السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

حمدة بنت محمد بن خليفة: رمضان يوحِّد الناس على الخير

حمدة بنت محمد بن خليفة: رمضان يوحِّد الناس على الخير
2 ابريل 2022 01:53

لكبيرة التونسي (أبوظبي)

ملأت الشيخة حمدة بنت محمد بن خليفة آل نهيان الحياة  خيراً وطيبة.. 
شُهد لها بحبها للآخر.. 
درست القرآن الكريم وتشبعت بالقيم.. 
محبوبة بين أهلها وأصدقائها..
تزرع الخير والطيب أينما حلت وارتحلت..
وفاة والدتها وهي صغيرة جعلها مرهفة الإحساس والمشاعر..
تعتبر شهر رمضان الأقرب إلى قلبها، لأنه يغذي الروح ويسمو بها، ويزيد فيه العطاء ويوحِّد الناس على الخير والكرم والمحبة والسلام.

جاءت لحظة ميلاد الشيخة حمدة بنت محمد بن خليفة آل نهيان، في الفترة الانتقالية ما بين الشتاء والربيع في مدينة أبوظبي، كانت والدتها الشيخة موزة بنت أحمد العتيبة طيب الله ثراها، سعيدة بولادتها وطوال الوقت لم تفارقها وكأنها استشعرت أن الفراق قريب.. توفيت والدتها ودفنت في أبوظبي وعمرها لم يتخط أربعة أشهر،  كان لهذا  الفقد المبكر أثراً كبيراً في تربيتها ونشأتها، وحدثاً جعل أحاسيسها مرهفة تجاه أبنائها الذين غمرتهم بالحب والعطاء والمحبة لتؤكد أن الأم ميزان الخير والإنسانية في كل البيوت.

سخاء 
أحداث رافقت حياة الشيخة حمدة، أثرت شخصيتها وجعلت منها إنسانة مختلفة تتميز بالحكمة والعطاء، منها ما سمعت عنه ومنها ما عايشته، عناصر جعلت منها إنسانة مرهفة الحس معطاء وكريمة وفي نفس الوقت ذات شخصية قوية تتصف بالحكمة، أخذت من شخصية والدتها القوة والتوازن، حيث قالت، إن الوالدة موزة بنت أحمد كانت شخصية قوية تحسن تدبير أمور الحياة والتعايش مع ظروفها في كل أحوالها وكانت هذه القوة في الشخصية مقترنة بالمحبة والكرم والعطاء، كما كان لها مكانة كبيرة عند جدي طيب الله ثراه أحمد بن خلف العتيبة وكان يحرص قبل ولادتها لأي من أبنائها أن يستقبلها لتلد في بيته وكان يطلب دائماً أن تلد في بيت المال - «غرفة في البيت يجمع فيها كل ما هو ثمين كاللؤلؤ والذهب»-  والذي كان لا يفتحه إلا لولادة الشيخة موزة فقط دوناً عن بقية أبنائه لما لها من مكانة خاصة عنده، حيث كان يردد «أريد أن يفتح المولود عيونه على الخير الذي رزقنا الله به».

يتم
توفيت والدتها بعد ولادتها بسبب مرض أصابها استحال علاجه رغم حرص والدها على استقدام طبيب من الهند لعلاجها، كما أصاب عدد كبير من الناس في ذلك الوقت، حيث رفض جدها ساعتها خروجها من البيت، وقال رحمه الله «إن موزة لها بيت المال ولا تخرج منه» في الوقت الذي كانت الخيام تبنى لاستقبال المرضى بعيداً عن التجمعات.
وأضافت:«يوم وفاة أمي موزة كان والدي الشيخ محمد بن خليفة «رحمه الله» في منطقة بأبوظبي مع بعض الشيوخ وكان واقفاً أمام الخيمة حين رأى أحدهم من بعيد يسرع الخطى تجاهه فقال «يا الله بخبر طيب» وحين  اقترب منه الرجل ردد: «رحمة الله على الشيخة موزة أم حمدان فكانت صدمته كبيرة ورجع في الحال إلى أبوظبي».

طيب أثر
تتحدث عن والدتها طيبة الأثر مؤكدة «كان لها مكانة كبيرة عند كل الناس لما كانت تتمتع به من عطاء ومحبة وكرم وقوة الشخصية وحسن علاقاتها مع الناس، كما أنها كانت صاحبة مكانة كبيرة عند والدي الشيخ محمد بن خليفة بن زايد آل نهيان». وتذكر الشيخة حمدة أن والدتها هي من أطلقت عليها اسم حمدة تيمناً باسم أختها حمدة بنت أحمد بن خلف العتيبة لمحبتهما الشديدة وهي والدة الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي «فتاة العرب»، موضحة أن جدتها من أمها هي من قامت برعايتها بعد وفاة والدتها، درست القرآن الكريم الذي يعد من أهم طرق التربية والمعرفة على يد المطوعة عوشة بنت يموعة إلى جانب أختها الشيخة فاطمة بنت محمد ومجموعة من الأطفال الآخرين ثم انتقلت بعد ذلك إلى التعليم النظامي في المرحلة الابتدائية والإعدادية.

  • المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» والشيخ محمد بن خالد آل نهيان رحمه الله (من المصدر)
    المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» والشيخ محمد بن خالد آل نهيان رحمه الله (من المصدر)

أماكن وذكريات
لمدينة العين بكل مناطقها ونخيلها وأفلاجها مكانة خاصة في قلب الشيخة حمدة ترتبط بوجدانها وتحتفظ منها بالكثير من الذكريات الطيبة حيث أشارت «كان هناك مزرعة نخل لوالدي الشيخ محمد بن خليفة اسمها الخرسان وكان بها نخيل وماء عذب والكثير من الزراعات الأخرى وتميزت بكثافة أشجار الليمون و«الهامبة»، وأنواع أخرى من الأشجار المثمرة وهي من أحب الأماكن إلى قلبي، وتربطني بها ذكريات عزيزة، فعندما زرتها في يوم من الأيام وأنا حامل بابني خليفة بن محمد بن خالد الذي أطلق عليه والدي هذا الاسم تيمناً باسم جدي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان أهداه هذا النخيل المتفرد بأجوائه وذو الجودة العالية، عشت فيه أجمل ذكريات الطفولة مع أبي وعمي الشيخ خالد وأخواتي وإخواني وأصدقاء الطفولة.

أمتع اللحظات
أمتع اللحظات هي التي تسكن الذاكرة ولا تغادرها، وأقواها تلك المرتبطة بالطفولة، حيث قالت الشيخة حمدة، أنها مازالت تذكر الأوقات الجميلة التي كانت تقضيها منذ الصباح الباكر بين الدراسة عند المطوعة واللعب مع صديقاتنا بمرافقة أختها فاطمة بنت محمد: «كنا  لا نمكث في  البيت كثيرا، أغلب أوقاتنا نقضيها وسط أشجار النخيل ولا نعود إلا بعد صلاة المغرب حيث نتناول وجبة العشاء وننام، نجمع ما يسقط من التمر ونلتقط بعض حبات «النبج» من أشجار السدر، بينما يعتبر موسم جمع التمر وتنظيفه من الشوائب من أسعد أوقاتنا، حيث كانت النساء والرجال والأطفال يقومون بهذا العمل وهم يرددون بعض الأهازيج بفرح وسعادة.. كانت الحياة جميلة وخفيفة وسهلة، وفي بعض الأوقات وعلى ضوء  القمر نجلس فوق المنامة لمراقبة الجدات والأمهات وهن يمارسن بعض الحرف مثل الخياطة والتلي، أما ألعابنا كنا نصنعها بأنفسنا من الخوص وما تبقى من الأقمشة ونحيي مشاهد الأسرة، التي تتكون من أم وأب وأبناء ضمن مجلس.

المناسبات
تعود المناسبات الشعبية والتراثية بوجهها المشرق لتنعش زوايا مضيئة من ذاكرتنا الإنسانية والاجتماعية ومن بعض هذه الذكريات التي لم تنسها الشيخة حمدة، قالت:«مازال ما حدث في مناسبة «طلوع» سمو الشيخ خليفة بن زايد، وهي احتفالية تنظم بمناسبة خروجه من الأربعين، حيث كنت أقف لأخذ «الطلوع» ومن عادة هذا الطقس أن نجمع الجوز والحلويات ونركض وعند انطلاقنا جميعاً، أصابت رجلي شوكة نخل ولم أتمكن من الاستمرار وبقيت لوحدي بينما جميع الأطفال يغرقون في سعادتهم وهم ينشدون للشيخ خليفة غير منتبهين لغيابي، وفي غمرة حزني رأيت فارساً من بعيد كان مثل الخيال وإذا به والدي الشيخ محمد بن خليفة بن زايد، رحمه الله، فقال لي ماذا بك؟ ولماذا أنت لوحدك؟ فأخبرته قصتي مع الشوكة، فحملني على الجواد وركض بي إلى البيت وبقيت تحت العلاج لمدة شهر من تلك الإصابة، وكنت أتساءل دائماً كيف شعر والدي بإصابتي وأتى ليساعدني». 

