الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات وإسرائيل آفاق اقتصادية واعدة

الإمارات وإسرائيل آفاق اقتصادية واعدة
15 سبتمبر 2020 03:01

مصطفى عبدالعظيم (دبي)

ترسم معاهدة السلام بين دولة الإمارات وإسرائيل ملامح مشهد اقتصادي جديد في منطقة الشرق الأوسط، يُشكل نواة لمرحلة قادمة من الازدهار والتنمية والتعاون الإقليمي، وفقاً لخبراء اقتصاديين وتقارير وكالات التصنيف الائتماني العالمية.
وتوقع الخبراء حدوث تحول كبير في الخارطة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية في المنطقة، بالنظر إلى الميزات التنافسية للبلدين، والانفتاح الواسع على حركة التجارة الدولية، وتعدد القطاعات التي يمكن أن تُشكل منطلقاً للتعاون الثنائي، لافتين إلى أن المعاهدة خطوة مهمة باتجاه تحديد منحى اقتصادي متقدم وواضح للمنطقة.
ورصد الخبراء أكثر من 10 قطاعات اقتصادية مرشحة لجني مكاسب المعاهدة، تتصدرها قطاعات السياحة والنقل والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والزراعة والأمن الغذائي والرعاية الصحية والاستثمار والتجارة والتكنولوجيا المالية.

مستقبل مزدهر
توقع سودير كومار، شريك ورئيس اتصالات الشركات في مجموعة «كريستون مينون»، المتخصصة في الاستشارات المالية والإدارية للشركات، أن تقود معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل، إلى تحول كبير في المشهد الاقتصادي والتجاري والاستثماري، مشيراً إلى أن إطلاق رحلات جوية تجارية منتظمة بين البلدين، وفتح المجال أمام التعاون في القطاع المصرفي والمالي، سيؤديان إلى سهولة التنقل وتسريع الاستفادة من الفرص بتوقيع صفقات استثمارية وتجارية ضخمة.
وأوضح كومار أن البلدين يمتلكان العديد من المقومات والفرص والميزات التنافسية، التي يمكن أن ترسم ملامح مستقبل واعد للتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، وأن تشكل منعطفاً جديداً في صياغة علاقات ثنائية تؤسس لمستقبل مزدهر للجميع.

خبرات علمية
رشح الخبراء عدداً من القطاعات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية للاستفادة خلال المرحلة المقبلة من معاهدة السلام، تتضمن الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، والرعاية الصحية والتكنولوجيا المالية في قطاعات التأمين، فضلاً عن قطاعات التصنيع وتكنولوجيا الفضاء.
وتوقع سودير كومار، شريك ورئيس اتصالات الشركات في مجموعة «كريستون مينون»، أن تستقطب الإمارات استثمارات كبيرة في قطاعات متعددة، أبرزها قطاع الزراعة المستدامة والزراعة العمودية، عبر استقطاب شركات التكنولوجيا الزراعية، والتي يتوقع أن يواكبها نقل التكنولوجيا لتمكين الشباب الإماراتي في هذا القطاع، الذي يحظى باهتمام كبير من قبل حكومة الإمارات، لاسيما وأن إسرائيل لديها خبرات كبيرة في العلوم النباتية والتكنولوجيا الحيوية الزراعية.  ورجح أن يستفيد قطاع السياحة والسفر استفادة كبيرة من هذه المعاهدة، بمجرد توقيع اتفاقيات ثنائية في مجال النقل الجوي، مؤكداً أن مطارات الإمارات، والتي تمتلك ناقلات وطنية لديها شبكة وجهات عالمية، ستشكل محوراً رئيساً للسياح الراغبين في السفر إلى إسرائيل.

