عدد اليوم
مصطفى عبد العظيم (دبي)
تتجه بوصلة السياحة الأوروبية الخارجية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة التي تشكل الوجهة المفضلة للسياح الأوروبيين في المنطقة، خاصة خلال الموسم الشتوي الذي يجذب ملايين السياح إلى الدولة للتمتع بدفء أجمل شتاء العالم وسط أجواء آمنة، مغلفة بتقاليد ضيافة أصيلة وخدمات راقية ومعالم سياحية فريدة ومتنوعة.
وبينما يستعد القطاع السياحي في دولة الإمارات لانطلاق موسم الذروة الممتد من أكتوبر وحتى مايو من كل عام، واستقبال تدفقات سياحية مرتفعة من كافة أسواق العالم، تتجه أنظار القطاع السياحي نحو الأسواق الأوربية- والتي تشكل معاً ما بين 25 إلى 30 % تقريباً من إجمالي التدفقات السياحية للدولة، للاستفادة من الطلب القوي الإضافي، المتوقع من هذه الأسواق خلال موسم الشتاء المقبل، في ظل تزايد مخاوف نقص إمدادات الغاز والتدفئة في المنازل بسبب التوترات الجيوسياسية، والتي قد تدفع عدداً كبيراً من الأوربيين لقضاء عطلات الشتاء خارج أوروبا، بحسب خبراء سياحيين ومقيمين من الجنسيات الأوروبية.
حجوزات التذاكر
وتظهر بيانات «سكاي سكانر»، المنصة الإلكترونية المتخصصة عالمياً في مجال حجوزات السفر، تصدر 5 دول أوروبية قائمة أكبر 10 دول في حجوزات تذاكر الطيران على الدرجة الاقتصادية للرحلات القادمة إلى دولة الإمارات خلال شهري نوفمبر وديسمبر المقبلين، تصدرتها المملكة المتحدة وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا، فيما جاءت الولايات المتحدة الأميركية في المرتبة الخامسة، تلتها كوريا الجنوبية والبرازيل وأستراليا، ثم إسرائيل في المرتبة التاسعة، وفرنسا في المرتبة العاشرة.
ووفقاً للبيانات التي حصلت عليها «الاتحاد»، ارتفعت حجوزات تذاكر الطيران على الدرجة الاقتصادية للرحلات القادمة من الأسواق الأوروبية إلى مطارات الدولة في نوفمبر وديسمبر المقبلين والتي تم إجراؤها في أغسطس الماضي بنسبة 72% مقارنة مع حجوزات الشهر الذي سبقه يوليو 2022.
إقامات طويلة
وقال هيثم مطر، رئيس مجموعة فنادق ومنتجعات إنتركونتيننتال في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا والهند، لـ«الاتحاد»: نرى زيادة كبيرة في الطلب على الإقامة بفنادق المجموعة بالإمارات خلال فصل الشتاء من الأسواق الأوروبية بنسبة تصل إلى 20%، وخاصة من بريطانيا وألمانيا، فضلاً عن السوق الروسي.
وأضاف مطر: «يركز الطلب من العائلات من هذه الأسواق على الإقامات بالشقق الفندقية لفترات تصل إلى 30 يوماً»، موضحاً أن الطلب في تزايد مستمر رغم التضخم الذي يسود العالم وارتفاع أسعار الطيران والإقامة، فمؤشرات الربع الأخير من هذا العام ممتازة خاصة مع الزيادة المتوقعة خلال فترة كأس العالم قطر 2022، التي تتزامن مع ذروة الموسم السياحي في الإمارات التي تشكل وجهة شتوية رئيسية للعديد من الأسواق الدولية.
ذروة سياحية
قال محمد خوري، المدير العام ل«جولدن ساندز» للشقق الفندقية، إن القطاع السياحي في دولة الإمارات على أعتاب ذروة سياحية استثنائية خلال موسم السياحة الشتوية، في ظل المؤشرات القوية على الحجوزات وارتفاع الطلب من العديد من الأسواق الخارجية وخاصة الأسواق الأوروبية.
وأشار خوري إلى أن الأوضاع الجيوسياسية والجيو اقتصادية التي يشهدها العالم حالياً، تدفع باتجاه تحولات ملحوظة في خريطة الأسواق السياحية وبروز شرائح سياحية جديدة لدى العديد من الأسواق حول العالم وخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة التي تشكل وجهة رئيسية للسياح من مختلف الأسواق، لما تتمتع به من أجواء آمنة وشتاء هو الأفضل في العالم وما توفره من خدمات راقية وخيارات متنوعة أمام السياح.
