الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

خبراء وباحثون: ضرورة تجفيف منابع إمبراطورية الاقتصاد الإخواني

المشاركون في الندوة (من المصدر)
27 ديسمبر 2020 01:20

أبوظبي (الاتحاد)

نظم «مركز تريندز للبحوث والاستشارات»، ندوة عن بُعد تحت عنوان «الاستثمار تحت غطاء الدين: إمبراطورية الاقتصاد الإخواني»، وذلك عبر بث مباشر على قناتي المركز على «الإنترنت» باللغتين العربية والإنجليزية، شارك فيها نخبة من الخبراء في حركات الإسلام السياسي، لمناقشة التطورات التي طرأت على الاقتصاد الإخواني، وتسليط الضوء على شبكات المال والأعمال التابعة للجماعة في العديد من دول العالم، وما تمثله من أهمية في توفير الدعم المالي للجماعة وخدمة مشروعها الفكري والسياسي، وعلاقتها بالتنظيمات الإرهابية. 
وأعرب الدكتور محمد عبدالله العلي، مدير عام «مركز تريندز للبحوث والاستشارات»، في كلمته الترحيبية التي ألقاها نيابة عنه الأستاذ سلطان ماجد العلي، الباحث في المركز، عن شكره للمشاركين في فعاليات هذه الندوة التي تُعد الخامسة والأخيرة ضمن فعاليات «منتدى الإسلام السياسي السنوي الأول» الذي أطلقه المركز تحت عنوان «الطريق إلى الخلافة: حقيقة المشروع الإخواني»، لتسليط الضوء على الأبعاد كافة المرتبطة بالمشروع الفكري والسياسي للجماعة، سواء فيما يتعلق بمرتكزاتها الفكرية والأيديولوجية أو موقفها من الدولة الوطنية، فضلاً عن الأدوات التي تلجأ إليها لتنفيذ مشروعها الفكري والسياسي.
وأدار فعاليات الندوة الدكتور كريستيان ألكساندر، الباحث في «مركز تريندز للبحوث والاستشارات»، الذي أشار إلى أهمية هذه الندوة في تسليط الضوء على البناء المالي والاقتصادي لجماعة الإخوان المسلمين، والأدوات التي تلجأ إليها الجماعة في تمويل أنشطتها المختلفة، وكيفية العمل على تفكيك شبكات المال والأعمال الإخوانية التي لا تنفصل عن مشروعها السياسي.

الجذور والبدايات
وتحدث بريغ باركر، المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة ريد روك جلوبال في الولايات المتحدة الأميركية، في ورقته التي تحمل عنوان «أيديولوجيا الإخوان المسلمين: الجذور والبدايات»، عن التطورات التي حدثت عام 1924 ومهدت لنشأة جماعة الإخوان المسلمين، وأبرزها سقوط الخلافة العثمانية وتولي مصطفى كمال أتاتورك الحكم في تركيا، وكيف أنها أثرت في مؤسس الجماعة حسن البنّا وفي الأيديولوجية التي تبنّاها والتي قامت على توجيه الانتقادات إلى الغرب، والدعوة إلى الجهاد المسلح و«الجهاد بالسيف»، حيث كان ينظر إلى جماعته التي أعلن تأسيسها عام 1928، بمنزلة محاولة لإعادة إحياء الخلافة الإسلامية.
وأشار باركر إلى انضمام سيد قطب إلى جماعة الإخوان المسلمين بعد عودته من الولايات المتحدة التي عاش فيها لمدة سنتين، والذي يعرف بأنه صاحب المدرسة القطبية، وأهم منظّري الجماعة وله العديد من الكتب، من بينها «معالم على الطريق»، و«في ظلال القرآن»، التي ناقش فيها العديد من الأفكار المتشددة التي تبنّتها الجماعة، وغيرها من الجماعات المتطرفة والمتشددة. كما تحدث باركر عن محمد قطب أيضاً، وهو شقيق سيد قطب، ويعد أحد أعمدة المدرسة القطبية، وله العديد من الكتب، منها كتاب «الجاهلية في القرن العشرين» والتي يحاول فيها تسليط الضوء على أفكار أخيه المتشددة، والتي تدعو إلى مواجهة الحكومات وإسقاطها والتخلص منها.