توسيــــع المكاسب 
قال سودير كومار، شريك ورئيس اتصالات الشركات في مجموعة «كريستون مينون»، «إنه بالإضافة إلى فرص التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والتجارية بين الإمارات وإسرائيل، يمكن توسيع المكاسب من المعاهدة لتضم أطرافاً أخرى من خارج العالم العربي، ترتبط بعلاقات اقتصادية واستثمارية مع الجانبين، مثل الهند التي تتمتع بعلاقات استراتيجية قوية مع الإمارات، ولديها علاقات قوية مع إسرائيل أيضاً». 
وأشار إلى أن التعاون الاقتصادي بين الدول الثلاث من شأنه أن يعزز من مسار الأعمال الثنائي القائم بالفعل بين الإمارات والهند أو الهند وإسرائيل في مختلف القطاعات، مع إمكانية تعاون المستثمرين من الدول الثلاث في مشاريع كبرى.
وأوضح أنه بمجرد بدء الرحلات الجوية التجارية بين الإمارات وإسرائيل، وتسيير كل من طيران الإمارات والاتحاد للطيران رحلات إلى تل أبيب، ستشهد وجهاتها الحالية إلى الهند ارتفاعاً كبيراً في الطلب من قبل رجال الأعمال والسياح الإسرائيليين، المعروف عنهم حبهم للسفر، حيث يسافر أكثر من نصف سكان الإسرائيليين إلى الخارج سنوياً. وأكد أن المعاهدة ستساهم كذلك في ترسيخ جاذبية الإمارات للاستثمار الأجنبي المباشر والشركات العالمية، التي يتوقع أن توسع أنشطتها في الإمارات، للاستفادة من بيئة الأعمال المحفزة من جهة، وأيضاً لسهولة تغطية أسواق المنطقة كافة، بما فيها إسرائيل، انطلاقاً من مقارها في دولة الإمارات، مع سهولة وحرية التنقل بين البلدين، بما يعزز من فرص نمو المبادلات الاستثمارية والتجارية بوتيرة سريعة.
وأضاف كومار: «إن إسرائيل يمكن أن تستفيد من المكانة الكبيرة للإمارات، كمحور تجاري عالمي واقتصادها المنفتح على التجارة الدولية، في ربط تجارتها بأسواق أخرى في المنطقة، في ما تشكل إسرائيل سوقاً جديداً للصادرات الإماراتية، ومن بينها النفط، حيث تستهلك إسرائيل نحو 254 ألف برميل من النفط يومياً جميعها مستوردة».

«موديز»: فرص هائلة لقطاع التكنولوجيا
توقعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتمانية، أن تحقق معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل، والتي تم الإعلان عنها في 13 أغسطس الماضي، مكاسب اقتصادية كبيرة للبلدين خلال الفترة المقبلة، لافتة إلى أن مجالات الاستفادة ستمتد إلى اقتصاد المعرفة القائم على التكنولوجيا.
وأوضحت الوكالة، في تقرير حديث لها، أن إقامة العلاقات الدبلوماسية الاعتيادية بين الإمارات، التي تحظى بتصنيف ائتماني (Aa2 مع نظرة مستقبلية مستقرة)، وإسرائيل المصنفة بمستوى (A1 مع نظرة مستقبلية مستقرة) سيفتح فرصاً كبيرة للعلاقات الثنائية في قطاعات السياحة والتجارة والاستثمار والنقل والتكنولوجيا.
وأشارت إلى أن قطاع النقل الجوي الإماراتي في وضع جيد للاستفادة من العلاقات بين البلدين، إذ يمكن أن تجتذب الناقلات الوطنية الإماراتية، الركاب الإسرائيليين، بالإضافة إلى الطلب المحتمل على السياحة المباشرة بين البلدين. وأكد التقرير أن المعاهدة ستنعكس إيجاباً على اقتصاد المعرفة القائم على التكنولوجيا المتقدمة، والذي يشكل جزءاً مهماً في رؤية أبوظبي 2030، وخطط التنويع الاقتصاد غير النفطي، لاسيما وأن إسرائيل نجحت في تطوير اقتصاد المعرفة.
ولفت التقرير إلى تعاون شركات التكنولوجيا، في البلدين، خلال أزمة كورونا لتطوير حلول لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد.
وأضاف تقرير «موديز»: «في حين أن الاقتصاد الإسرائيلي هو اقتصاد متنوع بالفعل، إلا أنه من المتوقع أن يستفيد أيضاً من تحسن العلاقات، خصوصاً في القطاعات التي يمكن التعاون فيها مثل تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا تحلية المياه والهندسة المعمارية والقطاع الطبي والزراعة المتقدمة».

ضخ استثمارات أجنبية
من المتوقع أن تنعكس معاهدة السلام بصورة إيجابية على قطاع الاستثمار الأجنبي، بحسب عبدالسلام الكيالي مدير عام العلاقات الدولية بمجموعة محمد عمر بن حيدر القابضة، الذي أشار إلى أن جاذبية دولة الإمارات للمستثمرين الأجانب، وما توفره من بيئة استثمارية مثالية لرؤوس الأموال ورواد الأعمال، ستحقق رغبة كبيرة لدى المستثمرين الإسرائيليين في الدخول في أسواق الاستثمارات، خصوصاً القطاع العقاري والفندقي، للاستفادة من الفرص الاستثمارية المتنوعة بالإمارات، إلى جانب قطاعات أخرى، مثل التكنولوجيا الرقمية والرعاية الصحية والأمن الغذائي.

