الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

سارة الأميري في حوار لـ«الاتحاد»: رؤية ثاقبة للقيادة في تصنيع المسبار وليس شراءه

سارة الأميري في حوار لـ«الاتحاد»: رؤية ثاقبة للقيادة في تصنيع المسبار وليس شراءه
8 فبراير 2021 01:08

ناصر الجابري (أبوظبي)

أكدت معالي سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة الدولة للتكنولوجيا المتقدمة، رئيس مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء، أن وصول مسبار الأمل بنجاح إلى هذه المرحلة من مهمته الفضائية التاريخية لاستكشاف المريخ يُعد إنجازاً نوعياً لدولة الإمارات، خصوصاً أنه في حال استطاع مسبار الأمل دخول مدار المريخ بنجاح، فإن الإمارات ستكون خامس دولة في تاريخ البشرية تصل إلى الكوكب الأحمر، حيث إن نسبة نجاح الوصول إلى مدار الكوكب الأحمر تاريخياً لا تتعدى 50%، فهذا النوع من المهام الفضائية لاستكشاف الكواكب يكون دائماً محفوفاً بالمخاطر والصعاب والتحديات.

وكشفت معاليها في حوار لـ «الاتحاد»، عن أن فريق عمليات التحكم والفريق الهندسي للمسبار والمكون من 16 مهندساً ومهندسة والذين يعملون على مدار 24 ساعة، سيتولون التواصل مع المسبار عن طريق غرفة التحكم الأرضي في مركز محمد بن راشد للفضاء، ويكون التواصل مع المسبار بعد وصوله إلى المرحلة العلمية من مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعياً، ومدة كل مرة من 6 إلى 8 ساعات يومياً، وذلك لإرسال الأوامر إلى المسبار وأجهزته العلمية، وكذلك لاستقبال البيانات العلمية التي يجمعها المسبار طوال سنة مريخية كاملة «687 يوماً بحسابات كوكب الأرض»، وقد تم تجهيز غرفة التحكم الأرضي على أعلى مستوى للقيام بهذه المهمة من خلال الكوادر الوطنية الشابة.
وأضافت معاليها: تمكن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ مسبار الأمل من تخطي العديد من التحديات الصعبة منذ انطلاقه كفكرة في الخلوة الوزارية عام 2014، مروراً بعمليات التصميم والتنفيذ وبناء المسبار، ثم نقله في ظل التفشي العالمي لجائحة «كوفيد - 19» وما ترتب على ذلك من إجراءات احترازية، وإغلاق للمطارات والموانئ حول العالم، أثناء نقل المسبار من مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي إلى مركز الإطلاق في جزيرة تانيغاشيما اليابانية في رحلة استغرقت 83 ساعة براً وجواً وبحراً، وكلنا ثقة في أن مسبار الأمل سيواصل مسيرته الحافلة من تخطي الصعاب والتحديات وتحويل المستحيل إلى ممكن بفضل الدعم اللامحدود من القيادة الرشيدة، وسواعد وعقول أبناء وبنات دولة الإمارات من الكوادر الوطنية الشابة العاملة في المشروع.
وحول مسيرة عمل المسبار خلال الفترة الماضية، أوضحت معاليها أنه منذ إطلاق مسبار الأمل بنجاح من مركز تانيغاشيما للفضاء في اليابان على متن الصاروخ «إتش 2 إيه» يوم العشرين من يوليو من العام الماضي، أنجز المسبار 3 مراحل أساسية في رحلته الفضائية التاريخية التي تعد أول مهمة لاستكشاف الكوكب الأحمر تقودها دولة عربية، وهي مرحلة الإطلاق ومرحلة العمليات المبكرة ومرحلة الملاحة في الفضاء، ويتبقى أمام المسبار 3 مراحل أخرى هي الدخول إلى مدار المريخ، والانتقال إلى المدار العلمي، ثم المرحلة العلمية التي سيقوم خلالها المسبار عبر أجهزته العلمية بجمع وإرسال البيانات حول الكوكب الأحمر، ولكل من هذه المراحل مخاطرها الخاصة وتحدياتها النوعية التي تتطلب التعامل معها بكل دقة وكفاءة ومهارة من جانب فريق العمل. 
وأشارت معاليها إلى أن مسبار الأمل سيقدم دراسة شاملة عن مناخ كوكب المريخ وطبقات غلافه الجوي المختلفة عندما يصل إلى مدار الكوكب الأحمر، وتمنح هذه الدراسة العلماء نظرة أعمق عن ماضي ومستقبل كوكب الأرض، كون المريخ هو أكثر كواكب المجموعة الشمسية شبهاً بالأرض، وكذلك إمكانات إيجاد حياة للبشرية على الكوكب الأحمر وعلى الكواكب الأخرى.
ولفتت معاليها إلى أن فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، يعمل على التعاون والتنسيق مع المجتمع العلمي العالمي المهتم بكوكب المريخ لمحاولة إيجاد إجابات عن الأسئلة التي لم تتطرق إليها أي من مهمات الفضاء السابقة.