وأوضح خوري أن المؤشرات الأولية تعكس تزايداً مستمراً في الطلب من الأسواق الأوربية خاصة خلال فترة الشتاء المقبل في ظل المخاوف بحدوث نقص في إمدادات الغاز وتأثير ذلك على التدفئة في المنازل، فضلاً عن مستويات التضخم المرتفعة، متوقعاً أن تصل نسبة الإشغال بالمنشآت الفندقية للمجموعة والتي تصل طاقتها الإجمالية إلى أكثر من 1100 شقة وغرفة فندقية، لأكثر من 90% خلال الشتاء، وذلك بسبب إلى الروافد الجديدة في الحركة سواء على صعيد العائلات الأوروبية أو المستثمرين الذين يتوافدون على دبي بأعداد كبيرة منذ بداية العام، فضلاً عن النزلاء من موظفي الشركات من أوروبا والهند الذين يفضلون الإقامة في الشقق الفندقية، والمشجعين القادمين للإقامة في دبي لمتابعة كأس العالم في قطر.
موسم واعد
في السياق ذاته، توقع نادر غوشة، مدير عام منتجع ريو في دبي، أن تتجاوز مستويات الإشغال الفندقي خلال موسم الشتاء المعدلات القوية في العام الماضي والتي استفادت بشكل كبير من «إكسبو 2020 دبي» والطلب المرتفع على الإمارات، مشيراً إلى أن الحجوزات الفعلية حتى شهر سبتمبر الجاري ضعف الحجوزات المسجلة في الفترة ذاتها من العام الماضي، الأمر الذي يبشر بموسم سياحي استثنائي في الإمارات.
وتوقع غوشة ارتفاع الطلب القادم من الأسواق الأوربية إلى دولة الإمارات خلال موسم الشتاء المقبل بشكل ملحوظ نتيجة المخاوف من نقص الطاقة وارتفاع الأسعار، حيث تشكل الإمارات وجهة مهمة للأوروبيين خلال الشتاء والاختيار الأفضل للعائلات والأسر لقضاء العطلات والأعياد، وذلك بالتزامن مع الإقبال المتوقع من قبل المشجعين للفرق الأوربية المشاركة في كأس العالم بقطر.
استقطاب العائلات
تؤكد إيلينا جرامتيكا، وهي إيطالية مقيمة في دبي منذ سنوات عدة، أن هناك اهتماماً متزايداً لاحظته في الفترة الأخيرة من قبل عائلات أوروبية بالقدوم إلى دولة الإمارات خلال موسم الشتاء المقبل، واعتبارها الخيار المفضل لقضاء عطلة هادئة وآمنة خاصة مع تزايد المخاوف من حدوث نقص في إمدادات الغاز وما يتبعه من تحديات تتعلق بعمليات تدفئة المنازل.
وأوضحت جرامتيكا أنه رغم ارتفاع تكاليف السفر والإقامة، فإن العائلات والأفراد الذين تتوافر لديهم القدرة على تحمل هذه النفقات والإقامة لفترات طويلة، يضعون الإمارات في مقدمة الوجهات الأكثر تفضيلاً ليس فقط للإقامة بها ولكن أيضاً للتقاعد بها، للتمتع بما توفره الإمارات من أعلى مستويات الأمن والأمان والرفاهية في الخدمات وتعدد الخيارات والأنشطة السياحية أمام الزوار.
وأشارت إلينا كذلك إلى أن لديها كثيراً من أصدقائها المقيمين في دبي يتجهون لاستقبال أسرهم وخاصة الوالدين لقضاء عطلات الشتاء معهم، والبقاء لمدة قد تصل إلى 3 أشهر، موضحة أن ذلك الأمر كان يحدث في السابق لكنهم يشعرون أكثر بأهميته خلال هذه الفترة.
انتعاش الفنادق
وقال باتريك انطاكي الرئيس التنفيذي للعمليات في مجموعة إدارة الضيافة القابضة «إتش إم إتش»، إن مؤشرات الحجوزات الفندقية، خلال موسم الشتاء، إيجابية جداً من مختلف الأسواق، وخاصة الأسواق الأوروبية خلال فترة العطلات والأعياد، حيث تعتبر الإمارات وجهة مهمة للسياح الأوربيين خلال الشتاء.