تبـــادل سياحي
تظهر تقارير الحركة السياحية الخارجية لكل من الإمارات وإسرائيل إمكانيات كبيرة للانطلاق في قطاع السياحة والسفر، الذي يشكل ركيزة مهمة بالنسبة للإمارات في استراتيجية التنويع الاقتصادي، وكذلك الأمر بالنسبة لإسرائيل، وهو ما يجعل القطاع مرشحاً للاستفادة بقوة من السلام الدافئ بين البلدين، بحسب عبدالسلام الكيالي مدير عام العلاقات الدولية بمجموعة محمد عمر بن حيدر القابضة.
وذكر الكيالي أن عدد السكان في إسرائيل يتجاوز 8.5 مليون نسمة، وعدد الرحلات السياحية الخارجية السنوي يتجاوز 9 ملايين رحلة، الأمر الذي يمكن أن يشكل سوقاً جديدة للسياحة الإماراتية.
وتوقع إضافة 1.3 مليار دولار لعائدات السياحة في دولة الإمارات، في حال تم استقطاب ما بين 8 في المئة إلى 10في المئة من السياح الإسرائيليين.
ونوّه الكيالي إلى أن الموقع الجغرافي المتميز للإمارات، باعتبارها محوراً جوياً استراتيجياً يصل الشرق بالغرب، ينطوي على فرص كبيرة للحركة الجوية، مع تسيير رحلات شحن وركاب منتظمة بين البلدين، وهو ما يعزز من انتعاش شركات الطيران الوطنية الإماراتية، والتي تتمتع بشبكة وجهات تغطي أنحاء العالم كافة، من خلال الزيادة المتوقعة في عدد المسافرين لمتابعة رحلاتهم ما بين الشرق والغرب، فضلاً عن انعكاس ذلك على الأسواق والمراكز التجارية.

انعكاسات إيجابيــــة
عانت المنطقة من تحولات جيوسياسية خلال الآونة الأخيرة أثرت على الوضع الاقتصادي في الشرق الأوسط بأسره، وكانت له انعكاسات كبيرة على المناخ الاقتصادي والشعوب بشكل عام. ويرى عبدالسلام الكيالي، مدير عام العلاقات الدولية بمجموعة محمد عمر بن حيدر القابضة، أن معاهدة السلام من شأنها تعزيز المناخ الاقتصادي، بما يحقق الاستقرار، ومن ثم الازدهار، وفرص التعاون. 
ولفت الكيالي إلى أن المعاهدة بين الإمارات وإسرائيل، التي أوقفت ضم الأراضي الفلسطينية، تؤكد حرص الإمارات على مساندة حقوق وسيادة الشعب الفلسطيني، ومن ثم ستشكل بلا شك خطوة مهمة باتجاه تحديد منحى اقتصادي متقدم وواضح للمنطقة. 
وتوقع أن يكون لمعاهدة السلام انعكاسات إيجابية متنوعة، ليس فقط على صعيد بناء الثقة والاستقرار، بل أيضاً على صعيد التأثير الاقتصادي الواعد، لافتاً إلى أن كثيراً من الشركات العالمية تتعطل مصالحها في المنطقة بسبب الظروف السياسية، وهو ما يضيع فرصاً كثيرة على منطقة الشرق الأوسط بوجه عام، والاقتصادات الديناميكية فيها بوجه خاص، جرّاء التأثيرات الجانبية للقرارات السياسية المتوترة في أغلب الأحيان.

أثر الانفتاح التجاري
توقعت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني أن يستغرق تطوير علاقات تجارية ثنائية راسخة، بين الإمارات وإسرائيل، بعض الوقت. وأكد سيدريك بيري، المدير المساعد لفريق التصنيفات السيادية لدى الوكالة، في رده على سؤال لـ«لاتحاد» عبر البريد الإلكتروني، وجود إمكانات كبيرة على المدى الطويل، في ضوء الانفتاح التجاري الكبير لدى كلا البلدين، وقوة الشركاء التجاريين الحاليين لكل منهما. وبحسب وزارة الاقتصاد الإسرائيلية، يمكن أن تتراوح قيمة الصادرات الإسرائيلية إلى الإمارات بين 300 و500 مليون دولار سنوياً، أو نحو 0.4 في المئة من الصادرات الإسرائيلية. 

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©