الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«كوفيد 19» يبدأ تفكيك وحدة الأسواق الناشئة

عامل يسير بجوار علب معدنية مضغوطة في مصنع لإعادة التدوير في جويداد خواريز بالمكسيك (أرشيفية)
27 يونيو 2020 00:29

حسونة الطيب (أبوظبي)

ظل النقاش يدور لسنوات عدة عن انفصال الأسواق الناشئة عن المتقدمة، بيد أنه وفي ظل انتشار فيروس كورونا، من الأهم الحديث عن انفصال هذه الأسواق نفسها عن بعضها بعضاً. ورغم أن العديد من الخبراء، يرون أن الأسواق الناشئة ليست فئة أصول متجانسة، ولكن عادة ما يشار إليها كأصل واحد، يمتد من الأرجنتين إلى الصين. ومع ذلك، كشف «كوفيدـ 19»، عن التشظي الذي يسري في هذا الجسم، خاصة فيما بين شمال آسيا وبقية الدول الناشئة. 
وتحدد الطرق التي تعاملت بها مختلف الدول مع فيروس كورونا واحتوائها له، نظرتها المستقبلية العريضة وأداء أسواقها. وتتعامل كل من كوريا الجنوبية والصين وتايوان، بكفاءة أكبر مع الفيروس وفي طريقها للعودة لممارسة نشاطها الاجتماعي والاقتصادي الطبيعي.
وفي الجانب الآخر من هذه الكتلة، يبدو أن الاستجابة السياسية بطيئة وغير فعالة، في المكسيك والبرازيل، بينما يعكس النشاط الاجتماعي، صعوبة في احتواء الفيروس في الهند، والقيود المالية التي تحد من مقدرة الحكومة للتدخل في جنوب أفريقيا. وتبقى معدلات انتشار المرض مرتفعة في هذه البلدان، وربما تعاني من تداعياته لفترة قد تطول، بحسب «فاينانشيال تايمز».
وبجانب التأثير الاجتماعي، كشف الفيروس عن ثلاث نقاط ضعف اقتصادية في الدول الناشئة. أولاً من حيث قوتها الائتمانية، حيث تزيد مخاطر التعثر على المستوى السيادي ولدى الشركات. ثانياً، الضغوط الكبيرة الواقعة على الميزانيات، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومات لإنعاش اقتصاداتها ودعم الأعمال والأسر. وأخيراً، تعرض البلدان لتراجع في الطلب العالمي على السلع والخدمات. وتأثير ذلك، لا ينعكس على الصادرات والسياحة فحسب، بل على التحويلات المالية أيضاً، التي تشكل عنصراً مهماً في الناتج المحلي الإجمالي للدول الناشئة.
وكدليل على صحة الائتمان، يمكن الاستدلال بمعدل إجمالي الدَّين الخارجي بالنسبة للاحتياطي من العملات الصعبة. فبينما في جنوب أفريقيا أكثر من 300% والمكسيك ما يقارب 240%، لا يزيد عن 40% فقط في تايوان ودون 70% في الصين ونحو 120% في كوريا الجنوبية.
وعلى الجانب المالي للميزانيات، من المتوقع مواجهة كل من جنوب أفريقيا والبرازيل والهند، عجوزات مالية تتراوح بين 11 و12% من الناتج المحلي الإجمالي هذه السنة. ومع ذلك تشير توقعات السوق، لعجز مالي بنحو 1.3% فقط في ميزانية تايوان وبنحو 3.2% في كوريا الجنوبية، في حين بلغت 15% في الصين، التي أعلنت مؤخراً عن طرح حزمة تحفيزية كبيرة. ويعتبر التعافي المالي، مهماً ليس من منظور الاقتصاد الكلي فحسب، بل للنتائج التي ربما تنعكس على العائدات الاستثمارية على المدى البعيد. وفي غضون ذلك، تبدأ الحكومات التي تعاني من انعدام السيولة، في البحث عن طرق لتعبئة خزائنها مرة أخرى، حيث تمثل الشركات في القطاعات ذات العائدات المنتظمة أو الضرائب المنخفضة، نقطة البداية. 
والصين وكوريا الجنوبية وتايوان، ليست كذلك في مأمن من التداعيات العالمية لوباء كورونا. ومن المرجح، مواجهة سلاسل التوريد العالمية لمزيد من الاضطرابات، في وقت تزيد فيه البلدان من تركيزها على النظرة المحلية، وإدراك الشركات أن الاعتماد على مورد واحد بعيد، يعرضها لمخاطر كبيرة، الشيء الذي ربما تنعكس أضراره بشكل خاص على الصين. 
وإضافة إلى ذلك، فإن العودة لمستويات استهلاك ما قبل كورونا، ربما تكون بطيئة وغير متساوية، على الأقل حتى الحصول على مصل لمكافحة هذا الفيروس. وينعكس تأثير ذلك على الطلب المحلي، خاصة على خدمات مثل، الترفيه والسفر، ما يظهر جلياً في بيانات حركة المواصلات والإشغال الفندقي في الصين. كما أن من المتوقع أيضاً، معاناة الصين من حالة التوتر السائدة بينها وأميركا، التي ربما تشهد المزيد من التصاعد بحلول موعد الانتخابات في نوفمبر. 
ولا شك في أن التعميم قد لا يكون مناسباً هنا. وفي ظل الاستقطاب الحالي في أداء وتقييم السوق، تتوفر فرص الحصول على عائدات مقدرة، في العديد من الأسواق الناشئة، وليس في شمال آسيا فحسب. ولكن لم يعد الأمر مرتبطاً بالأسواق الناشئة كبناء واحد، البناء الذي أوشك على التفكك، ليحين الوقت للتفكير في حال كل بلد على حدة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©