عدد اليوم
نوف الموسى (دبي)
شهدت العلاقات الثقافية بين دولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة الكويت الشقيقة، مراحل استثنائية عبر التاريخ الممتد لدول الخليج العربي، تلك العلاقات التي انطلقت بمنهجية علمية عام 1953، بإرسال دولة الكويت لأول بعثة تعليمية لإمارة الشارقة، إيماناً بالدور التعليمي، وما يقدمه من تعميق للعلاقة الثنائية بين البلدين، وبما يحقق المصالح المشتركة، التي نتج عنها افتتاح «مكتب الكويت في دبي» في عام 1963، والذي ساهم بفاعلية في الحراك التعليمي وقتها، وتبعه افتتاح «تلفزيون الكويت بدبي» في عام 1969، وألقى الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، طيب الله ثراه، وكان وزير خارجية دولة الكويت آنذاك، كلمة بالمناسبة، مؤكداً ما يجمع دولة الإمارات ودولة الكويت، من وحدة التاريخ والمصير المشترك.
التعاون الثقافي
وانطلقت بذلك مسيرة متواصلة من البناء الاستراتيجي والاتفاقيات المتبادلة، بعد قيام اتحاد الإمارات في عام 1971، أرسى دعائمها المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، طيب الله ثراه، تضمنت تبادل الزيارات بهدف تطوير مجالات التعاون في شتى المجالات، واستمرت في عهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله»، والراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أبرزها إنشاء اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين دولة الكويت ودولة الإمارات لتنمية العلاقات وتطوير التعاون بين البلدين الموقعة في مدينة الكويت في عام 2007، وعقدت اجتماعات الدورة الأولى للجنة في العاصمة أبوظبي عام 2008. وجاء محور التعاون الثقافي، في الدورة الثالثة للجنة، وتضمن برنامجاً تنفيذياً للتعاون في مجال المكتبات والثقافة والفنون بين دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت، من 2014 إلى 2017.
حماية التراث
ومن بين أهم مجالات التعاون الرئيسية في دعم القطاع الثقافي بين البلدين، مشاركة وحضور الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، لمؤتمر «الحفاظ على التراث الثقافي المهدد بالخطر» والذي عُقد في العاصمة أبوظبي في عام 2016، وأكدت فيه جميع الأطراف الحاضرة والموقعة على «إعلان أبوظبي» التزامها بإنشاء صندوق دولي لحماية التراث الثقافي المعرض للخطر في أوقات النزاع المسلح.
الاحتفاء بالثقافة الكويتية
وقد احتفت دولة الإمارات على الدوام بالمنجزات الثقافية الكويتية، ومن ذلك مشاركة وحضور الدولة لتدشين مركز عبدالله السالم الثقافي في عام 2018، إضافة إلى احتضان متحف الشارقة للآثار بإشراف هيئة الشارقة للمتاحف، بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت، في ديسمبر 2019، لمعرض «روائع الآثار في دولة الكويت»، الذي ضم مجموعة نادرة من القطع الأثرية المكتشفة في عدد من المواقع الأثرية في الكويت، ويعود تاريخها إلى الفترة الممتدة بين الألف السادسة قبل الميلاد وحتى نهاية القرن الأول الميلادي.
كويت السلام - إمارات الوفاء
وجاءت فعاليات مهرجان «كويت السلام - إمارات الوفاء» عام 2015، برعاية وتنظيم هيئة دبي للثقافة والفنون، بالتعاون مع القنصلية العامة لدولة الكويت في دبي، انطلاقاً من روح العلاقات الأخوية الوطيدة التي تربط البلدين وامتدادهما الثقافي الواحد وروابط الدم المشتركة بينهما، وتضمنت ندوات ناقشت أثر مناهج الكويت التعليمية على دولة الإمارات، إلى جانب أن «دبي للثقافة» استضافت «البيت الكويتي» في معرض سكة الفني 2019، الذي يسلط الضوء على المواهب الفنية والفنانين من دولة الكويت الشقيقة، من خلال عرض ما يقرب من خمسين عملاً فنياً لثلاثين فناناً وفنانة من دولة الكويت.
