محمود إسماعيل بدر (عمّان)
النّاقدة الأدبية والروائية اللبنانية المقيمة ما بين بيروت وعمّان ناتالي غريب، كتابها الأول «القلق الوجودي في شعر ميشال الحايك» 2013، صاحبة قدرة هائلة على تطويع ذائقة الكتابة الأدبيّة، بين الرواية والنقد الأكاديمي وكتابة نصوص سرديّة شذرية ذات نفس صوفي، تتأمّل طبيعة الحياة اليومية، في ما يتعلّق منها بأشياء وتصوّرات ميتافيزيقية في الأساس، وتقول: «ارتبط اسمي بكتابي الأول، الذي حصلت من خلاله على درجة الماجستير، كون الحايك كان عالماً جريئاً وبليغاً على مستوى كتبه العديدة في الأدب والشعر وحوار الأديان، ورؤيته الكونية إلى العالم، وموقفه من الحياة والغربة، وصولاً لرؤيته لما بعد الموت».
ناتالي غريب، صاحبة مشروع أدبي نوعي، جعلها تشتغل على التراث الصوفي في دراساتها النقدية لنماذج من الشّعر العربي، وقد صدر لها على سبيل المثال «أزاهير العبث، المقامات الصوفية في شعر ربيعة أبي فاضل، العابرون، الطريق الرابع، وحين تعشق العقول»، وينعكس هذا الفضاء بشكل أو بآخر على رواياتها وعن ذلك تقول: «الحكاية في أي رواية أكتبها تستعير توهجها انطلاقاً من اللغة وما ترسمه من ظلال في مخيلة القارئ عبر تأملات وجودية، وهي بالمناسبة بمثابة وقفات»، فهذه التأملات الوجدانية الساحرة في تقديري هي من يكمل صورة القص والحكي، وبناء تنويعات من الشخصيات، لأنك تتأمل طبيعة الأفراد وعلاقتهم بالوجود، لأن منطلقاتها ليست فلسفية، إنما حسّية ووجدانية ورومانسية إلى أبعد حدود».
في معرض ردها على سؤال حول روايتها «حين تعشق العقول»، توضح أنها عمل صوفي يتماهى مع رواية «قواعد العشق الأربعون» للتركية إليف شافاق، وتضيف: «لا شكّ في أنّ قراءاتي في التصوّف، جعلتني أراه على أنّه يشكّل درب الخلاص بطريقة ما، من ناحية الانفتاح على الجوهر الإنساني بالإيمان والعدالة الإلهيّة، وإيماناً بالجوهر الواحد الذي ينطلق منه مهب وحدة الأديان، إذا كانت إليف شافاق اعتمدت على سيرة حياة جلال الدين الرومي، لإظهار الحقيقة الصوفية، فإني آثرت أن يكون تصويري للحقيقة الصوفية من باب واقع الإنسان المعاش عند الناس العاديين في ارتقائهم إلى هذا الفكر.. باختصار أنا أنظر إلى العالم من خلال أزماته وجنونه، وأرى أن زمن «كورونا» سيصنع أدباً جديداً، هو أدب الروحانيات نحو كتابات هادئة متأنية عن السلام والمحبة الكونية».