السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الإعلام الثقافي خطاب عميق يصوغ وجدان الشعوب

الإعلام الثقافي خطاب عميق يصوغ وجدان الشعوب
15 يونيو 2020 01:21

محمد عبدالسميع (الشارقة)

في ظروف الأزمات والكوارث الطبيعية، والتحديات التي تواجهها الأمم والدول والشعوب، يبرز دور الإعلام الثقافي كوسيط بين المجتمع ورؤية الدولة أو خطابها، خاصةً النخب الفكرية والأدبيّة والفنية، ليصل هذا الخطاب إلى «الناس»، على أنّ الإعلام الثقافي هو من الخطورة والأهميّة بمكان، لأنّه يركّز على ذهنية المتلقي ونفسيّته، وفي حالتنا مع «كورونا» تتأكّد حيوية هذا الخطاب وضرورته، فكم من رواية غيّرت من نفسيات الشعوب، وكم من قصيدة أو أغنية أو اسكتش مسرحي ناقد خلق حالةً من ألوان الفرح، بدلاً من أفكار سوداويّة يحملها الخطاب المظلم، الذي يستغلّ حتى ما تفرزه الطبيعة في مخاضاتها المفاجئة من آلام.

تعزيز الصمود
يعتقد الإعلامي عبدالله عبدالرحمن، الباحث بدار الكتب- دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، أنّ ما تفرزه لنا الأزمة من هذه الحاجة العميقة لاستعادة دور الثقافة الفاعل الإيجابي في شد وتقوية النسيج الاجتماعي، إنما يتطلب قنوات اتصال مفتوحة متسامية على الفوارق، ونقاط الافتراق بين مجتمع المثقفين ومجتمع المبدعين الشباب، لتعزيز الصمود المبني على الثقة بالمنظومة القيمية، والمرتكز على عمقٍ ثقافي واع.
ويرى أنّ معايير تقييم الأعمال والإبداعات الثقافية ونطاق المتابعة للمشهد الثقافي يحتم علينا النظر بتجرد، وتقبل وجود فنون وأساليب تعبير جديدة تتساوى في أهميتها وتأثيرها مع ساحات إبداعنا التقليدية في تماس بشكل أكبر للوعي المجتمعي العام.

التثقيف الإبداعي
وتؤكّد صالحة غابش، مديرة المكتب الثقافي والإعلامي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، أنّ الثقافة جزء من مكونات المجتمع، وهي التي تسجل التاريخ والحاضر والمستقبل، موضحةً أنها ستلعب دورها من خلال مرحلتين: أولاهما المرحلة الحالية التي نعيشها الآن، والتي يقوم فيها الإعلام بعمليات التثقيف المستمرة بماهية هذا الشيء والتدابير التي يجب أن يتخذها الإنسان حتى يحمي نفسه، وهو الجزء المهم.
أمّا المرحلة الإبداعية الثانية فستأتي بعد انحسار الجائحة، إذ يمكن أن تتحول إلى نص إبداعي في المسرح أو السينما أو المجموعة القصصية. 

السلوك المجتمعي
ينطلق محمد القصير، مدير إدارة الشؤون الثقافية بدائرة الثقافة في الشارقة، من أنّ الإعلام الثقافي له أكبر الأثر في قراءة الجانب الإبداعي والمعرفي، وتناول السلوك المجتمعي من جانب أدبي أو فنّي، خاصةً في أوقات الأزمات، كحالة من الإعلام الوطني الشامل وآليات عمل الدولة أو خطابها الإعلامي المتكامل، وفي صدارته الإعلام الثقافي.
ويقول القصير: إنّ السلاسة التي يتمتع بها الإعلام الثقافي بالتكامل مع الألوان الإعلامية الأخرى، تجعله قريباً جداً من الناس على اختلاف أو تنوّع تلقيهم للهدف الثقافي، فوسائل هذا الإعلام بين القصة والرواية والشعر والنص المسرحي والفن التشكيلي والموسيقى والسينما وغير ذلك من الحقول الأدبية والفنية، التي تخاطب النفس الإنسانية مباشرة لقرب البشر من هذه الحقول.
ويؤكّد القصير، أنّ الإعلام الثقافي مهم كرؤية للدول تجاه مواطنيها لإسعادهم، وأيضاً لكي تبث قيم الفرح والأمل والتصميم في هذه الحياة.

الوجدان الشعبي
يرى الشاعر والناقد المصري يسري حسان، سكرتير تحرير جريدة المساء، أنّ الإعلام الثقافي والإبداع معاً يشكلان متنفساً للمثقفين والكتاب والأدباء والمفكرين والناس على عموم مستوياتهم الثقافية، لقراءة الوجدان الشعبي، عبر أرشيف إبداعي مهم وغني في استجابة الآداب والفنون لأزمة كورونا، عبر وسيط الإعلام الثقافي، ولأنّ من يتأمل العالم الآن، ويدرك خطورة الوضع وتداعياته المؤلمة على البشرية كلها لا شك يحتاج وقتاً للتفكير والتأمل حتى يستطيع هضم ما يعيشه العالم، وهنا تتبدى الأخلاق الحقيقية للبشر، من منظور الإعلام الثقافي الإبداعي تحديداً، وهو ما يذكرنا برواية مثل «العمى» للبرتغالي ساراماجو على سبيل المثال.
ويؤكّد علي الجنابي، نائب رئيس تحرير مجلة «عيون» الثقافية العراقية، ورئيس تحرير مجلة «القائد»، أنّ للإعلام الثقافي دوراً بارزاً في توعية المجتمع وتثقيفه، وإيصال المعلومات اللازمة له في ظلّ الأزمات، داعياً إلى استثمار الوسيلة الإعلامية بشكل جيد ومبرمج، واستخدام بعض الوصلات الغنائية أو التمثيلية القصيرة التي تعتمد اللهجة الشعبية، وكذلك المساهمة في عقد اللقاءات والجلسات والندوات الاستشارية أو المهنية المختصة، ويقول: إن «كورونا» أطلقت العنان لرفد الساحة الثقافية بالعديد من الأعمال الإبداعية على الصعيد الفني والأدبي؛ مجاراةً للأزمة، للتخفيف عن الناس، ولبثّ الوعي الفكري أمام الأصداء النفسية للناس.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©