الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

كل معروفٍ صدقة

كل معروفٍ صدقة
18 ابريل 2021 02:17

أبوظبي ( الاتحاد) 

دعا الله سبحانه، إلى فعل الخير بشتّى أنواعه، يقول الحق -تبارك وتعالى- في محكم تنزيله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الحج: 77]، وبيّنت السنة بعضاً من هذه الأنواع، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كلُّ معروفٍ صدقةٌ، وإن من المعروفِ أن تَلْقَى أخاك بوجهٍ طَلْقٍ، وأن تُفْرِغَ من دَلْوِكَ في إناءِ أَخِيكَ»، وعن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- قال: قال لِيَ النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعروفِ شيئًا، ولو أنْ تَلْقَى أخاكَ بوَجْهٍ طَلْقٍ»2. فالابتسامة البسيطة في وجوه البشر والتي لا يعيرها بعض الناس اهتماماً هي نوع من أنواع المعروف الذي يُكتب صدقةً في صحيفة أعمال المؤمن وحسناته، وهي علامة الرضا والحب والسلام ونشر السعادة.
ومن المعروف أيضاً ما جاء حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:«كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ تَطْلُعُ فيه الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، ويُعِينُ الرَّجُلَ علَى دابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عليها، أوْ يَرْفَعُ عليها مَتاعَهُ صَدَقَةٌ، والكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، ويُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ»3. وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ قالوا: فإنْ لَمْ يَجِدْ؟ قالَ: فَيَعْمَلُ بيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ ويَتَصَدَّقُ قالوا: فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أوْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قالَ: فيُعِينُ ذا الحاجَةِ المَلْهُوفَ قالوا: فإنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قالَ: فَيَأْمُرُ بالخَيْرِ أوْ قالَ: بالمَعروفِ قالَ: فإنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قالَ: فيُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ فإنَّه له صَدَقَةٌ».
 دلّت الآيات والأحاديث على أن فعل المعروف شيءٌ هيّن يسير، كما يقول الراجز سفيان بن عيينة في أبياته: «أبُنَيَّ إنَّ البرَّ شيء هيِّنٌ وجهٌ طليق وكلامٌ ليِّن»، فالقول الحسن والخلق الجميل، والتصدق بفضل المال، يقرّب العبد من ربه -سبحانه-، فعن ابن عمر – رضي الله عنهما-: أن رجلاً جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله -عز وجل-؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ -عزَّ وجلَّ- سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا، 
ولأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ أعْتَكِفَ في هذا المسجدِ، يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا، ومَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ اللهُ عَوْرَتَهُ، ومَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، ولَوْ شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قلبَهُ رَجَاءً يومَ القيامةِ، ومَنْ مَشَى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى تتَهَيَّأَ لهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يومَ تَزُولُ الأَقْدَامِ»2.
ومن ثمرات فعل المعروف الفوز بالجنة ونعيمها ومغفرة الله -جل وعلا-، فقد أخبرنا نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- أن الله تعالى غفر لرجل صنع معروفاً مع كلبٍ عطشان، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي بطَرِيقٍ اشْتَدَّ عليه العَطَشُ، فَوَجَدَ بئْرًا، فَنَزَلَ فيها فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ فإذا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فقالَ الرَّجُلُ لقَدْ بَلَغَ هذا الكَلْبَ مِنَ العَطَشِ مِثْلُ الذي كانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ البِئْرَ فَمَلأَ خُفَّهُ ماءً، ثُمَّ أمْسَكَهُ بفِيهِ حتَّى رَقِيَ فَسَقَى الكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ له فَغَفَرَ له قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وإنَّ لنا في هذِه البَهائِمِ لأَجْرًا؟ فقالَ: في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ»3.
كما أن من ثمرات فعل المعروف أيضاً أن يدفع الله عن صاحبه غوائل الشر ومصارع السوء والهلكات، فقد روت أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «صَنائِعُ المعروفِ تَقِي مَصارعَ السُّوءِ، والصَّدقةُ خُفيا تُطفِئُ غضَبَ الرَّبِّ، وصِلةُ الرَّحِمِ زيادةٌ في العُمُرِ، وكلُّ مَعروفٍ صَدَقةٌ، وأهلُ المعروفِ في الدُّنيا هُمْ أهلُ المعروفِ في الآخِرَةِ».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©