتطوير أداء المعلم في نموذج التعليم الهجين. وشرحت أنه بعد انقضاء مرحلة التعليم عن بُعد التي طبّقت العام الدراسي الماضي خلال جائحة كورونا، أصبح المعلم أكثر جاهزية للتجريب، وأكثر ثقة في إدارة البيئة الصفية وتأمين التفاعل البنّاء بينه وبين الطلبة.
ولفتت إلى أنه من الأمور التي يحاول المعلم أن يعتاد عليها أسلوب تقييم الطلبة والمشاركة في الصف، واحترافها لا يتطلب سوى مزيد من الممارسة والتدريب، مشيرة إلى أن فضول المعلم ودافعيته يعدّان عاملين أساسيين في تخطي تلك التحديات ومحاولة إيجاد الوقت للاطلاع على ممارسات معلمين آخرين من داخل الدولة وخارجها.

 المحتوى الأكاديمي
قالت إسراء جرادات، معلمة العلوم للصف السادس، إن المحتوى الأكاديمي الذي تقدّمه المعلمات هو نفسه للجميع، يزيد أو ينقص بحسب المهارات الفردية للطالب أو الطالبة. لكن على الرغم من أنها تمتلك خبرة تمتد لست سنوات متتالية في الصف السادس، إلا أنه مع التعلّم الهجين لا يمكن للمعلمة أن تبدأ يومها في الصف، معتمدة على أي خبرة سابقة. وقالت إن التحضير والإعداد لكل وحدة دراسية أمر لا بدّ منه، لأن أسلوب شرح الدرس وعرض المعلومات بطريقة التعليم الهجين مختلف كلياً عمّا تمّ الاعتياد عليه في السنوات السابقة. فالشرح البصري يجب أن يكون أكثر تفصيلاً من السابق، لكي يتمكّن الطالب من فهم الدرس حتى لو جاء صوت المعلمة متقطعاً أحياناً عبر البث المباشر للحصة.
وأشارت إلى أن التعليم الهجين يضمن حضور الطلبة إلى المدرسة، وهي مسألة بالغة الأهمية لتطوير المهارات الاجتماعية ومهارات التواصل لدى الطلبة، وهو ما لا يمكن أن يحصل خلال التعلّم عن بُعد. وأكدت أن التدريب المستمر أمر أساسي في نجاح نموذج التعليم الهجين، لكي يبقى المعلم على اطلاع على أفضل الممارسات، إلا أن العنصر الأساسي في تطوير قدرات المعلم هو الممارسة المستمرة لهذا النوع من التعليم، والذي يمكن من خلاله رصد نقاط الضعف والقوة في أداء المعلم لتطويرها.

