الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات وبريطانيا.. تعاون وثيق لمستقبل مشرق

الإمارات وبريطانيا.. تعاون وثيق لمستقبل مشرق
17 سبتمبر 2021 01:16

ناصر الجابري (أبوظبي) 

ترتبط دولة الإمارات مع المملكة المتحدة بصداقة وثيقة تمتد لعقود، وبعلاقات سياسية تاريخية ساهمت في تحقيق المصالح المشتركة للبلدين، وتعزيز التعاون والتنسيق والعمل الموحد في العديد من القطاعات المحورية، انطلاقاً من الرؤية المشتركة بالأهمية الاستراتيجية لهذه العلاقة، والتي شهدت تطوراً متزايداً ومتسارعاً خلال السنوات الماضية، بإعلان العديد من الاتفاقيات التي تصب في دعم جوانب التعاون الثنائي.
وتشترك دولة الإمارات والمملكة المتحدة، في قناعتهما المشتركة بأهمية العمل على توفير البيئة المناسبة للحوار في مختلف النزاعات حول العالم، وضرورة أن يتحد العالم لمواجهة الأفكار المتطرفة ومكافحة الإرهاب، ونشر قيم الاعتدال والوسطية والتعايش بين الشعوب والمجتمعات والأديان، وأهمية إرساء الأمن الدولي وتحقيق الاستقرار العالمي، عبر التعاون الفاعل الذي يضمن تجفيف منابع الغلو والتعصب، وترسيخ قيم السلام والتسامح. 
وخلال العقود الماضية، استطاعت أن تشكل العلاقات الإماراتية البريطانية، خير مثال للعلاقات الدولية الممتدة والمتواصلة والتي استمرت منذ عقود، نظراً لوجود الثقة المتبادلة والقناعة المطلقة لدى القيادة السياسية في البلدين، بالمصالح المشتركة التي تجمع البلدين الصديقين، وأهمية تسخير هذه العلاقة لتساهم إيجاباً في أداء دور محوري لصناعة مستقبل مشرق وصياغة حاضر أفضل للعالم. 
ومنذ الإعلان عن قيام دولة الإمارات، تسارعت وتيرة العلاقات بين البلدين الصديقين، بدعم من الوالد المؤسس، المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي حرص على بناء علاقات استراتيجية هامة مع المملكة المتحدة، برؤيته بعيدة المدى وبحكمته وبقناعته بضرورة العمل الدولي المشترك بين مختلف دول العالم للوصول إلى الحلول التي تساهم في تجاوز التحديات، وانطلاقاً من التاريخ المشترك الذي يجمع المملكة المتحدة بدولة الإمارات.
وخلال السنوات الأولى بعد قيام الاتحاد، قامت الملكة إليزابيث الثانية بزيارتها الرسمية الأولى لدولة الإمارات، تحديداً في عام 1979، حيث استقبلت الإمارات ملكة بريطانيا باحتفالات رسمية وشعبية حافلة، وارتفعت الزينات والأعلام وعبارات الترحيب، وزينت الشوارع والحدائق والدوارات بالورود والأنوار الملونة واللافتات، حيث شهدت الزيارة اطلاع الملكة على إنجازات كبرى تم إنجازها خلال أقل من 8 سنوات من عمر الاتحاد.
وفي عام 1989، شكلت الزيارة التي قام بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حدثاً تاريخياً على صعيد العلاقات بين البلدين، وكانت لها انعكاساتها على مجمل القضايا الدولية في ذلك الوقت، حيث استقبلت بريطانيا وقتها الأب المؤسس، كرجل دولة من الطراز الأول، استطاع أن يجسد اتحاد دولة الإمارات، ويعبر به إلى بر الأمان كما أنه استطاع أن يقود بلاده إلى المحافل الدولية بثبات وحضور مؤثر، ولذلك أعطت المملكة المتحدة للزيارة أهمية خاصة، كون الوالد المؤسس ليس من قادة الدول التقليديين، بالنظر إلى حضوره على الساحتين الإقليمية والدولية، واستناداً إلى التطورات الداخلية التي شهدتها دولة الإمارات تحت قيادته، وانعكاس هذا الدور على الساحة الدولية تجاه مختلف القضايا.

