الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

هل تتجه الدول العربية لفرض ضرائب على الاقتصاد الرقمي؟

هل تتجه الدول العربية لفرض ضرائب على الاقتصاد الرقمي؟
25 ابريل 2021 21:52

عاطف عبدالله (أبوظبي)

يترتب عن عدم إخضاع أنشطة الاقتصاد الرقمي للضرائب تداعيات ترتبط بتآكل القواعد الضريبية الوطنية، وعدم العدالة الضريبية والمنافسة الاقتصادية، حسب دراسة لصندوق النقد العربي، أكدت أن تطبيق الضرائب على الاقتصاد الرقمي عربياً ودولياً يواجه تحديات ترتبط بقدرة القواعد الضريبية الحالية على التعامل مع الأنشطة القائمة على الرقمنة.
ونوهت الدراسة بعنوان «الضرائب على الاقتصاد الرقمي في الدول العربية» بأن عدداً من الدول العربية يبذل جهوداً بإطار الاستعداد لتطبيق الضرائب على أنشطة الاقتصاد الرقمي.
وأكدت ضرورة تركيز الدول العربية على مراجعة التشريعات الضريبية، وبناء قواعد بيانات إلكترونية، وتطوير نظم المعلومات ورفع القدرات الفنية، بما يُمكّن من مواكبة التطور التقني المتسارع.

رصد التحديات

تستند الدراسة إلى نتائج استبيان أعده صندوق النقد العربي لرصد التحديات التي تواجه الدول العربية في تطبيق الضرائب على الاقتصاد الرقمي، وطبيعة الجهود المتخذة والمخططة للتصدي لتلك التحديات المرتبطة بقدرة القواعد الضريبية الحالية على التعامل مع الأنشطة القائمة على الرقمنة، في ظل غياب توافق دولي حول توزيع الحقوق الضريبية بين الدول.
أبرزت الدراسة أهمية الاقتصاد الرقمي من حيث التوسع والنمو والموارد المالية التي تجنيها الشركات القائمة على الرقمنة. كما أشارت إلى التداعيات المترتبة عن عدم إخضاع أنشطة الاقتصاد الرقمي للضرائب، المتمثلة في تآكل القواعد الضريبية الوطنية، وعدم العدالة الضريبية، والمنافسة الاقتصادية.
كذلك تناولت الدراسة التحديات التي تواجه تطبيق الضرائب على الاقتصاد الرقمي على مستوى الدول العربية والصعيد الدولي، وتطور الجهود الدولية للتصدي لها، وطبيعة التدابير والإجراءات المخططة والمتخذة على مستوى الدول العربية في هذا الصدد.
أشارت الدراسة إلى أن هناك إدراكاً على المستويين الإقليمي والدولي لأهمية الضرائب على الاقتصاد الرقمي من حيث ضرورة مساهمة هذا القطاع في الموارد العامة للدول قياساً بحجمه والربحية التي يحققها، علاوة على الحاجة لتصحيح تفاوت الأعباء الضريبية بين الشركات الرقمية والتقليدية، إلا أن هناك صعوبة تحول دون تطبيق القواعد والمعايير الضريبية الدولية والمحلية الحالية على المعاملات الرقمية.

 

تضافر الجهود الدولية

وأكدت أهمية تضافر الجهود الدولية من أجل الوصول إلى توافق دولي حول قواعد ومعايير ضريبية دولية تضمن التوزيع العادل للحقوق الضريبية بين الدول.
وأشارت الدراسة إلى أنه في ظل تأخر الوصول إلى توافق دولي، اتجه عدد من الدول حول العالم نحو اتخاذ تدابير أحادية الجانب تُمكِّن من تطبيق الضرائب على أرباح الشركات القائمة على الرقمنة، ما قد تترتب عنه تداعيات سالبة على حركة التجارة الدولية، والتطور التقني.
كذلك استعرضت الدراسة التدابير التي اتجه عدد من الدول العربية إلى وضعها استعداداً لتطبيق الضرائب على الأنشطة القائمة على الرقمنة.
في هذا السياق، أشارت الدراسة إلى ضرورة تركيز الدول العربية على مجالات عدة، أشارت الدراسة إلى أن هناك، من ضمنها مراجعة وتعديل التشريعات والاتفاقيات الضريبية لتواكب التطور التقني المتسارع، والاستفادة من الاتفاقية متعددة الأطراف لمكافحة التهرب الضريبي الدولي، وجمع البيانات المطلوبة عن أنشطة الاقتصاد الرقمي وبناء قواعد بيانات إلكترونية، وتطوير الإدارات الضريبية من خلال تطوير نظم المعلومات ورفع القدرات الفنية.

