الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

د. عبدالله الغذامي يكتب: آدم قودز/لاعب الهوية

د. عبدالله الغذامي يكتب: آدم قودز/لاعب الهوية
15 مايو 2021 00:14

آدم قوديز لاعب أسترالي ومن نجوم الرياضة في أستراليا، وقد تعرض مرة من بعد هزيمة لفريقه لصراخ الجماهير بكلمات عنصرية تمس أصوله، وهو من للمواطنين الأستراليين الأصليين، ولون بشرته هو لون الأرض والعرق الأصلي، ولذا أصبح لونه علامة فارقة ليس في مصلحته ولا مصلحة معانيه، ولكنها علامة تجعله أقل قيمة من المستعمر الأبيض الذي احتل الأرض وغير هويتها ولغتها ومعناها، وجعل أهلها الأقل وهو الأعلى والأقوى وصاحب المعنى والقيمة، ومن بين من أطلق الشتائم على قوديز فتاة عمرها 13 سنة رفعت صوتها ضده ورد عليها اللاعب بردود عنيفة، فتعرض بسبب ردوده لحملة إعلامية لتنمره على طفلة، وما كان منه، إلا أن هاتف الفتاة وأختها وناقش معهما الحدث، وتبين أن الفتاتين لا تعرفان معاني الكلمات التي رفعتا أصواتهما بها، وأنهما فحسب كانتا تقلدان صرخات الجمهور في الملعب، وحين شرح لهما الأمر ندمتا واعتذرتا منه بعد أن روى لهما الألم الذي تحدثه له هذه الكلمات العنصرية.
هنا نعرف مقدار خطورة اللغة التي قال عنها هولدن: اللغة أخطر النعم، وقد روى قوديز قصته وما فعلت به صرخات الجماهير في الملعب، وهي الممارسة التي تعودت عليها الملاعب في بلاد العالم، حيث يعبرون عن ردود فعلهم على حال اللعب ويظهرون غضبهم عبر سلاح اللغة الذي يتحول إلى قذائف قاتلة أشد من قتل القنابل الفعلية، بما تتركه من وجع معنوي عميق روى قوديز طرفاً منه، حيث ظل يتقلب على فراشه بالليل وينفجر بالبكاء ليس على حاله فحسب، بل على مصير ابنته التي ستمر بهذا الألم حتماً، بما أن وجهها يحمل هويتها ويكشف أصولها رغم أن هذه الأصول هي الأصول الأسترالية الحقيقية قبل أن يدخل المستعمر عليها لا ليحتل الأرض فحسب، ولكن ليحتل ذاكرة الأرض ويغير مسارها، ويجعل الأصلي نشازاً ومنقصة ثقافية تلاحق حامل هويتها لشخص تنبذه اللغة وتطرده من معانيها وتحاصره بأسوأ الصفات والتصنيفات وتقلب سلامه النفسي لحروب نفسية، وأمانه لخوف يلاحق ظله كلما التفت أحد إليه، ثم شاح بوجهه عنه وكأنه يطرده من فضائه البصري.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©