وخلال السنوات الماضية، شهدت العلاقات بين البلدين، نقلة نوعية، بدعم من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، وبمتابعة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لتشهد الآونة الأخيرة طفرة هامة على صعيد العلاقات السياسية، جسدتها المواقف المشتركة والاجتماعات المتواصلة التي برهنت على متانة هذه العلاقة وصلابتها. 
وتؤكد الزيارات والمكالمات الهاتفية المتبادلة خلال الفترة السابقة، بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وبوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني، على المستوى الرفيع الذي بلغته العلاقات بين البلدين الصديقين، والدور السياسي لهذه العلاقات في إيجاد الحلول للقضايا الإقليمية والدولية، والتي ترسخت بفعل العديد من المواقف والرؤى والآراء المتطابقة، وتعززت بوجود الرغبة الحقيقية لمواصلة النجاحات والمنجزات التي تحققت للصالح المشترك. 
وخلال ديسمبر من العام الماضي، أكد البلدان التزامهما المستمر بتطوير شراكتهما، وتعزيز الحوار الاستراتيجي بين البلدين، وزيادة التعاون في مجالات التجارة والاستثمار والبحث والتطوير وتغير المناخ، وتعزيز اقتصاد البلدين، بما في ذلك التعاون عبر المجالات ذات الأولوية مثل: علوم الحياة والرعاية الصحية وتقنيات المستقبل والابتكار الرقمي والطاقة المتجددة والفضاء والبنية التحتية والتعليم والسياحة والأمن الغذائي والخدمات المالية والمهنية، بما يؤكد أن العلاقات السياسية بين البلدين تمضي إلى المزيد من التقدم والازدهار. 
وعلى الصعيد العسكري، يرتبط البلدان بعلاقات عسكرية وثيقة، حيث شهد عام 1996، توقيع دولة الإمارات والمملكة المتحدة اتفاقية تعاون دفاعي حددت ترتيبات التعاون الأمني، ويعد هذا الاتفاق أكبر التزام دفاعي لبريطانيا خارج حلف الناتو، كما شهد عام 2009 توقيع المملكة المتحدة مذكرة تفاهم مع القوات المسلحة الإماراتية سُمح بموجبها للقوات البريطانية باستخدام القواعد الجوية الإماراتية.
وتواصل التعاون العسكري، من خلال استقبال أكاديمية «ساند هيرست العسكرية» الملكية البريطانية منذ عام 1974 لمئات المواطنين الإماراتيين، والذين تخرجوا فيها بكل كفاءة واقتدار، إضافة إلى التبادل العسكري في مجالات التدريب والاستشارات، بهدف تعزيز منظومة العمل العسكري المشترك، والاستفادة من الخبرات العسكرية المتنوعة وتقنيات التسليح الحديثة. وشهدت السنوات الماضية، إقامة سلسلة من التمارين المشتركة، التي تقام بين البلدين، في إطار التعاون العسكري المشترك، بهدف التدريب على تخطيط وتنفيذ وإدارة العمليات العسكرية المشتركة، وتفعيل الإجراءات الموحدة بين مختلف الأسلحة المشاركة، إضافة إلى توحيد العمل المشترك وأسلوب التدريب الأمثل لرفع الكفاءة القتالية للقوات المسلحة، وصقل القدرات والإمكانات القتالية.  وضمن التعاون الاقتصادي، تم تشكيل مجلس مشترك للأعمال الإماراتي البريطاني، حيث يركز المجلس خلال العام الجاري على تسخير الشراكات الجديدة في مجال الابتكار والتكنولوجيا المستقبلية وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة والتعليم والثقافة والمهارات والرعاية الصحية، والطاقة والنمو المستدام والصناعة والبنية التحتية، كما يقوم بسلسلة من الحملات حول المجالات ذات الأولوية مثل الأمن الغذائي والفضاء، والمساهمة في تعزيز التبادل التجاري وتنمية المشاريع الاقتصادية المشتركة.

وفي مجال الرعاية الصحية، تعد الشراكة بين مبادلة للرعاية الصحية، ومركز إمبريال كوليدج لندن في المملكة المتحدة، والتي تم بموجبها تشييد المركز في أبوظبي، من أهم الشراكات التي استهدفت الرعاية الصحية، حيث يعمل المركز على تلبية الطلب المتزايد المرتبط بخدمات رعاية مرضى السكري في الدولة، وتقديم أرقى الخدمات الطبية العالمية، وتعزيز الأبحاث ومنظومة العلاج والصحة العامة، بدءاً من مرحلة التشخيص الأولي إلى العناية وتوفير العلاج لكافة المضاعفات المرتبطة بداء السكري. وفي الجانب التعليمي، تعد الروابط الأكاديمية بين المملكة المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة عميقة ومتينة جداً، حيث توجد العديد من المدارس البريطانية في الدولة، كما تستقبل الجامعات البريطانية المرموقة طلاب الإمارات من مختلف التخصصات، حيث شهدت العقود الماضية تخريج العديد من طلبة الإمارات والذين انخرطوا في مختلف القطاعات التنموية، بالاستفادة من الدور الأكاديمي المرموق في أهم جامعات المملكة المتحدة، إضافة إلى وجود تعاون أكاديمي بين جامعات الدولة والجامعات البريطانية لتعزيز منظومة الأبحاث العلمية. 

في الجانب الثقافي 
في الجانب الثقافي، أطلقت دولة الإمارات بالتعاون مع مؤسسة جائزة بوكر البريطانية، الجائزة العالمية للرواية العربية في عام 2007. وتهدف الجائزة، المخصصة للأدب الروائي، إلى تكريم المتميزين في الكتابة الإبداعية العربية المعاصرة، وإلى تشجيع القراء في المنطقة وخارجها على قراءة الأدب العربي الجيد، وإلى تشجيع ترجمة ونشر الأدب العربي إلى لغات رئيسية أخرى. وتتويجاً للعلاقات التاريخية بين البلدين، تم تدشين جمعية الصداقة الإماراتية البريطانية، بهدف تعزيز العلاقات بين البلدين، حيث تعد الجمعية مركزاً للفعاليات الثقافية والمناسبات الاجتماعية والمناقشات السياسية والأكاديمية، بما يسهم في تعزيز التواصل بين مسؤولي البلدين الصديقين.  وتشهد الفترة المقبلة، تعزيز التعاون الوثيق بين دولة الإمارات والمملكة المتحدة، حيث تتضمن الجهود تعزيز قيم السلام والتسامح والدعوة إلى الأخوة الإنسانية، والمشاركة الفاعلة في المحافل والمؤتمرات الدولية للتأكيد على المفاهيم والمبادئ الإنسانية، ومواصلة الجهود لمواجهة تداعيات جائحة «كوفيد- 19» والمساهمة في تسريع عملية التعافي عالمياً، وبحث الشراكات والاتفاقيات ذات الأثر الإيجابي في القطاعات الحيوية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©