عدد اليوم
الدكتور أحمد مراد
خمسون عاماً منذ قيام الاتحاد ودولة الإمارات العربية المتحدة تسير واثقة الخطى نحو مستقبل مشرق يتميز بالتنوع والمتانة والكفاءة. بدأ اتحاد الإمارات قوياً متمكناً رغم الصعوبات والتحديات، فالطموح وتحقيق حياة كريمة للشعب حوّل هذه التحديات إلى فرص تستثمر لتحقيق الإنجازات العظيمة. إن عزيمة الآباء المؤسسين والرؤية الواضحة ممكنات جعلت من دولة الإمارات العربية المتحدة الرائدة عالمياً خلال الخمسين عاماً الأولى من عمرها. السنوات الماضية من عمر الاتحاد كانت شاهدة على حقبة من الإنجازات العظيمة، فدخول الإمارات نادي الكبار النووي بعزيمة أبناء الوطن أحد الشواهد على التخطيط السليم نحو تحقيق الهدف، حيث نشاهد اليوم التشغيل التجاري لمحطة براكة النووية بكفاءة عالية وضمن أفضل معايير السلامة والصحة العالمية. كما أن الاستثمار في قطاع علوم وتكنولوجيا الفضاء أحد الإنجازات المتميزة التي استطاعت الحكومة أن تخصص الموارد المالية لبناء بنية تحتية ساعدت إلى الوصول إلى المريخ خلال سنوات وجيزة.
وأرسلت أول رائد فضاء عربي إماراتي إلى محطة الفضاء الدولية في سبتمبر 2019. كما أن تفوق دولة الإمارات في المؤشرات العالمية جعلها دولة عالمية، فالإمارات في المرتبة 17 عالمياً في مؤشر القوة الناعمة، والأولى إقليمياً في قوة التأثير، و9 عالمياً في تبني التكنولوجيا المتقدمة وذلك حسب تقرير «المؤشر العالمي للقوة الناعمة 2021». كل هذه وغيرها من المؤشرات التي تميزت فيها عالمياً. ومن الإنجازات العظيمة الأخرى لدولة الإمارات التوسع في استخدام الطاقة الشمسية كمجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية، ومشروعي «نور أبوظبي» و«شمس 1». إن الطاقة الشمسية ومشاريعها المختلفة من المشاريع الاستراتيجية للدولة وذلك ضمن رؤية استراتيجية، وصولاً إلى هدف «تصدير آخر برميل بترول».
إكسبو دبي 2020 وهو الحدث العالمي الذي سيستضيف العالم في دبي ابتداء من أكتوبر 2021 ولمدة ستة أشهر. الانعكاسات الاقتصادية والثقافية والتعليمية والاجتماعية والسياسية لهذا الحدث العالمي مكتسبة والتي ستضمن الريادة العالمية تجعل للدولة ثقلاً استراتيجياً عالمياً.
ويعيش في دولة الإمارات العربية المتحدة أكثر من 200 جنسية في حب وسلام وأمان وتناغم، يساهمون مع أبناء الوطن في دفع عجلة التنمية والتطور. فأصبحت الدولة المكان الذي يسعى له الجميع للعيش والاستقرار فيه. وأصبح جواز دولة الإمارات العربية المتحدة هو الجواز الأقوى.
وخلال جائحة «كوفيد-19» التي بدأت في الربع الأول من عام 2020، أصبحت الإمارات الملاذ الآمن والدرع الواقية لكل من يعيش عليها، فوفرت اللقاح لكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة من أجل حياة صحية آمنة للمواطنين والمقيمين، ومن الإمارات انطلقت طائرات الإغاثة الإنسانية الهادفة إلى إيصال اللقاح إلى كل العالم، من منطلق الدور الإنساني لها، حتى تم اختيارها كأفضل 15 دولة في الاستجابة لـ«كوفيد-19».
هذا جزء بسيط من إنجازات عظيمة تستأنف فيه دولة الإمارات الحضارة العربية، كما جعلت من الدولة نموذجاً للبناء والسلام ومكاناً آمناً للمبتكرين والعلماء والمستثمرين.
