الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

كيف يعطل الوباء قطار الدول الفقيرة للحاق بنظيراتها الغنية؟

كيف يعطل الوباء قطار الدول الفقيرة للحاق بنظيراتها الغنية؟
11 يوليو 2021 00:30

حسونة الطيب (أبوظبي)

شيء من الاعتقاد كان يسود بين الناس، في أن قوة تأثير كوفيد-19، ستكون أكثر على الدول الغنية منها على الفقيرة أو الناشئة. لكن وبدلاً من ذلك، من المرجح أن يعطل الفيروس، سباق الدول الفقيرة نحو الحصول على مستويات دخل، شبيهة بتلك التي في الدول الغنية. وتراجع الناتج المحلي الإجمالي للفرد في أميركا، بنحو 4% خلال السنة الماضية، بأقل من نصف درجة مئوية عن الدول الناشئة، قياساً على تساوي القوة الشرائية. 
لكن تشير التوقعات الواردة من صندوق النقد الدولي في أبريل الماضي، إلى تفوق النمو الأميركي، على نظيره في الدول الناشئة هذا العام. وفي ظل استمرار تفشي الوباء في دول مثل البرازيل والهند، من المرجح تراجع النمو بوتيرة أسرع في الدول الفقيرة، نحو المؤخرة. وما يثير المزيد من القلق، ربما تعيد الجائحة تشكيل الاقتصاد العالمي بطرق تجعل تقارب الدخل بين الدول الفقيرة والغنية، أمراً بالغ الصعوبة. 
كما ستجعل التوقعات الأسوأ لمستقبل الدول الفقيرة، إدارة الأزمات المقبلة، من الأوبئة إلى التغير المناخي، أكثر صعوبة. 
اعتقد خبراء الاقتصاد، أنه من الطبيعي لدخل الأفراد في الدول الفقيرة، اللحاق بنظرائه في الدول الغنية، قياساً على ما حدث في أوروبا في القرن التاسع عشر وبداية العشرين، عندما لحقت بعض الدول الصناعية المتذيلة للقائمة، ببريطانيا، بل وتفوقت عليها في أوقات كثيرة.
ساد اعتقاد، في أنه بمقدور الدول الفقيرة، الحصول على أخر التقنيات من الدول المتقدمة، وأن رؤوس الأموال على محدوديتها، ستعود على المستثمرين بأرباح وفيرة. 
ورغم عدم بلورة فكرة التقارب الاقتصادي في القرن العشرين، بل على العكس بدأت اقتصادات الدول أكثر تباعداً، نجحت الدول الفقيرة، في التفوق على الغنية في الألفية الجديدة. 
انخفض دخل الفرد في الدول الناشئة في الفترة بين 1985 إلى 1995، بمعدل سنوي قدره 0.5% عنه في الدول الغنية. لكن انعكست هذه الصورة في الفترة بين 2005 إلى 2015، لصالح الدول الفقيرة بنسبة قدرها 0.7% سنوياً. ساهم بطء وتيرة النمو في الدول الغنية، في حدوث هذا التحول، بيد أن الأهم هو تسارع وتيرة النمو في الدول الفقيرة. لكن متوسط نسبة النمو السنوي في الدول النامية التي عانت من سنوات الركود الاقتصادي، كان سلبياً في 42% من الدول ذات الدخل المنخفض في ثمانينيات القرن الماضي، بالمقارنة مع 16% فقط في بداية الألفية الجديدة والعقد الثاني منها، بحسب ذا إيكونيميست. 
يخلف هذا التحول في الثروات، تداعيات جمة في الأمور من، الفقر الذي انحسر خلال الجيل الماضي، إلى الجيوسياسية. مع ذلك، لم يتأكد الخبراء الاقتصاديون من الأسباب التي تقف وراء هذا النمو المفاجئ، ما جعلهم غير قادرين على تقييم مدى إمكانية استمرار هذا التقارب. 
لكن هناك توجهات مثيرة للاستغراب حتى قبل اندلاع هذا الوباء، حيث تفوقت الدول ذات الدخل المنخفض، على الدول الأخرى ذات الدخل المرتفع، بنسبة سنوية قدرها 1.5% خلال الألفية الثانية، رغم أنها انخفضت إلى 0.65% في العقد الثاني من هذه الألفية. وفي حين، استمر الدخل في اقتصادات الدول الأسيوية والأوروبية الناشئة، في التفوق على دول في أميركا الشمالية والجنوبية، بدأت دول في منطقة الشرق الأوسط وجنوب الصحراء الكبرى، تتراجع أكثر فأكثر في 2013. 
قضى التراجع في الدخل الحقيقي مقابل الفرد في 2020، على مكاسب دخل تحقق خلال عقد كامل في تلك الدول الفقيرة. ربما تتمكن بعض هذه الدول بسرعة من تعويض هذه الخسائر، رغم أن عدم توفر اللقاح واستمرار انتشار الوباء، يزيد من تعقيد الأمور. من الممكن، أن يساعد ارتفاع أسعار السلع في زيادة ثروات الدول المُصدرة للموارد الطبيعية، بينما توفر هجرة المزيد من الخدمات الإلكترونية بعد انقضاء الجائحة، العديد من الفرص التجارية. 
ليس من السهولة تكرار العوامل الأخرى التي ساعدت في دفع عجلة النمو في الألفية الثانية وخلال العقد الثاني منها مثل، التنمية السريعة التي حققتها الصين والطفرة التجارية التي ارتبطت بانتشار سلاسل التوزيع العالمية. وربما تؤدي مخاوف الدول الغنية بشأن الثقة في سلاسل التوريد، والتي تفاقمت بسبب الاختناقات اللوجستية التي تعصف بالاقتصاد العالمي الآن، إلى بعض الانكماش التجاري. والأمر الأكثر إثارة للقلق، هو احتمال أن تُفضي صدمة الوباء، إلى عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، لا سيما في الدول الفقيرة، مما يقوّض أساس النمو المستقر.
نادراً ما يكون في مقدرة الدول الفقيرة، تحمل مثل هذه الإخفاقات، حتى في ظل وتيرة النمو التي حققتها في العقدين الماضيين، ما يتطلب اقتصادها، نحو 170 سنة، لجسر نصف الفجوة في الدخل بينها والدول الغنية. كما أن النمو الأخير، لم يفلح كثيراً في تخفيف اعتمادها على مساعدات تلك الدول، الشيء الذي أثبتته الفجوة في توفر نسب اللقاح.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©