السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الغش التجاري آفة متوالدة

الغش التجاري آفة متوالدة
24 يناير 2021 00:20

«المكاسب الآتية من الاحتيال، لا يمكن أن تكون في مأمن»
سوفوكليس، روائي ومسرحي إغريقي
الغش التجاري والتزوير والقرصنة والتقليد والاحتيال، أدوات تضرب الاقتصاد العالمي منذ زمن، وهي بالتالي تضر بصورة كبيرة الاقتصادات الوطنية.
وهذه الآفة تواصل تصاعدها رغم كل القوانين التي اتخذتها الحكومات للحد منها، بما في ذلك فرض الغرامات المالية المرتفعة على المتورطين، والحكم عليهم بالسجن لفترات متفاوتة، طبقاً لمستوى الإدانة.
ورغم أن بعض البلدان حققت قفزات لافتة في مجال محاربتها للغش التجاري بشكل عام، إلا أن غالبية الدول لا تزال تعاني من تراخي قوانينها، أو من تسيب عمليات إنفاذ هذه القوانين.
ولذلك، يرتفع عدد الأسواق التي اصطلح على تسميتها «سيئة السمعة» وحددها المشرعون الأميركيون بـ 73 سوقاً، منها 39 منصات إلكترونية معروفة، وآلاف المنصات الأخرى غير المعروفة للجهات الحكومية في هذا البلد أو ذاك.
وهذه «الأسواق» إما تشارك في الأعمال التجارية غير المشروعة، أو تسهل تزوير العلامات التجارية الكبيرة، والقرصنة في مجال حقوق الطبع والنشر.
وإذا كانت ملاحقة الأسواق المادية متواصلة وتتميز ببعض السهولة، إلا أن ملاحقة ومتابعة المنصات الإلكترونية تبقى أكثر صعوبة. والسبب يكمن في عدم كفاية السياسات، ونقص الإجراءات الفعالة من قبل شركات التجارة الإلكترونية بشكل عام، التي تقوم بتسويق المنتجات للمستهلكين حول العالم.
ومخاطر الغش التجاري، لا تنحصر فقط في الأضرار الكبيرة التي تتكبدها الجهات الشرعية للمنتجات والسلع بشكل عام، بل تشمل أيضاً مخاطر استخدام المنتجات ذاتها.
فهذه السلع لا تخضع عادة لمعايير الأمان المفروضة محلياً وعالمياً، والمتصلة مباشرة بالقوانين التي تضعها منظمة التجارة العالمية في مجال الإنتاج.
وتعترف المنظمات التجارية العالمية بالثغرات التي تتسبب بها التجارة الإلكترونية في هذا المجال، لأنها ببساطة تسهل عمليات بيع السلع المقرصنة والمزيفة والمقلدة، فضلاً عن قدرة المنصات الإلكترونية على الإفلات من المسؤولية، خصوصاً في البلدان التي لا تتمتع بقاعدة رقابية عالية الجودة، ولا بإمكانيات إلكترونية متطورة. لكن بلا شك الآفة تختص بهذه المنصات وبالأسواق المادية المعروفة، الأمر الذي يعكسه حجم التجارة الدولية في السلع المقلدة والمقرصنة.
فوفق وزارة التجارة الأميركية، فإن إجمالي هذا النوع من التجارة يصل سنوياً إلى أكثر من نصف تريليون دولار، أو ما يمثل 3.3% من حجم التجارة العالمية ككل.
وهذه نسبة ليست قليلة، لا سيما في ظل تسارع وتيرة تجارة السلع المقلدة والمقرصنة.
ليس هناك حل ناجع لهذه الآفة، إلا بالتعاون الدولي الوثيق، وبناء منظومة عالمية أكثر قوة، مختصة بملاحقة الجهات التي تمارس الغش التجاري بأنواعه.
فالتحرك الفردي من جانب هذه الدولة أو تلك، يصطدم بالنهاية بحالات الفلتان في مناطق واسعة من العالم.
ناهيك عن تغاضي بعض البلدان عن مسألة حسم هذا الأمر نهائياً. فالاقتصاد العالمي، كما يعلم الجميع، لا يحتمل مزيداً من الثغرات في هيكليته، سواء قبل جائحة «كورونا» أو بعدها.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©