ولفتت معاليها إلى أن مسبار الأمل سيجمع أكثر من 1000 غيغابايت من البيانات الجديدة عن كوكب المريخ، إذ سيتم إيداعها في مركز للبيانات العلمية في الإمارات، وسوف يقوم الفريق العلمي للمشروع بفهرسة وتحليل هذه البيانات التي ستكون متاحة للبشرية لأول مرة، ليتم بعد ذلك مشاركتها مع المجتمع العلمي المهتم بعلوم المريخ حول العالم في سبيل خدمة المعرفة البشرية.
وأشارت معالي سارة الأميري إلى أن «مسبار الأمل» لا يتضمن فقط إرسال المسبار إلى المريخ، ولكن له العديد من الجوانب والأهداف العلمية والتعليمية، منها إلهام جيل جديد من العلماء والباحثين في مجال العلوم والتكنولوجيا، وذلك لإحداث نقلة نوعية تساهم في بناء اقتصاد مبني على المعرفة وإلهام الطلبة وتحفيزهم على دراسة علوم الفضاء، والتي تعتبر أحد الأهداف الاستراتيجية للمشروع. وأشارت معاليها إلى أنه تحت مظلة مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، أطلقت وكالة الإمارات للفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء مبادرات «جيل الأمل» والتي تستهدف تنمية روح الاستكشاف والبحث العلمي لدى الشباب والطلبة، وتعزيز شغفهم تجاه علوم وهندسة الفضاء والبحث العلمي، وذلك من خلال محاضرات وورش عمل ولقاءات مفتوحة ومخيمات تعليمية، يديرها أعضاء من فريق «مسبار الأمل» لإلهام الشباب وحثهم على الاهتمام بمجالات العلوم والتكنولوجيا لدفع عجلة الابتكار بالدولة.
وتابعت معاليها: تنسجم مبادرات «جيل الأمل» مع توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لإيجاد ثقافة مجتمعية مبنية على البحث العلمي وإنتاج المعرفة، وإحداث نقلة نوعية، من خلال المشروع، ما يعد في الوقت ذاته فرصة للفريق لنقل معرفتهم وخبراتهم إلى الجيل التالي من أبناء وبنات الوطن، ويحثهم على أداء دور فاعل في تقدم مجالات علوم وهندسة الفضاء.
وأشارت معاليها إلى أن القيادة الرشيدة أكدت في أكثر من مناسبة، أن «مسبار الأمل» هو إنجاز إماراتي عربي، وهو رسالة أمل للأمة العربية. كما أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بالتزامن مع إطلاق مسبار الأمل في يوليو الماضي برنامج نوابغ الفضاء العرب الذي يستهدف تمكين وبناء قدرات الطلبة العرب المهتمين بدراسة علوم الفضاء، وتحفيزهم وإلهامهم للاهتمام بهذا القطاع الحيوي سريع النمو،.
وأضافت معاليها: مسبار الأمل هو رسالة تأكيد للجميع على قدرة الشباب في إنجاز مشاريع ضخمة وقفزات علمية مهمة إذا ما توافرت الرؤية والثقة بالقدرات والإمكانات والطاقات البشرية. منذ اللحظة الأولى باشر فريق عمل المسبار تنفيذ هذه المهمة الوطنية عام 2014، وذلك بفضل التحفيز والدعم الذي تلقوه من القيادة الرشيدة، وأثبت فريق العمل الذي يبلغ متوسط أعمارهم 27 سنة من الكوادر الوطنية الشابة من أبناء وبنات الوطن أنهم على قدر المسؤولية من خلال تحويل التحديات إلى فرص والمستحيل إلى ممكن، مستلهمين هذه الثقافة التي تحولت إلى ممارسة يومية على أرض الإمارات.
 وقالت معالي سارة الأميري: يعكس مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ رؤية دولة الإمارات نحو المستقبل، وهو مستقبل ما بعد النفط، حيث يتوج جهود الدولة في بناء موارد بشرية عالية الكفاءة في مجال تكنولوجيا الفضاء، وتطوير المعرفة والأبحاث العلمية والتطبيقات الفضائية التي تعود بالنفع على البشرية، وذلك باعتبار الموارد البشرية هي الثروة الحقيقية للبلاد، وذلك من خلال إعداد وتدريب علماء إماراتيين للقيام بمهام علمية نوعية في مجال استكشاف الفضاء، وإعداد وتدريب مهندسين إماراتيين لتطوير أنظمة وأدوات استكشاف الفضاء، وتجهيز البنية التحتية اللازمة لبرنامج إماراتي مستدام لاستكشاف الفضاء الخارجي، إضافة إلى بناء شراكات في مجال الفضاء بالتعاون مع جهات مختصة في مجال استكشاف الفضاء الخارجي، وإنشاء وتطوير وتحسين البرامج الهندسية والعلمية في القطاعين العلمي والأكاديمي.
وحول مشاركة المرأة، أشارت معاليها إلى أنه بفضل الدعم غير المحدود من قيادتنا، وكذلك دعم من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، انعكست جهود تمكين المرأة في الدولة أو بالأحرى على فريق عمل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، ويتميز بمشاركة نسائية هي الأعلى عالمياً بنسبة 34%.