أولياء أمور: صعوبات مع الصفوف التأسيسية
أكد عدد من أولياء الأمور أنه على الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها المعلمون خلال حصص التعلم عن بُعد، إلا أن أساليب التعليم المستخدمة تجعل من الصعب على طلبة المرحلة التأسيسية في الحلقتين الأولى والثانية التركيز لمدة نصف ساعة متواصلة أو أكثر خلال الحصة، لافتين إلى أن عرض أوراق العمل النمطية للطلبة لحلّها على الألواح الذكية ليس استخداماً «ذكياً» لتكنولوجيا التعليم ولا يضع إلا مزيداً من الضغط على ولي الأمر ويكبّد الطالب مزيداً من الخسائر للمعارف والمهارات.
وقالت خاتمة الكيلاني التي يدرس أبناؤها في الصفين الثالث والسادس في إحدى المدارس الخاصة في دبي، إن التعليم عن بُعد لتلك المرحلة العمرية «لا طائل منه»، لافتة إلى أنه بالنظر إلى تجربة أبناء صديقاتها في الصفوف الثانوية، فإن التعليم الهجين «ممتاز» في مرونته وفي مقدرة الطلبة على الاستفادة منه. وأكدت أنه في تلك الأوقات الاستثنائية، فإنه لا ملامة على أحد، فالجميع يبذل جهده لتقليل الخسائر سواء مسؤولي التعليم أو إدارات المدارس والمعلمين وأولياء الأمور. 
وقالت أسيل الزعبي التي تدرس ابنتها في الصف الثاني في إحدى المدارس الخاصة، إن مع كل التغييرات التي يشهدها التعليم في العالم وفي الإمارات على حدّ سواء، أصبح لزاماً تغيير المناهج وأسلوب التدريس بما يواكب تلك التغييرات. واستنكرت استخدام أساليب التعليم داخل المدرسة خلال حصص التعلّم عن بُعد، مشيرة إلى أن إبطاء إيقاع الحصة ورفد الطالب بالمعارف والمهارات قد يكون مفيداً للطلبة في المراحل العمرية دون العشر سنوات. 
بدورها، قالت أسماء عبد الله العبيدلي وإبراهيم السويدي إن تدريس أولادهما الذين يرتادون إحدى المدارس الحكومية حصص «التعلم عن بُعد» لا يعود إلا بفائدة قليلة مقارنة بالكفايات التي يفترض بالطالب اكتسابها. 
وقالا إنه يجب أخذ تجربة التعليم الهجين بواقعية وعدم المكابرة على الواقع الذي تلعب فيه جهات العمل دوراً بارزاً في إنجاحه أو إفشاله. وأكدا أنه من الصعب على ولي الأمر أن يفرض على أبنائه في المراحل التأسيسية الجلوس أمام الحاسوب والتركيز مع الطالب. ولفتا إلى أنهما متفهمان للمجهود الذي يبذله المعلمون ولكن لا بد من إجراء بعض التعديلات على المناهج وطريقة العرض وجذب الطالب لإنجاح هذا النموذج.

