الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

استضافة الدولة لقمة الأمم المتحدة للمناخ طموح مستحق

استضافة الدولة لقمة الأمم المتحدة للمناخ طموح مستحق
25 يوليو 2021 00:30

الدكتورة نوال الحوسني

كون الإمارات مقر الوكالة الدولية الأهم عالمياً في مجال الطاقة المتجددة لأكثر من عقد من الزمن يؤهلها لاستضافة نسخة عام 2023 من قمة المناخ الأكبر على مستوى العالم.
في حوار أجريته مؤخراً مع فرانشيسكو لا كاميرا، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»، التي تتخذ من دولة الإمارات مقراً لها، قال عبارة مؤثرة مفادها: «عندما قدمت أول مرة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2019، لم أندهش بمستوى الحداثة والتطور لكن بوتيرته وسرعته».
الحوار مع المدير العام لا كاميرا كان حول دور دولة الإمارات العربية المتحدة في تسريع تحوّل الطاقة لمستقبل تكون فيه الطاقة النظيفة في متناول الجميع. ويتوفر الحوار كاملاً لهذه الحلقة ضمن موضوعات الطاقة المتجددة، عبر بودكاست الطاقة المتجددة لبعثة دولة الإمارات للوكالة الدولية للطاقة المتجددة. 
ملاحظة مدير عام الوكالة الدولية، التي تتكون عضويتها من أربعة أخماس دول العالم، حول سرعة التحوّل وتحقيق الأهداف المنشودة في دولة الإمارات تذكّرنا بما حققته دولتنا خلال وقت قصير، وبما يمكنها أن تحققها من إنجازات نوعية مماثلة في السنوات المهمة المقبلة.
ويجب ألّا ينسينا التعوّد على إنجازاتنا في مجالات الطاقة المتجددة والعمل المناخي، مدى أهمية هذه الإنجازات، فهي ليست فقط مؤشراً عملياً على ما حققناه حتى الآن، بل هي إشارة واضحة لما يمكننا أن نحققه وسنحققه مستقبلاً. 
لقد أصبحت الإمارات وجهة عالمية مفضلة للحوارات الدولية الهامة، خاصة على مستوى تبنّي حلول الطاقة المتجددة والتحول العالمي للطاقة. لذا فإن الخطوة الطبيعية التالية في هذا الاتجاه هي استضافة دولة الإمارات مؤتمر الأمم المتحدة حول التغيّر المناخي لعام 2023، الذي يُعرف بقمة المناخ «كوب 28».
فدولة الإمارات اليوم هي موطن لثلاث من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم، والتي جعلت منها عنواناً رئيسياً كحاضنة متكاملة لحلول الطاقة المتجددة.
وفيما يمكن لـ 3.2 مليون لوح شمسي تم تركيبها على مساحة 8 كيلومترات مربع في محطة نور أبوظبي للطاقة الشمسية أن تنتج 1.2 جيجاواط من الطاقة النظيفة وأن توفر احتياجات 90 ألف إنسان من الطاقة، ستكون محطة الظفرة للطاقة الشمسية، التي سجلت رقماً قياسياً عالمياً في تعرفة إنتاج منخفضة بواقع 1.35 دولار فقط للكيلوواط، قادرة قريباً على أن تدخل نطاق الخدمة بضعف حجم محطة نور أبوظبي. 
وفي دبي، سجل مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، الذي يمتد على مساحة 77 كيلومتراً مربعاً، الرقم القياسي العالمي بكونه أكبر مجمّع للطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم، كما شهد تدشين مشروع الهيدروجين الأخضر الأول من نوعه.
ومن المهم الإشارة إلى أن هذه المشاريع النوعية في مجال الطاقة المتجددة حققت مجموعة متميزة من الشراكات الدولية، حيث يتعاون مشروعا نور أبوظبي والظفرة للطاقة الشمسية مع شركات متخصصة من الصين. وفي «مشروع الهيدروجين الأخضر» بدبي يتم التعاون في نقل التكنولوجيا والمعرفة مع شركة عملاقة متخصصة في التكنولوجيا المتقدمة من ألمانيا. 
ولا تقتصر الأرقام القياسية للدولة في مجال الطاقة المتجددة على المستوى المحلي فقط بل تتعداه إلى الفضاء الدولي. وقد كانت دولة الإمارات رائدة في تعزيز حضور الطاقة النظيفة في العديد من الدول حول العالم وخاصة الدول النامية. واستثمرت الدولة حتى تاريخه 16.8 مليار دولار أي ما يعادل 61.7 مليار درهم في مشاريع الطاقة المتجددة في أكثر من 70 دولة. 
وخصصت الإمارات أكثر من مليار دولار أو ما يعادل 3.67 مليار درهم لمشاريع في الدول الجزر النامية والدول الأقل نمواً، كما استفادت الدول في كلٍ من البحر الكاريبي وأوروبا الشرقية من مشاريع نوعية نفذتها دولة الإمارات، بهدف جعل الطاقة النظيفة في متناول الجميع، بغضّ النظر عن الظروف الاقتصادية والاجتماعية في تلك الدول. 