مكانة
بكل حب وفخر تستحضر الشيخة حمدة ذكريات جميلة ربطتها بالوالد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) وأوردت:» طفولتي مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عديدة ولا تحصى فعندما كنت صغيرة كان لي عنده مكانة كبيرة وكان دائما عند خروجه إلى المجلس يصحبني معه وأبقي معهم جالسة حتى تنتهي الجلسة، كما كان لدينا في البيت بئر ماء وكان الشيخ زايد (رحمه الله) دائما عندما يجدني واقفة بقربه ينادي ويوصيهم لا تخلون حمدة وحدها قرب البئر» وأذكر أيضا عندما كنت صغيره أذهب كي أرى الشيخ سلطان بن زايد صغيراً وأجلس عند الباب انتظر الشيخ زايد حتى يدخلني عليه فكان يحملني بين يديه ويدخلني إلى سرير الشيخ سلطان ويقول لي احمليه، رحمهم الله جميعا، وكان الشيخ زايد طيب الله ثراه يهتم بكل الناس وكانت محبته لنا بدون حدود فقد كان العم والأب الحنون رحمه الله.

رحلة الحياة
الحياة بكل ما تحمل من ذكريات طيبة تبقى حاضرة وتأتي محملة بتلك المشاعر الجميلة في كل حين، ومن أجملها لدى الشيخة حمدة تلك التي كانت ترافق  فترة «القيظ» في مدينة العين، حين كانت طفلة:» كنا نقضي فترة القيظ الأولى من طفولتي في أبوظبي وبعدها تم الاستقرار في مدينة العين، كانت أياما جميلة تلك التي كان فيها الناس يأتون من أبوظبي ودبي وبقية الإمارات وعمان إلى مدينة العين لما تزخر به من مياه عذبة وطبيعة جميلة ووفرة في أنواع التمور وأجودها لقضاء فترة «القيظ» في هذا الموسم كان الكل ينخرط في جمع التمر وتنقيته وتخزينه لبقية الأشهر من السنة وكانت هذه العملية تستغرق ما لا يقل عن أربعة أو خمسة أشهر فكانت من أجمل الأيام، حيث نكون صداقات وعلاقات طيبة مع البنات اللواتي تأتي إلينا مع أهاليهم من كل مكان، ومن الذكريات الرائعة إعداد الطعام مع البنات والأولاد تحت السدرة، حيث كنا نأخذ من عمتي شما بنت زايد وعمتي سلامة بنت زايد «العيش» ونذهب مع البنات والأولاد ونطبخه تحت السدرة فكانت أجمل الأيام خاصة أن أهل أبوظبي يأتون ومعهم المالح والجسيف وما أكبر فرحتنا إذا حصلنا على جسيف أو مدفى أو نيسر مع العيش».

أبيات عوشة بنت خليفة السويدي في الشيخة حمدة بنت محمد آل نهيان

يـا صفـوة الشيخـان منّـي اتقبـلّـي
مخامـيـل يـكّْ الـمدح لـي تـهتوينها

مـثـايلٍ مـا قلتهـا دون خاطـر
لكـن مـن قلـبـي تهيَّضْ دفينـهـا

وفيها سـلامٍ يفضح الطيـب ريـحه
وتـحـية بالمسـك يـنفح خـنـيـنها

عـلـى الـيـادل  الـلـي مـن صـغـرهـا تـربَّتْ
عـلى المـدح تدرا كل شيٍّ يهـيـنـهـا

فـتاةٍ شـرى  شـمس الـضـحـى نـور خدّها
ويـكـسي محيّاهـا وقـارٍ يزينهـا

ثـجـيلة مراز العقـل مـعصومة الحيـا
صـموت الـمـهـا مـا تـلـحـق الـيار شـيـنـهـا

بشوشه لعانيـهـا إلي يـا مسلـم
ويلوح نور الصـخا فـي جبيـنـهـا

وتعـتـاد فعل اليود مـن غيـر منـّه
وتشري المعالي وكود غالي ثـمينها 

عـسـى الله يحييها ويـسـعد حياتـهـا
ويـدوم لـها طـول البقـا فـي جرينها

حـبـيـبٍ الْـها مـا هـان فـي شـان قـدرها 
وفـي مـنصب الـطـولات طوّل يـمـيـنـها

عـلى شـامخٍ للعـز فـي أرفـع البـنـى
يـعـيـشـون باعمـارٍ طـوالٍ سنيـنـهـا

والله ما قلت المثايل على خطا
فـلـكـنـهـا لـلنفس مـنـظـور عـينها

وختمـي صلاة الله عـلـى شـافـع الورى
نبـي الهـدى لـي عـرّف الـنـاس دينها

تـعـم الصـحـب والآل ما رضـف الـحـيـا
ومايٍ لـسـحبٍ ما يـونِّـي دنينـهـا

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©