يوم الإمارات الثقافي
وفي المقابل، نظمت دولة الكويت، العديد من الفعاليات الثقافية والمهرجانات التي شاركت فيها دولة الإمارات، باعتبارها ضيف شرف، ومن بينها مهرجان «القرين» الثقافي، في دورته الـ16، وتضمنت الفعاليات ندوة تناولت «الجذور التاريخية للعلاقات الثقافية بين الإمارات والكويت والمشهد الثقافي في الإمارات». وبالشراكة مع وزارة الثقافة والشباب ومركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافي، نظمت منصة كلمات للثقافة والإبداع في الكويت، فعاليات «يوم الإمارات الثقافي» في فبراير 2020. وتضمن البرنامج ندوة حوارية بعنوان «المرأة حاضنة للثقافة» بمشاركة الدكتورة رفيعة غباش، وتمحورت الندوة حول دور المرأة في الثقافة بشكل عام على المستويين العربي والإنساني، والدور الريادي للمرأة الإماراتية في احتضان الجهد الثقافي الوطني والمجتمعي.
التاريخ الثقافي المشترك
وفي معرض الكويت الدولي للكتاب لعام 2019، جاءت ندوة «التاريخ الثقافي المشترك بين الكويت والإمارات العربية المتحدة» عنواناً نوعياً شارك فيه كل من الكاتب والروائي ناصر الظاهري والكاتب والروائي سلطان العميمي، وكان من اللافت المعرفة النقاشية التي تثريها مثل هذه اللقاءات، كحديث الظاهري عن البيئة الكويتية بقوله: «دخلت البيئة الكويتية في نسيج يومي، وتعرفت بعد ذلك على زكي طليمات الذي جاء إلى الإمارات لتنشيط المسرح بعد أن أنهى مهمته المسرحية في الكويت، والدكتور إبراهيم جلال الذي جاء لدعم الحركة المسرحية، ثم كان قدوم المخرج الكويتي الراحل صقر الرشود»، بينما ارتحل العميمي إلى أثر دولة الكويت على شعراء النبط بالإمارات في فترة الخمسينيات والستينيات، ومن بينهم الشاعر الإماراتي سالم الجمري الذي عاش فترة من حياته في الكويت.
مرتكزان للعلاقات
أوضح بلال البدور، رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم بدبي، وصاحب كتاب «الجذور التاريخية للعلاقات الثقافية بين الإمارات والكويت»، في حديثه لـ«الاتحاد»، أن العلاقات الثقافية بين دولة الإمارات ودولة الكويت الشقيقة، تعتمد على مرتكزين أساسيين هما: «التعليم» و«الإعلام»، فالكويت كان لها جهد كبير من حيث استضافة أبناء الإمارات للعمل في شركاتها ومؤسساتها، فترة ما بعد اكتشاف النفط، كما ذهب أبناء الإمارات للكويت للدراسة. وبافتتاح تلفزيون الكويت بدبي، انطلق تأسيس منهجي للكوادر الإعلامية، نشأ عنه متخصصون في مجال الإعلام، يتحملون مسؤولية تقديم الإعلام بشكل راقٍ ومؤثر. ويذكر بلال البدور الدور الجوهري للمرحوم الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، من خلال التقائه بالمؤسسين وحكام دولة الإمارات، وسعيه إلى تقريب وجهات النظر، لقيام الاتحاد، وجميعها جهود مشتركة أثمرت علاقة متميزة بين دولة الإمارات ودولة الكويت الشقيقة.
«صباح الإنسانية»
مثل «صباح الإنسانية» عنواناً لفعاليات ثقافية إماراتية، أقيمت في عام 2014 بمناسبة حصول الراحل الشيخ صباح الأحمد على لقب «قائد للعمل الإنساني» من قبل منظمة الأمم المتحدة لجهوده المباركة في المجال الإنساني والإغاثي والأعمال الخيرية التي قدمها، وتسمية دولة الكويت «مركزاً للعمل الإنساني»، وذلك تأكيداً على عمق وتجذر العلاقات المميزة بين الإمارات والكويت، وتضمنت الفعاليات ندوات وأمسيات شعرية وفنوناً شعبية.
موقف يجسد عمق العلاقة
في موقف يجسد عمق العلاقة بين البلدين، جاءت تغريدة أول رائد فضاء إماراتي هزاع المنصوري، مهنئاً فيها الكويت بأعيادها الوطنية، عبر نشر صورة للكويت من الفضاء كان قد التقطها خلال مهمته في محطة الفضاء الدولية، في سبتمبر 2019. وقال المنصوري: «أهنئ الأشقاء في دولة الكويت قيادةً وشعباً بمناسبة اليوم الوطني الكويتي الـ59، سائلين الله أن يديم على الكويت الحبيبة الخير والأمان والسلام».
