الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أفكار حية في «الأماكن الميتة»!

أفكار حية في «الأماكن الميتة»!
18 يناير 2021 00:25

بحسب دراسة أجراها فريق من الباحثين يقودهم العالم الأميركي كيفن دنبر، فإن أكثر من ثلث الابتكارات والاكتشافات العلمية جاءت لنا عن طريق الصدفة، أو من خلال ملاحظات وحوارات غير مقصودة.
لهذا، فالصدفة في دنيا المعرفة لا تعني «ضربة حظ» عمياء، إنما هي وليدة الفضول غير المحدود في السعي لاستيعاب كل شيء عن أي شيء.
وهي أيضاً وليدة التفاعل اليقظ مع البشر والأشياء والملاحظة الدقيقة للتغيرات والتطورات.
لهذا كله، يخشى بعض الخبراء والمديرين من أن المبالغة في العمل عن بُعد تؤدي إلى الحد من ذلك التفاعل الخلّاق بين الموظفين في أروقة المكاتب ومقارّ العمل.
وكانت شركتا ياهو وIBM قد سبقتا جائحة كورونا بسنوات في اعتماد العمل عن بُعد لأعداد كبيرة من موظفيهما.
لكن الشركتين قررتا قبل عامين التراجع جزئياً عن ذلك على اعتبار أن التباعد المهني يقلل من فرص التواصل العفوي المباشر، والذي يقول مسؤولو الشركتين إنه يولّد الكثير من الأفكار الخلاقة والمبدعة.
وقد أشارت صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن أعداداً متزايدة من الشركات أبدت قلقها بشأن كيفية تعويض النقص في التفاعل العفوي والمنفتح والمباشر بين الموظفين الذين ينتمون إلى تخصصات ومجالات متباينة بينما يجري تشجيع العمل عن بُعد، والتباعد الاجتماعي في بيئة العمل.
ومما يدعو للقلق أن التواصل عبر القنوات الرقمية، رغم أهميته من جوانب عديدة، لا يؤدي إلى انهماك الحواس بالقدر المطلوب لـ «التقاط» الأفكار الثمينة وتحقيق القفزات الابتكارية.
ونقلت الصحيفة عن بعض الشركات الكبرى قولها، إن من سلبيات العمل عن بُعد القضاء على ظاهرة «الأماكن الميتة» في مواقع العمل.
ومصطلح الأماكن الميتة يشير إلى نقاط التجمع العرضية والحتمية كالمصعد الكهربائي، والسلالم والمداخل والمخارج والممرات، وهي الأماكن التي يلتقي فيها الموظفون بالصدفة ويتبادلون الترحيب ويتجاذبون أطراف الحديث بشكل عابر.
إن أهمية تلك النقاط تكمن في أنها تجمع بين أشخاص من خلفيات معرفية متباينة، وتلهم الكثير من الأفكار التي تسهم في تطوير العمل وتحقيق الابتكار.
في عالم اليوم، حيث أصبح العمل عن بُعد خياراً مطروحاً بقوة حتى بعد الخلاص من الجائحة، يبحث الخبراء والمدراء عن سبل لتعويض النقص في الخبرات المتأتية من المعايشة الواقعية.
وإذا ما طالت التعليمات المتشددة بخصوص التباعد في أماكن العمل، فإن المؤسسات ستكون معنية بالبحث عن وسائل للتعويض عن تلك الفرص الضائعة لالتقاط الأفكار وتطويرها.
وإلى أن يتحقق ذلك، يبقى السؤال قائماً حول كيفية تحقيق المعادلة المتوازنة بين التباعد الاجتماعي والتفاعل الخلاّق.
هذه هي النقطة التي يتعيّن على كل مؤسسة الاشتغال عليها.
أما الأفراد، فأمامهم فرصة لتعويض ذلك من خلال إعادة النظر في طبيعة التفاعل الرقمي عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، ليكون أقرب إلى الحوارات البناءة والفضول المعرفي المولّد للابتكار.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©