«التفكير التصميمي» للمدرسين لسدّ الفجوة التعليمية خلال «كورونا»
مع تزايد استخدام التكنولوجيا في التعليم منذ انتشار فيروس كورونا، وتطبيق التعليم الهجين في عدد من المنظومات التعليمية في العالم، ومنها المدرسة الإماراتية، أصبحت طرق التعليم أكثر تمحوراً حول الطالب لتلبية احتياجاته المعرفية الفردية بمرونة تتخطى ما كان سائداً في السابق، من أطر زمنية محددة لاستيعاب الوحدات الدراسية ومهاراتها. كما أنها وبالاستعانة بتقنيات التعليم، إحدى الاستراتيجيات الأساسية التي تساعد المدارس اليوم على سدّ الفاقد التعليمي للطلبة في مختلف المراحل الدراسية الذي أحدثته جائحة كورونا. وتتطلب أساليب التعليم الجديدة اليوم من المعلمين أن يتحولوا من مستخدمين لتكنولوجيا التعليم إلى مصممين لعملية التعليم الفردية للطلبة، ما يعني حاجتهم إلى اكتساب مهارات لم تكن في السابق جزءاً من برنامجهم التدريبي السنوي.
وقال هاني عصفور عميد معهد دبي للتصميم والابتكار إن تحسين التعليم من منطلق التفكير التصميمي يأخذ بعين الاعتبار الذكاء العاطفي في الغرفة الصفية الافتراضية أو الواقعية، وهو أمر بالغ الأهمية في الوقت الذي تتجه فيه مختلف القطاعات، ومنها التعليم إلى استخدامات الذكاء الاصطناعي والروبوتات. 
وقال إن مفتاح التفكير التصميمي هو التعاطف مع المستخدم- الطالب، كسبيل للمعلم للوصول إلى الطريقة المثلى لتعلّمه وقبوله المعارف بما يناسب حالته العاطفية والنفسية ومستوى قدراته الفردية. وشرح أنه لتحقيق هذه الغاية، فعلى المعلم ألا يتعاطى مع التكنولوجيا كغاية، وإنما مجرد وسيلة لإيصال الرسالة أو المحتوى أو المعرفة للطالب من ناحية، والاستفادة القصوى منها لتحفيز الطالب على التعلّم متخطياً مخاوفه في لحظة معينة أو هواجسه الخاصة وما يدور في ذهنه، والتركيز على العملية التعليمية بمساعدة المعلم المتعاطف معه والمتفهّم لمشاعره وحالته. 
وأشار إلى أن التعليم الهجين الذي فرض نفسه على المنظومات التعليمية بسبب جائحة كورونا، يطبّق اليوم في عدد من دول العالم، ويتطلّب من المعلم تطبيق أساليب تعليمية تختلف في عمقها ومستواها باختلاف مستوى الطالب وقدراته وحالته الذهنية، وذلك لإبقاء الطالب منتبهاً ومندمجاً في العملية التعليمية التي تحصل عن بُعد.
وقال إن الأبحاث والدراسات القائمة حالياً في مجال التعليم لا بدّ أن تكشف في المستقبل القريب عن المعطيات الجديدة لشكل التعليم بناء على نموذج التعليم الهجين أو غيره، فقد تصبح الحصة الواحدة 20 دقيقة، أو تصبح سرعة إيقاع الدرس أكثر بطئاً أو سرعة من ذي قبل. 
ولفت إلى أن التفكير التصميمي يزيد الثقة بالتكنولوجيا، من خلال تطوير العلاقة مع «الأداة» و«الآلة»، فلا تبقى عمياء أو صماء وخارجة عن السيطرة أمامنا، مشيراً إلى تعاون المعهد على سبيل المثال مع كلية محمد بن راشد للطلب والعلوم الصحية لتطوير مادة التفكير التصميمي داخل العلم الطبي بهدف تحسين الطب ليس من منطلق فهم البيانات ونتائج فحوص المريض، وإنما من منطلق التعاطف معه.
واعتبر أن التغير الذي يشهده التعليم اليوم، يتطلّب أن ينخرط المعلمون في عملية تصميم أساليب التعلّم، كون القوالب الجاهزة والجداول الزمنية لإنهاء المادة أو الوحدة الدراسية، وبالتالي فإن إعداد برنامج تدريبي خاص بتصميم التعليم في المدارس والجامعات، سيشكّل فراقاً كبيراً في دفع العملية التعليمية لتواكب تلك التغيرات السريعة الحاصلة اليوم بسبب جائحة كورونا، والتي لن ينفع أن يعود بعدها التعليم إلى سابق عهده.
بدوره، قال الدكتور عيسى البستكي مدير جامعة دبي إن دور المعلم خلال تطبيق نموذج التعليم الهجين الذي يعتمد على التعلّم الذكي، هو في تصميم أسلوب تعلّم لا يدمج فقط الطالب في العملية التعليمية في حينها، وإنما يحبّبه بالتعلّم ويحفّزه على استمرارية التعلّم بعد انقضاء الحصة. ولفت إلى إلى أن استخدام التكنولوجيا مع تطبيق طرق التعلّم النمطية مثل قراءة الدرس، أو عرض شرائح المعلومات لا يصبّ في خانة التعلّم الذكي ولا يصيب الطالب إلا بالملل والرغبة بإنهاء حصة التعلّم بأسرع وقت ممكن. 
وأكد أن الجانب التفاعلي في تصميم التعليم والذي يتيحه استخدام التكنولوجيا يعدّ عنصراً مهماً في حقبة التعلّم الذكي، التي بدأتها المدرسة الإماراتية منذ العام 2012 مع إطلاق برنامج محمد بن راشد للتعلّم الذكي. فالتكنولوجيا تأخذ حيزاً كبيراً من أسلوب حياة الطالب اليوم، وطريقة عيشه وتفاعله مع الآخرين وتلقيه للمعلومات، والتعليم بمنأى عنها سيكون من دون شك خارج الزمن.

 

 

 

 

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©