الضرائب المباشرة

وفي إطار الضرائب المباشرة، هناك ثمة اتجاه في عددٍ من الدول العربية نحو التريث لحين الوصول إلى توافق دولي حول قواعد تمكنها من ممارسة سيادتها الضريبية على الأرباح التي تجنيها الشركات العاملة في مجال الاقتصاد الرقمي، حيث تركزت جهود غالبية الدول العربية في التخطيط لتدابير من شأنها أن تدعم الاستعداد لتطبيق ضريبة الدخل على الأرباح التي تجنيها الشركات متعددة الجنسيات داخل اقتصاداتها، حال الوصول إلى توافق دولي أو في حالة الذهاب باتجاه إجراءات ضريبية انفرادية.
من بين هذه التدابير على سبيل المثال، تدرس السعودية جميع الخيارات التي يمكن تطبيقها لفرض ضريبة على دخل الشركات الرقمية غير المقيمة في حال عدم التوصل إلى حل دولي توافقي حول قواعد ومعايير ضريبية دولية في هذا الصدد.
من أبرز هذه الخيارات التخطيط لفرض ضريبة الخدمات الرقمية، وهي ضريبة تفرض على الإيرادات، بما يساوى هامش ربح معين ومعدل ضريبي محدد.
من الممكن أن يشمل نطاق هذه الضريبية الشركات الرقمية الكبرى، خاصة الشركات النشطة في الإعلانات الرقمية، ويمكن توسيعه ليشمل الأنشطة الرقمية الأخرى.
بالإضافة لذلك، الإصلاحات في مجال الإدارة الضريبية وبناء القدرات.
في السياق ذاته، تسعى مصر لإجراء تعديل على قانون الضريبة على الدخل ليشمل الضريبة على المعاملات الرقمية، إضافة إلى تطوير الإدارة الضريبية.
في سياق متصل، تهتم المغرب بالمتابعة والمشاركة في إيجاد حلول دولية للتحديات الضريبية الناشئة عن الرقمنة، إضافة إلى دراسة تجارب الدول، والاستفادة منها في تطوير الممارسات الداخلية.
أما في الأردن، فهناك تخطيط للتعاون مع شركات الدفع الإلكتروني لمراقبة الحوالات المالية من وإلى الشركات الرقمية. كذلك تخطط اليمن لمراجعة بعض النصوص القانونية في التشريع الضريبي، وتدريب تأهيل الموارد البشرية، وتوفير التقنيات الحديثة، بما يتوافق مع التعاملات الإلكترونية الجديدة.

 

الضرائب غير المباشرة

وبالنسبة للضرائب غير المباشرة، وبإطار المبادئ التوجيهية والإرشادية الدولية الصادرة في هذا الخصوص، اتجهت الدول العربية إلى تدابير وإجراءات تمكنها من فرض سيطرتها الضريبية على السلع والخدمات الموجه عن بعد عبر منصات التجارة الإلكترونية، والمنتجات غير الملموسة.
وبحسب تجارب الدول العربية في هذا المجال، تفرض الأردن ضريبة مبيعات بنسبة تبلغ 16 في المائة على السلع والخدمات غير المنظورة.
كذلك تفرض كل من الإمارات، والبحرين، والسعودية ضريبة القيمة المضافة على الخدمات الرقمية التي تقدمها الشركات المقيمة وغير المقيمة بنسبة تبلغ حوالي 5 في المائة.
وفي الجزائر يتم فرض ضريبة القيمة المضافة على الخدمات والمنتجات المادية الموجهة عن بُعد نسبتها 9 أو19 في المائة حسب نوع المنتجات الرقمية. في لبنان، يتم فرض ضريبة القيمة المضافة على العمليات التي تتم عبر الوسائل الإلكترونية أسوة بالعمليات غير الإلكترونية، كما يتم في هذا الصدد إعداد مشروع قانون خاص بالضريبة على التجارة الإلكترونية يتضمن الأحكام الضريبية الخاصة بالمعاملات الرقمية. كذلك في مصري جري التخطيط لإجراء تعديلات على قانون الضريبة غير المضافة، بما يمكن من إلزام غير المقيمين الذي يقومون بمعاملات التجارة الإلكترونية بالضريبة. بينما في المغرب يتم فرض ضريبة القيمة المضافة على المعاملات الرقمية بنسبة تبلغ 20 في المائة.

إدارة الضريبية

من حيث إدارة الضريبية، لا تواجه الدول العربية صعوبة في تحصيل الضريبة المفروضة على السلع والخدمات المنظورة الموجهة عن بُعد من قطاع الأعمال إلى قطاع الأعمال (Business to Business (B2B))، ذلك لإمكانية حصرها عند عبورها من المنافذ الجمركية ومن ثم تحميلها بضريبة القيمة المضافة.

 

توصيات

ودعت الدراسة إلى مراجعة وتعديل التشريعات الضريبية، وكذلك الاتفاقيات الضريبية الدولية لتواكب التطور التقني المتسارع، من خلال دراسة التعديلات المطلوبة في التشريعات الضريبية والمرتبطة بحق فرض الضريبة والحق في الحصول على المعلومات حول الشركات العاملة في مجال الاقتصاد الرقمي.
وشددت على ضرورة الاستفادة من الإطار الشامل لمكافحة تآكل القواعد الضريبية ونقل الأرباح (Inclusive Framework on BEPS) والمساهمة في فعالياته، والانضمام للاتفاقية متعددة الأطراف لمكافحة التهرب الضريبي الدولي (Multilateral Instrument(MLI)) التي التحقت بها مجموعة من الدول العربية تضم حتى الآن 10 دول عربية، تشمل الإمارات، والبحرين، وجيبوتي، وتونس، والسعودية، والكويت، وقطر، وعمان ومصر، والمغرب.
وطالبت بضرورة جمع البيانات المطلوبة عن أنشطة الاقتصاد الرقمي وبناء قواعد بيانات إلكترونية متكاملة تحتوي على المعلومات والبيانات المتعلقة بالأنشطة في مجال الاقتصاد الرقمي، مؤكدة وجود حاجة للتركيز على تفعيل ضريبة القيمة المضافة على المعاملات الرقمية، بالاستفادة من توصيات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بإطار معالجة التحديات الضريبية للاقتصاد الرقمي.
وأكدت ضرورة تطوير الإدارات الضريبية من خلال تطوير نظم المعلومات والربط الشبكي، ورفع القدرات الفنية للموارد البشرية، بما يرفع من كفاءتها، ويعزز التحصيل الضريبي وتوظيف التقنيات الحديثة، والاعتماد عليها في رفع كفاءة الإدارة الضريبية، فهناك العديد من الشركات العالمية التي قدمت حلولاً تقنية تعالج تدقيق المعاملات الرقمية وتضبطها محلياً ودولياً.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©