الإمبراطورية الاقتصادية
وقال الدكتور محمد بوشيخي، الباحث المتخصص في الشؤون السياسية والحركات الإسلامية في «مركز تريندز للبحوث والاستشارات»، في ورقته التي جاءت بعنوان «الدين في خدمة اقتصاد الإخوان: الاستغلال الأيديولوجي والسياسي»، إن جماعة الإخوان المسلمين حققت منذ سنواتها الأولى نجاحاً باهراً في مجال المال والأعمال، وهو ما تجلى بوضوح في قدرتها على تمويل مختلف مشروعاتها الاستثمارية، فضلاً عن تغطية نفقاتها التنظيمية وممتلكاتها العقارية، من خلال إنشاء شركات عدة، أو المساهمة في إنشائها.
وأوضح الدكتور بوشيخي، أن هذا النجاح يعود إلى عاملين رئيسيين، الأول يتعلق باستفادة الجماعة من الحكومات المصرية والقصر والقوة الاستعمارية قبل ثورة عام 1952. ثم بنظامي الرئيسين الراحلين محمد أنور السادات ومحمد حسني مبارك، فيما يتعلق العامل الثاني بالدور الذي لعبته المرجعية الأيديولوجية للجماعة في كيفية التعاطي مع المال. 
وتحدث الدكتور بوشيخي عن العامل الأول، وقال إن الكثير من القراءات للمشهد المصري خلال مرحلة ما قبل ثورة عام 1952 تتفق على أن الجماعة تلقت، بعد انتقالها إلى القاهرة عام 1932، الدعم السخي من جهات سياسية عدة مقابل خدمات غير وطنية، ومن بين هذه الجهات حكومات أحزاب الأقلية، ورئيس الوزراء إسماعيل صدقي، خلال رئاسته الثانية للوزراء، عام 1946، وأموال القصر من الملك فؤاد والملك فاروق، وسلطة الاحتلال الإنجليزي. ورغم ما تعرضت له الجماعة خلال عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على خلفية حادث المنشية عام 1954، فإن إقدام الرئيس أنور السادات على التصالح معها وتبنّي نموذج الانفتاح الاقتصادي، ساعدها على أن تحقق استفادة مالية كبيرة من خلال الاستثمار المكثف في المجالات الخدمية التي تحتاج إلى تدخل القطاع الخاص، كما شهد نشاط الجماعة الاقتصادي في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك اتساعاً وتنوعاً غير مسبوقين تمثلا في ظهور شخصيات من الجماعة متخصصة بشكل محترف في مجال المال والأعمال.
وأكد الدكتور وائل صالح، أستاذ مشارك بمعهد مونتريال للدراسات الدولية بجامعة كيبك في مونتريال كندا، في ورقته التي حملت عنوان «مستقبل الإخوان بين الأيديولوجيا والاقتصاد: الاتجاهات والمؤشرات»، أن الاقتصاد يمثل ركيزة رئيسية لدى جماعة «الإخوان المسلمين»، حيث يتم توظيفه في خدمة مشروع الجماعة الفكري والسياسي، والعكس صحيح، حيث يتم توظيف أيديولوجية الجماعة من أجل تحقيق الثراء وجني الأموال. 
وذكر الدكتور وائل صالح، أن جماعة الإخوان تسعى منذ بدايتها إلى بناء نظامٍ موازٍ للدولة، ويشمل ذلك بالطبع القطاع الاقتصادي. مضيفاً أن «الإخوان» لم يكتفوا بهذه الشركات، وإنما قاموا ببعض الأنشطة التي يمكن من ورائها تحقيق التكسب المادي أيضاً. 
وسلط الدكتور وائل صالح الضوء على ما سماه «الجنات الاقتصادية الحالية» لجماعة الإخوان المسلمين، وهي الدول التي لا تعتبر الجماعة منظمة إرهابية، ضارباً مثالاً بكندا، التي قال إن «الإخوان» يمتلكون فيها مشروعات اقتصادية عدة يستطيعون من خلالها استثمار الأموال بحرية، الأمر الذي يشكل عاملاً مهماً يساعدهم في دعم اقتصاد الجماعة، بالإضافة إلى تنامي قدرتهم على جمع التبرعات التي تسهم بشكل كبير في دعم المقدرات المالية والاقتصادية للجماعة. كما ضرب الدكتور صالح نموذجاً آخر لهذه «الجنات الاقتصادية» وهو تركيا التي يشارك فيها تيار الإسلام السياسي في الحكم، الأمر الذي أتاح مساحة كبيرة لجماعة الإخوان للتحرك في المجال الاقتصادي بما يدعم الجماعة ويرفع من مقدراتها الاقتصادية.

مصادر التمويل 
من جهتها، تحدثت إيرينا تسوكرمان، مستشارة لدى منظمة العدل الدولية، في ورقة بعنوان «اقتصاد الإخوان: آليات التمويل وقنوات الإنفاق»، عن مصادر تمويل جماعة «الإخوان المسلمين» مشيرة إلى أن هناك مصادر ذاتية تتمثل فيما يدفعه الأعضاء سواء داخل مصر أو خارجها، من اشتراكات شهرية مثلت أحد مداخيل الجماعة المالية، بالإضافة إلى التمويل الذي يأتي من بعض المنظمات والمؤسسات الخارجية، فضلاً عن التبرعات التي دأب «الإخوان» على جمعها سواء في مصر أو في الدول الأخرى التي أنشأت الجماعة لها وجود فيها.
وتطرق ماثيو آر.جيه برودسكي، زميل أول بمعهد جولد للاستراتيجية الدولية بواشنطن في ورقته التي حملت عنوان (تمدُّد الإخوان الاقتصادي: اقتصاد الحلال والعمل الخيري نموذجاً) إلى طبيعة الدور الذي يشكله اقتصاد الحلال والعمل الخيري في التمدد الاقتصادي لجماعة الإخوان المسلمين، مشيراً إلى أن جماعة الإخوان المسلمين منذ دخولها إلى الولايات المتحدة الأميركية عملت على تنمية مواردها المالية من خلال تأسيس مجموعة من المؤسسات والمراكز والجمعيات الخيرية غير الربحية التي كانت ضمن أهم روافد تمويل جماعة الإخوان المسلمين.