وقد بدأت حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة الاستعداد للخمسين عاماً القادمة بخلوة الخمسين، لتشحذ الهمم وتجهز العتاد لرحلة تحديات سلاحها الفريق الواحد والقيادة المرنة والعزيمة والطموح وهمة الشباب. لقد حققت الإمارات خلال الخمسين عاماً الأولى من عمر الاتحاد المجيد مكتسبات عظيمة واستطاعت أن تضع لها مكاناً استراتيجياً على الخريطة العالمية، وتقدمت في كثير من المؤشرات العالمية، حتى غدت الإمارات الوجهة الاقتصادية والصحية والاجتماعية والسياحية التي يسعى إليها العالم قاطبة، بل الإمارات هي الرهان الحقيقي الذي يصبو له العالم والمحطة القادمة للمواهب وأصحاب الخبرات والمستثمرين.
قد يتساءل أحدهم: ما هو السبب في تميز دولة الإمارات العربية المتحدة عن غيرها من الدول حتى تفوقت على دول كبرى نشأت منذ مئات السنين؟ وتأتيه الإجابة بعفوية من أحد أبناء الإمارات: القيادة، الشباب، استراتيجيات مرنة، موارد هي ممكنات أساسية في تميز دولة الإمارات العربية المتحدة وهي أساسيات منبثقة من البيت المتوحد.
إن المنظومة التكاملية كانت سراً كبيراً في نجاح استراتيجيات حكومة الإمارات التي بدأت من صحراء الإمارات حتى وصلت إلى صحراء المريخ لتدشن مرحلة جديدة من الطموح والأمل لتحقيق الرؤى والطموحات.
إن تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة التنموية هي تجربة نموذجية وفريدة من نوعها، فأحببت أن أشارك العالم برسائل منبثقة من هذه التجربة. فالرسالة الأولى هي أهمية الاستثمار في العنصر البشري الاستثمار الأمثل والمستدام والذي يضمن استمرارية للمشاريع التنموية والطفرة الاقتصادية. ويكون الاستثمار من خلال توفير الممكنات والموارد التي تجعل من العنصر البشري مبتكراً ومبدعاً.
أما الرسالة الثانية فهي الرؤية الواضحة والبعد الاستراتيجي، وهذا مرتبط بقيادة مرنة وديناميكية مقترنة باستراتيجيات مرنة تؤمن بأنه لا شيء مستحيل مع العزيمة والإرادة. إن رؤية القائد الاستباقية تلعب دوراً هاماً في شحذ الهمم والتوجيه السليم.
رسالتي الثالثة هي أهمية تمكين الشباب ليكونوا أعضاء فاعلين ويساهموا في التطور بآرائهم وفكرهم المتقد، فالشباب هم المحرك الرئيسي والركائز الأساسية في تقدم الأمم، فالاستثمار فيهم أولى. أما الرسالة الرابعة فهي أهمية تمكين المرأة اجتماعياً وسياسياً لتساهم مع الرجل يداً بيد نحو المجد والعلا لتحقيق الإنجازات العظيمة، فالمرأة موجهة ومربية الجيل القادم. سياسة القوة الناعمة هي الرسالة الخامسة التي يجب أن تستثمر لتنقل صورة حسنة عن مكانة وسمعة الدولة لتساهم في الجذب نحو دعم الاقتصاد وتكامله. ورسالتي السادسة والأخيرة هي الرؤية الاستشرافية للمستقبل والمبني على دراسة وتحليل تحديات الماضي والفرص المتاحة في الوقت الحالي. إن استشراف المستقبل هي أداة هامة جداً لرؤية المستقبل وتحقيق هذه التطلعات من خلال الجاهزية والاستباقية.
إن تجربة الإمارات غنية بالكثير من الرسائل والتجارب الملهمة، وهنا جزء يسير كرسائل علها تصل.
باحث أكاديمي