الشركاء الدوليون
حول الشركاء الدوليين في مشروع مسبار الأمل، أوضحت معالي سارة بنت يوسف الأميري، أنه منذ اليوم الأول للمشروع كان توجيه القيادة واضحاً، وهو أن يتم تصنيع وتطوير المسبار وعدم شرائه جاهزاً، وكان هذا تحدياً جديداً، تحول إلى فرص لتطوير قدرات الكوادر الوطنية بالمشروع عبر برنامج يدمج بين نقل الخبرة المكتسبة من قبل مهندسين عملوا من 2006 في تطوير أقمار اصطناعية ونقلها إلى باحثين ومهندسين إماراتيين جدد، فكان النهج في تطوير المسبار هو البناء على ما توصل إليه الغير بدل البدء من الصفر، وتمكن الفريق من صياغة أهداف علمية تعتبر فريدة من نوعها، ستزود العلماء حول العالم بمعلومات لم يسبق التقاطها عن الكوكب الأحمر. وأضافت معاليها: عمل فريق المشروع على تصميم المسبار وتطويره مع شركاء نقل المعرفة في جامعة كولورادو في بولدر وجامعة ولاية أريزونا وجامعة كاليفورنيا بيركلي. والجدير بالذكر أن شركاء المعرفة عملوا للمرة الأولى مع دولة الإمارات في تطوير المسبار، مما عزز من خبرة فريق العمل الإماراتي من الانخراط في جميع مراحل تطوير المشروع وقيادتهم لتطوير الأنظمة في المسبار. وذلك بالإضافة إلى التعاون المثمر مع فريق عمل مختبر الفيزياء الجويّة والفضاء في جامعة كولورادو في بولدر، وهو شريك نقل المعرفة المتخصّص في تطوير مهام فضائية وأدوات هندسة النظم وأدوات المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية وكاميرا الاستكشاف، وكذلك جامعة ولاية أريزونا، وهي شريك نقل المعرفة في تطوير أدوات المقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء، ومختبر بيركلي لعلوم الفضاء في جامعة كاليفورنيا، وهو شريك نقل المعرفة للفريق العلمي وحساس المقياس الطيفي بالأشعة ما فوق البنفسجية.

خمسون الفضاء
حول ملامح مستقبل قطاع الفضاء في السنوات الخمسين المقبلة، قالت معالي سارة بنت يوسف الأميري: تتبنى قيادتنا رؤية استشرافية واضحة لبناء قطاع فضائي إماراتي متميز ومستدام يسهم في تنويع الاقتصاد ونموه، ويعزز الكفاءات الإماراتية، ويطور القدرات العلمية والتقنية العالية. ولتحقيق ذلك، يتم حالياً تنفيذ الخطة الوطنية للاستثمار الفضائي، لزيادة مساهمة قطاع الفضاء الوطني في تنويع اقتصاد الدولة، وتحفيز التعاون والشراكات بين المؤسسات ذات الصلة في القطاع الحكومي والخاص والبحثي والأكاديمي، إلى جانب تشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي في صناعة الفضاء، وجذب الشركات الفضائية العالمية لتتخذ من الدولة مقراً إقليمياً وعالمياً لأنشطتها. 
وأشارت معاليها إلى أنه تم أيضاً إصدار قانون تنظيم أنشطة قطاع الفضاء، ويشمل مجموعة واسعة من الأنشطة الفضائية المحتملة، بما في ذلك الرحلات الفضائية المأهولة لاستخراج المعادن من خارج كوكب الأرض، ويخلق بيئة تشجع على الاستثمار في الفضاء. ويسهم قانون قطاع الفضاء الوطني في تنظيم الأنشطة الفضائية بطريقة تضمن تطوير قطاع مزدهر وآمن في الدولة يترجم رؤية القيادة الرشيدة للخمسين عاماً القادمة.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©