الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أدب الأطفال.. رسم بالفرشاة والكلمات

أدب الأطفال.. رسم بالفرشاة والكلمات
28 أكتوبر 2020 01:26

فاطمة عطفة (أبوظبي)

تنمية ثقافة الطفل تأتي ضمن مشروع الإمارات من خلال تطور التعليم وفنون الموسيقا والرسم، حيث واكبت حركة النشر الأدبي حركة سابقة في الكتابة للطفل والنشء الجديد الذي يتطلب أيضاً الإبداع بفنون الرسم المخصصة للأطفال التي ترافق الكلمة المكتوبة، حيث يتم التعبير بالكلمة والصورة المعبرة، بما يغني النص المكتوب، ويثير خيال الطفل للربط بين الصورة والكلمة. ومن خلال هذا التحقيق، نتعرف على عدد من وجهات النظر حول أهمية تزاوج الكلمة والصورة واللوحة في أدب الأطفال.

بدايةً، تقول د. فاطمة حمد المزروعي، التي أسست مكتبة ودار «حكايات للكتب والقرطاسية»، وتصدر عنها كتب وقصص، وتضم ألعاباً تعليمية معززة بالهوية الإماراتية: إذا كانوا يقولون الصورة بألف كلمة، فإنها لدى الطفل عالم موازٍ للقصة، فهي نص بصري مهم وليس مضافاً زائداً، بل هو مكمل وفاعل، لأن الطفل بطبيعته يدقق في الرسم، ليقارنه بالنص المكتوب، في أدق تفاصيله. 
وتذكر د.المزروعي أن ابنها عندما كان يقرأ قصة مصورة يتوقف قائلاً: أين الحفرة؟ لماذا لم يرسموها؟ وتلفت النظر إلى أن نباهته وملاحظته مهمة جداً، لذلك على الرسام أن يقرأ القصة جيداً، عليه أن يتخيلها بعيون الطفولة واهتماماتها، كي يحبها الطفل، خاصة مع غلاف مميز يحفزه على اختيار القصة وقراءتها. وتضيف د. المزروعي قائلة: بالنسبة لي، هناك خطان في قصصي، قصص عربية وقصص إماراتية، فالأولى يرسمها رسامون عرب، وأما الأخرى فيرسمها رسامون خليجيون؛ حتى تبرز الهوية والمكونات الثقافية والاجتماعية في الرسم، مبينة أن اختيار الرسامين لرسم قصصها أمر مهم، وتؤكد أنها تفضل الرسام الذي يحمل بصمة خاصة له في كل قصة، حيث يظهر طاقاته وخياله، في حين يستسهل بعض الرسامين الأمر. ومن خلال تجربتها توضح قائلة: هناك من لديهم شخصيات محدودة، يكررونها دوماً، بالأسلوب ذاته كل مرة. لا أفضل طريقة واحدة في رسم القصص كلها، أو نوعاً واحداً من الرسم، لأن الخصوصية الثقافية مهمة، مع الاستفادة مما لدى الثقافات الأخرى، دون نسخ تجربتها وشخصياتها وعوالمها كما هي. وتختم بقولها: أقضي وقتاً في مراجعة رسومات قصصي، العلاقة بين مقاسات رسم الشخصيات والبيئة المحيطة بها، كما أنتبه للألوان ودرجاتها ومدى تعبيرها عن الأحداث.

إبداع بصري
تقول الفنانة البحرينية فاطمة البستاني: الرسم في قصص الأطفال يجعل الكلمة تنبض بالحياة من خلال الإبداع البصري، وهذا يعطي الطفل فرصة خيالية وملهمة عند قراءة النص. ورسومات قصص الأطفال خاصةً، تعتبر جسراً بصرياً إبداعياً يساعد الطفل في تخيل أحداث النص عند القراءة، سواء كانت قصة ما قبل النوم فيها ألوان هادئة معبرة عن هدوء الليل بشخصياتها المختلفة، أو قصة تحفيزية وتعليمية تجد الألوان والأشكال لها طابعاً حيوياً. 
وتتابع البستاني، موضحةً أن الرسم في مختلف تقنياته، سواء كانت رقمية «ديجيتال» أو رسماً يدوياً في قصص الأطفال، يساعد الطفل في تحليل وتخيل ما يحاول المؤلف أن يعبر به للطفل. الرسم يؤثر على تعلم الطفل في الجانب الفني، حيث تترسخ الشخصيات والأشكال والألوان في ذهنه بعد قراءة القصة، وتجده يحاول أن ينسخ ما رأته عيناه في وقت الرسم. 
وتضيف الفنانة البستاني، قائلة: الأطفال لديهم قدرات مختلفة في فهم النصوص والكلمات، والبعض منهم يواجه صعوبة في الكلمات، ولذلك يبحثون عن وسيلة بصرية في الكتب تساعدهم على تصور الشخصية والمشهد والفكرة الكامنة وراء النص الأدبي، وترى أن الألوان والأشكال المرحة تجتذب نظر الطفل عادة وتثير خياله، ولذلك نجد مختلف التقنيات مفيدة في القصص، من رسم الشخصية إلى طريقة التلوين، فالأسلوب المختلف يخلق هذا الاهتمام ويثير فضوله في القراءة.
أما الكاتبة والناشرة رانيا زغير «دار الخياط الصغير»، فتشير إلى أهمية العلاقة بين الكلمة والصورة في كتب الأطفال والناشئة، وتقول: أنا أرسم بكلماتي، والرسام يكتب برسومه. علينا أن ننتقل من البصري الذي «يترجم» النص المعطى للرسام من خلال النظر في الاحتمالات البنيوية، لمنهجية مقترحة للمشاركة بفعالية في عملية الإبداع التي تقوم عليها صناعة كتب الأطفال. وتضيف موضحة: لطالما تساءلت، ككاتبة وناشرة ومحرضة على كتب الأطفال والمطالعة العامة، عن العلاقة ما بين المعاني المنقولة من النصوص إلى الرسوم، مشيرة إلى أنها كانت وما زالت مهتمة باستراتيجيات السرد البصري والمقروء.
وترى زغير أن الواقع في معظم البلدان العربية، أنه نادراً ما يتم التعامل مع الرسامين كجزء من عملية التأليف في كتب الأطفال. ولذلك تجد نفسها دائماً في موقع الجدال مع الزملاء والأكاديميين حول الإشكالية المتعلقة بالتواصل البصري بسبب الجهل بالاختصاص، وأيضاً بسبب إصرار المؤلف على عدم تعديل النص وفقاً للرسوم. وهي ترى في المقابل أن لدى الرسامين إحباطاً، لأن عليهم أن يبدعوا انطلاقاً من نص جاهز.
وتتساءل الكاتبة رانيا زغير في الختام: لماذا لا يستطيع الرسام أن يتفلت من الترجمة الحرفية لنص المؤلف؟ لماذا لا يكون مؤلفاً آخر للنص، انطلاقاً من رؤيته الخاصة للقصة؟

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©