وتوقع أنطاكي أن يتزايد الطلب خلال ذروة الموسم على فنادق المدينة لمستويات أفضل من السنوات المقبلة، حيث ستشكل الخيار المناسب لميزانيات أعداد كبيرة من السياح القادمين لدبي ودولة الإمارات بوجه عام خلال الموسم، بالنظر إلى الارتفاع المتوقع بأسعار الفنادق الشاطئية، وأيضاً لطول مدد الإقامة المتوقعة.
طلبات مبكرة
واتفق مدحت برسوم مدير عام فندق كابيول دبي، مع ما طرحه أنطاكي في استفادة فنادق المدينة من الطلب القوي المتوقع خلال الشتاء، لارتفاع أسعار الإقامة بالفنادق والمنتجعات الشاطئية خلال هذه الفترة ولقرب فنادق المدينة من المراكز التجارية، مشيراً إلى أن مدد الإقامة تصل إلى 4 ليالٍ في المتوسط. وأوضح برسوم أن فندقه بدأ منذ فترة تلقي طلبات من وكالات سياحية في الأسواق الأوروبية وخاصة من أسواق دول أوروبا الشرقية والأسواق الاسكندنافية، مثل فنلندا لحجوزات مؤكدة لمجموعات سياحية تبدأ من منتصف أكتوبر وحتى شهر أبريل من العام المقبل. وأرجع برسوم الارتفاع في الطلب خلال الموسم الشتوي، من الأسواق الأوروبية التي تشمل أوروبا الغربية وأسواق روسيا ودول رابطة الدول المستقلة وأوروبا الشرقية، إلى المكانة السياحية العالية التي تتمتع بها دولة الإمارات في هذه الأسواق.
حجوزات قوية
ويشير أيوب المأمون خبير السفر في «سكاي سكانر»، إلى تسارع وتيرة عودة حجوزات السفر إلى مستويات ما قبل «الجائحة» خلال المواسم المختلفة، وحرص المسافرين على تحقيق الاستفادة القصوى من الخيارات التي توفرها الوجهات السياحية الرئيسية، بعد فترة طويلة من الإغلاق وقيود السفر. ويقول المأمون: «شهدت منصة (سكاي سكانر)، زيادة الحجوزات العالمية لشهري نوفمبر وديسمبر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 83% في أغسطس الماضي مقارنة بالشهر السابق حيث يتطلع المسافرون إلى الإمارات كوجهة شتوية مفضلة لقضاء العطلات الشتوية وأيضاً متابعة كأس العالم».
حجوزات مرتفعة
قال غاي هاتشينسون الرئيس والمدير التنفيذي لشركة روتانا لإدارة الفنادق: «نحن نستقبل حجوزات عالية للإقامة بفنادقنا في الإمارات خلال الفترة المقبلة من الموسم السياحي من كافة أنحاء العالم، وتحديداً من المملكة المتحدة، وفرنسا، والسعودية، فضلاً عن زيادة ملحوظة في الحجوزات من جانب الأسواق الواعدة من أميركا اللاتينية والبرازيل والمكسيك».
بدوره، قال جون رياض، مدير عام منتجع هامبتون باي هيلتون جزيرة المرجان في رأس الخيمة: «نحن نتوقع نسب إشغال مرتفعة خلال الموسم السياحي الشتوي المقبل مع بداية اعتدال حرارة الطقس، ونستقبل الحجوزات من كافة أنحاء العالم، وخاصة من أوروبا بعد انحسار (الجائحة)».
وفي السياق ذاته، قال جان هاناك، المدير الإداري في مجموعة فنادق راديسون بلو الإمارات والبحرين وعمان وقطر: «سوف يكون الربع الأخير من العام الجاري مزدحماً للغاية بتدفق المسافرين القادمين من جميع أنحاء العالم إلى المنطقة للاستمتاع بالطقس اللطيف وحضور الحدث العالمي المتمثل بكأس العالم الذي طال انتظاره. نتوقع إشغالاً كبيراً للغاية في جميع فنادقنا في الإمارات العربية المتحدة مع المسافرين القادمين من أوروبا وبقية دول الشرق الأوسط. وحقيقة سوف تشهد المنطقة والإمارات تحديداً زيادة في تدفق السياح من أوروبا الذين يفضلون اكتشاف وجهات جديدة للاستجمام بعد عودة حركة السفر إلى طبيعتها».