التمدُّد الاقتصادي
وأوضح دكتور توفيق أكلمندوس، مدير وحدة الدراسات الأوروبية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية بجمهورية مصر العربية في ورقته البحثية «دلالات القلق الدولي من تمدد الإخوان الاقتصادي»، مشيراً إلى أن الجماعة حينما وصلت إلى حكم مصر عام 2012 لم تستطع توفيق أوضاعها نظراً إلى غموض شبكاتها المالية والاقتصادية. وأوضح أن القلق الدولي، خاصة الأوروبي، من تمدد الإخوان الاقتصادي لا يرجع إلى صعوبة معرفة مصادر تمويل الجماعة وأنشطتها الاقتصادية المختلفة فقط، وإنما إلى محاولاتها التغلغل في المجتمعات الغربية أيضاً، وفرض أيديولوجيتها على بقية الجاليات الموجودة في هذه الدول. 
وسلط الدكتور جيوفاني جياكالوني، محلل لدى مركز الثيولوجيا الإسلامية لمكافحة الإرهاب بمكتب أوروبا في إيطاليا الضوء على شبكات المال والأعمال الإخوانية في إيطاليا، مشيراً إلى أن الجماعة تعتمد على الدعم القطري بدرجة كبيرة في تمويل أنشطتها في إيطاليا أيضاً. 

تجفيف المنابع 
وطرح المشاركون بعض المقترحات والتصورات التي من شأنها تجفيف منابع الاقتصاد الإخواني، أبرزها فرض المزيد من الرقابة على الجمعيات الخيرية التابعة للجماعة في أوروبا والغرب، والتي تقدم نسبة كبيرة من أموال تبرعات هذه الجمعيات لتنظيمات متطرفة وإرهابية، والعمل على سد الثغرات القانونية والمالية التي تستغلها الجماعة في بناء شبكتها المالية والاقتصادية، وابتكار أدوات جديدة لمواجهة أساليب الإخوان في إخفاء أنشطتها الاقتصادية ومصادر تمويلها الرئيسية، والعمل على كشف استراتيجية الجماعة التي توظف من خلالها الدين لخدمة أهدافها الاقتصادية، وتوعية الرأي العام الدولي بخطورة الممارسات الاقتصادية لجماعة الإخوان المسلمين في الدول الأوروبية والغربية، وخاصة فيما يتعلق بمحاولة السيطرة على التجارة الحلال والسياحة الدينية، باعتبارها من أهم روافد تمويل إمبراطورية الاقتصاد الإخواني، وتعزيز التعاون الدولي في مجال الرقابة وتتبع الأنشطة الاقتصادية لجماعة الإخوان، لكشف طبيعة علاقة شبكات المال الإخوانية بدعم التطرف والإرهاب. وفي ختام فعاليات منتدى الإسلام السياسي السنوي الأول، أعرب الدكتور محمد عبدالله العلي، مدير عام مركز تريندز للبحوث والاستشارات، عن شكره وتقديره للمشاركين في ندوات المنتدى الخمس من خبراء وباحثين، وثمن الرؤى والمقترحات الثرية التي قدموها لتسليط الضوء على مشروع جماعة الإخوان المسلمين في أبعاده المختلفة، وفي سياقاته الإقليمية والدولية. وكشف العلي عن أن «تريندز» يعتزم تنظيم النسخة الثانية من منتدى الإسلام السياسي السنوي خلال الربع الأخير من العام 2021 في بريطانيا بمشاركة المراكز البحثية الدولية المتخصصة، لمواكبة التطورات والمستجدات التي طرأت على ظاهرة الإسلام السياسي، خاصة في أعقاب تحرك العديد من الدول الأوروبية لتحجيم نفوذ جماعة الإخوان المسلمين، وتيارات الإسلام السياسي بوجه عام، على أراضيها بعد أن تأكدت أنها تشكل تهديداً لأمنها القومي.

الإخوان وشبكات التمويل
تناول نور داهري، المدير التنفيذي لمركز الثيولوجيا الإسلامية لمكافحة الإرهاب بالمملكة المتحدة في ورقته البحثية أمام الندوة «شبكات المال والتمويل التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في المملكة المتحدة»، مشيراً إلى أن جماعة الإخوان تصنف نفسها، للأسف، على أنها الراعي للجاليات المسلمة في المملكة المتحدة، والمتحدث باسم المسلمين في الغرب، لكنها في الحقيقة جماعة إرهابية، بالنظر إلى علاقتها بالعديد من التنظيمات المتطرفة والجماعات الإرهابية. 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©