لقد دعمت القيادة الرشيدة للدولة هذا النموذج التنموي الذي يعود بالفائدة على الدول والكوكب ككل، ويحقق تعاوناً دولياً عابراً للحدود، ويخفض تكاليف إنتاج الطاقة، ويعزز الفرص الاقتصادية، بما يساهم في تنمية المجتمعات بشكل عام، ويحقق النفع للجميع.
كل ذلك، إلى جانب تخصيص دولة الإمارات منذ أكثر من عقد من الزمن مقراً دائماً للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»، المنظمة التي تقود الجهود العالمية لإنجاح تحولات الطاقة، يسهم في تعزيز مكانة الدولة لخيار مثالي لاستضافة النسخة القادمة من قمة الأمم المتحدة العالمية الأكبر حول التغير المناخي «كوب 28».
لقد أصبحت دولة الإمارات موطن الجهود الدولية الداعمة لتحول الطاقة وتبني حلول الطاقة المتجددة الأنسب لعالمنا المعاصر. وهذا ما تؤكده حقيقة نمو عدد أعضاء «آيرينا» من 85 دولة إلى 164 دولة، بالإضافة إلى 20 دولة أخرى في طور الانضمام، وذلك خلال السنوات الـ11 منذ اتخاذ الوكالة الدولية للطاقة المتجددة العاصمة الإماراتية أبوظبي مقراً لها. كما تضاعفت جهود «آيرينا» خلال العقد الماضي في مجال تعزيز السياسات ونقل المعلومات وإصدار التحليلات والتقارير العلمية حول الآثار الإيجابية الفعلية لتبنّي الطاقة المتجددة حول العالم. وتبرهن الأوراق البحثية مثل التقرير الصادر بعنوان: «المشهد الدولي للطاقة المتجددة: تحوّل الطاقة 2050»، الأول من نوعه الذي يوفر خارطة طريق للقطاع للعقود الثلاثة القادمة، نجاح الوكالة في دعم تكوين رأي عام داعم لتسريع تبني حلول الطاقة المتجددة على نطاقات أوسع. 
وهذه النتائج النوعية أيضاً التي حققتها الوكالة انطلاقاً من مقرها على أرض الدولة خلال العقد الماضي تجعل من الطبيعي أن نكون الجهة الأكثر استعداداً لتوفير كافة مقومات انعقاد مؤتمر التغير المناخي الأهم على مستوى الكوكب.
وهذا ما لمسناه من انطباعات داميلولا أوجيونبي، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لمبادرة «الطاقة المستدامة للجميع»، في زيارتها مؤخراً إلى دولة الإمارات وجولتها على مؤسساتها الريادية في مجال الاستدامة ضمن فعاليات الحوار الوزاري رفيع المستوى حول الطاقة 2021، حيث عبّرت عن عمق تأثرها بمستوى الإدراك الكبير والوعي المتميز والتطبيق العملي لنموذج الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص في مختلف مشاريع استدامة مستقبل الإنسان سواء على مستوى تحول الطاقة أو الاقتصاد الدائري أو إعادة التدوير أو الاستخدام الأمثل للموارد المتجددة، مؤكدةً أن الإمارات قادرة على مساعدة العديد من دول العالم من خلال هذا النموذج الناجح الذي تطبقها. 
وقد أعلنت دولة الإمارات رسمياً يوم 24 مايو 2021 عن تقديم ملفها لاستضافة فعالية قمة المناخ «كوب28». ومنذ ذلك الحين، شكّل حجم الدعم الذي تلقيناه ونتلقاه تباعاً من المجتمع الدولي والعديد من دول العالم أمراً ملهماً ومؤشراً على تقدير شركائنا في مختلف أنحاء العالم لمستوى التحول النوعي في مجال الطاقة الذي تقوده دولة الإمارات، وإدراكهم لصواب الاتجاه المستقبلي الواعد الذي نسير فيه. 
فالسرعة والوجهة على نفس مستوى الأهمية بالنسبة لنا، لأنهما متكاملتان معاً في مسار تحول الطاقة، وكما سيقول لك أي رئيس تنفيذي أو شخصية قيادية، لا معنى للسرعة والطاقة دون وجود وجهة صحيحة واضحة. وامتلاك المقومات الأولية هو نصف المعادلة، فيما حسن إدارتها ووضع خطة استراتيجية لها تحقق الاستثمار الأمثل للموارد والشراكات والجهود هي نصفها الثاني.
لقد استشرفت قيادتنا الرشيدة مبكراً أهمية تحويل ما لدينا من إمكانات إلى استراتيجيات مستدامة تدعم الجميع حول العالم في مجال تحولات الطاقة وتعزز قدراتهم لتنفيذها بالسرعة المطلوبة، ما جعل دولة الإمارات تحتل المكانة الريادية التي تشغلها اليوم في هذا القطاع الحيوي، ووضعها في قمة قائمة المرشحين لاستضافة أهم الفعاليات الدولية التي تحقق استدامة مستقبل الكوكب للأجيال القادمة.

* المندوب الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©